المحتوى الرئيسى

لماذا يصعب على الكبار سماع الآخرين في الأماكن المليئة بالضجيج؟

12/16 00:47

"لم أسمع، هل يمكنك أن تعيد ذلك؟" عندما تتكلم مع كبار السن في العائلة أيام الأعياد، قد تحتاج إلى أن تكرر كلامك مرتين، وقد لا يكون ذلك بسبب سوء السمع لديهم. اكتشف الباحثون في جامعة ماريلاند أن شيئًا ما يحدث في أدمغة كبار السن يجعلهم يستصعبون متابعة كلام الآخرين وسط ضوضاء الخلفية، وذلك حتى عندما يكون سمعهم في نطاق الطبيعي بحسب التقييم الطبي.

في دراسة متعددة الاختصاصات نشرت في دورية Journal of Neurophysiology، وجد الباحثون سمير أندرسون Samir Anderson، وجوناثان زي. سيمون Jonathan Z.Simon ، وأليساندرو بريساكو Alessandro Presacco أن البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 61-73 سنة والذين يتمتعون بسمع طبيعي حصلوا على نتائج أقل بشكل ملحوظ في فهم الكلام في البيئات المتميزة بالضوضاء، حيث كانوا أقل من البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18-30 سنة من ذوي السمع السليم. جميع الباحثين في هذه الدراسة مرتبطون بمبادرة السلوك Behavior Initiative التابعة لجامعة ماريلاند.

الدراسة ذات العنوان "دليل على تدَرُّك تمثيل الكلام في الضوضاء، في الدماغ المتوسط والقشرة لدى المتقدمين في السن" Evidence of Degraded representation of speech in noise, in he aging midbrain and cortex هي جزء من بحث مستمر يبحث فيما يعرف بمسألة حفلة الكوكتيل، والتي هي قابلية الدماغ أن يركز على ويعالج جزئية من الكلام، وأن يرشح بقية الضوضاء الموجودة في الخلفية. هذا البحث يجمع بين مجالي علوم السمع والكلام، وبين علوم الأعصاب والعلوم المعرفية، وبين الهندسة الكهربائية، وبين الأحياء، وبين علوم الأنظمة.

تعرض الأشخاص في هذه الدراسة إلى نوعين من المسوح من أجل قياس النشاط الكهربائي في الدماغ لديهم، بينما كانوا يستمعون إلى أناس يتكلمون. كان الباحثون قادرين على رؤية النشاط الدماغي عندما سُئل الأشخاص عما قاله أحد الأشخاص الذين استمعوا إليهم، وذلك في كل من البيئة الهادئة وخلال درجة معينة من الضوضاء.

درس الباحثون منطقتين في الدماغ؛ فقد نظروا إلى منطقة الدماغ المتوسط midbrain (القديم نسبيًا)، والتي تمتلكها أغلب الفقاريات (وصولًا إلى الأسماك)، والتي تقوم بالمعالجة الأساسية لكل الأصوات. كما نظروا إلى القشرة الدماغية cortex، والتي تُعد كبيرة نسبيًا لدى البشر، والتي يتخصص جزء منها بمعالجة الكلام.

في مجموعة الأشخاص الأحدث سنًا، أنشأ الدماغ المتوسط إشارة تتطابق مع المهمة الموكلة إليها في كل حالة من الحالات (فقد كانت الإشارات مشابهة لإشارات الكلام في البيئة الهادئة، وكان الكلام مميزًا وملحوظًا من قبل المستمعين مع وجود خلفية ضوضائية في البيئة المليئة بالضوضاء).

ولكن، في المجموعة الأخرى من الأشخاص، كانت نوعية الاستجابة لإشارة الكلام أقل من الطبيعي، حتى عندما كانت البيئة هادئة، وكانت الاستجابة أسوأ من ذلك في البيئة الضوضائية.

قال سيمون: "بالنسبة للمستمعين الأكبر سنًا، حتى عندما لا يكون هناك أي ضوضاء، كان الدماغ يواجه مشاكل لتوه في معالجة الكلام".

أظهرت الإشارات العصبية التي سُجلت من القشرة الدماغية أن البالغين الأصغر سنًا يمكنهم معالجة الكلام بشكل جيد وبوقت قصير نسبيًا. ولكن القشرة السمعية للأشخاص الأكبر سنًا احتاجت إلى وقت أطول من أجل تمثيل الكمية نفسها من المعلومات في الدماغ.

لماذا هذا؟ يقول بيرسون: "يمكن أن نربط بين جزء من مشاكل الفهم لدى البالغين، سواء في البيئة الهادئة أو الضوضائية، إلى خلل في التوازن بين العمليات العصبية التحفيزية والتثبيطية في الدماغ، وهو خلل متعلق بالعمر. وهذا الخلل في التوازن قد يعطل من قدرة الدماغ على معالجة المحفزات السمعية بشكل سليم، وقد يكون السبب الأساسي في الاستجابات السمعية الدماغية العالية التي حصلنا عليها في دراستنا

وأوضح سايمون: "يحتاج كبار السن إلى وقت أكثر من أجل فهم ما يقوله المتكلم؛ فهم يخصصون الكثير من الموارد الدماغية، ويقومون بالمزيد من الجهد مقارنة بالبالغين الأصغر سنًا عندما يستمعون للكلام".

"كثيرًا ما نسمع شخصًا كبيرًا في السن يقول ’أستطيع سماعك، ولكنني لا أفهمك’، هذا البحث قد يدلنا على سبب هذه الحالة".

يبدو أن هذا التلاشي في وظيفة الدماغ أمرٌ نموذجي بالنسبة للبالغين الأكبر سنًا، ويبدو أنه جزء طبيعي من عملية التقدم في السن، كما أن الباحثين الآن يبحثون في مسألة ما إذا كانت تقنيات تدريب الدماغ قد تكون قادرة على مساعدة البالغين الأكبر سنًا من أجل تحسين فهمهم للكلام.

من المفيد أيضًا أن يمتلك المتكلمون حسًّا من المجاملة؛ فبما أن النظر إلى الشخص المتكلم يساعد على معالجة الكلام وفهمه، فإنه من الجيد النظر مباشرة إلى الكبار في السن من أجل التأكد بأنهم يولونك اهتمامًا قبل الحديث معهم.

قال سيمون: "يبدو أن الدماغ الأكبر سنًا يفقد جزءًا من الإشارات الدماغية المتعلقة بالكلام، حتى عندما تلتقط الأذنان كامل الكلام وبشكل سليم. عندما يكون بمقدور المستمع رؤيتك وأنت تتكلم، بدلًا من مجرد الاستماع، فإن النظام البصري لديهم قد يستطيع تعويضهم عن مشاكل فهم المسموع".

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل