في ذكرى ميلاده: مفكر إسلامي عرف بالصندوق الأسود.."جمال البنا"..عارض فكر أخيه مؤسسس جماعة الإخوان المسلمين.. أفكاره المثيره أثارت الجدل

لقبه أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذي أسسها شقيقه بالصندوق الأسود، لرفضه أن يغرد يومًا داخل سربها، أو يتفق مع أفكارها طيلة الـ93 عامًا التي عاشها.

أثارت أقاويله الكثير من الجدل، من خلال طرحه وتبينه أفكارًا تخالف إجماع الكتاب والسنة، كما يراها بعض العلماء.

كان يرى أن المرأة ذو العلم أحق بالإمامة من الرجل، وأن الحجاب خص به زوجات وأبناء الرسول فقط، وأن البناطيل أستر للمرأة .

ولد جمال البنا في ١٥ ديسمبر ١٩٢٠ بقرية المحمودية، بمحافظة البحيرة، من أسرة نابهة عرفت بعلو الهمة، فوالده هو مصنف أعظم موسوعة في الحديث "مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني في 24 جزءًا".

عكف منذ طفولته على الاطلاع، بحيث تزود بحصيلة ثقافيـة غزيرة، وبعد أن أتم دراسة الابتدائية ودخل المدرسة الخديوية الثانوية، حدث شجار بينه وبين أستاذه في اللغة الإنجليزية وهو إنجليزي، فترك الدراسة غير آسف، واستكمل دراسته بوسائله الخاصة .

مفكر مصري وهو الشقيق الأصغر لحسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، إلا أنه يختلف مع فكر هذه الجماعة.

عمل محاضرًا في الجامعة العمالية والمعاهد المتخصصة منذ عام ١٩٦٣م حتى عام ١٩٩٣م.

عُنى جمال البنا خلال الحقبة الناصرية بالحركة النقابية، فأصدر وترجم الكثير من الكتب والمراجع التي نشرتها منظمة العمل الدولية بجنيف والجامعة العمالية بمدينة نصر والدار القومية.

كما حاضر بصفة منتظمة في معهد الدراسات النقابية منذ أن تأسس سنة 1963 حتى سنة 1993 عندما انتقد التنظيم النقابي القائم .

صدر أول كتاب له "ثلاث عقبات في الطريق إلى المجد" عام ١٩٤٥م، وعام ١٩٤٦م أصدر كتابه "ديمقراطية جديدة".

وتوالت كتاباته في الصدور حتى تجاوزت مؤلفاته ومترجماته الـ"١٥٠" كتابًا.

ومن مؤلفاته "المرأة المسلمة بين تحرير القرآن وتقييد الفقهاء، الحجاب، جواز إمامة المرأة الرجال، قضية الفقه الجديد، حرية الاعتقاد فى الإسلام، ما بعد الإخوان المسلمين، الإسلام هو الحل، العودة إلى القرآن، الربا، قضية الحرية فى الإسلام، سيادة القانون والحكم بالقرآن، قصة فرسان العمل، فى التاريخ النقابى المقارن، العمل فى الإسلام، الحركة العمالية الدولية، تفسير القرآن الكريم بين القدامى والمحدثين، تفنيد دعوى حد الردة، روح الإسلام، تجريد البخارى ومسلم من الأحاديث التى لا تلزم".

أسس البنا الجمعية المصرية لرعاية المسجونين، وحققت الجمعية ثورة في إصلاح السجون، وأدت إلى مجابهة بينه وبين السلطات .

في سنة 1981 أسس جمال البنا الاتحاد الإسلامي الدولي للعمل، وكانت منظمة العمـل الدولية قد استعانت به في عـدد من الترجمات.

وفي عام 1997 أسس بالمشاركة مع شقيقته السيدة فوزية "مؤسسة فوزية وجمال البنا للثقافة والإعلام الإسلامي"، وتبرعت السيدة فوزية بقرابة نصف مليون جنيه للمؤسسة مكنتها أن تؤدى دورها في غنى عن السؤال .

لم تقف علاقة جمال البنا مع أخيه حسن البنا عائقًا أمام انتقاد جماعة الإخوان المسلمين.

وأطلق كتابًا مكونًا من 8 أجزاء، بعنوان "من وثائق الإخوان المسلمين المجهولة"، وسبب هذا الكتاب ذعرًا شديدًا داخل الجماعة بعد كشفه اللوائح الداخلية لها ولتنظيماتها الإدارية وقوانينها السرية، وهو ما أثار غضباً شديدًا على شقيقه داخل مكتب الإرشاد، لتصفه قيادات الإخوان بـ"الثعلب".

عندما قامت ثورة 23 يوليو سنة 1952في مصر بقيادة عبد الناصر، بدأ جمال البنا في كتابة كتاب باسم "ترشيد النهضة" ارتأى في الفصل الأول أن هذه الحركة هي انقلاب عسكري وليس ثورة.

الا ان صدور أوامر بمصادرة الكتاب، وأخذ كل الملازم المطبوعة،ادت الى تنامى شعور لدى البنا بأن الحركة ذات طابع ديكتاتوري، وأن لا فائدة من محاولة تقدم الرأي والمشورة .

تبنى جمال البنا العديد من القضايا والآراء التي أثارت جدلًا كبيرًا، ومنها بحثه في قضية "إمامة المرأة للرجال"، والذي انتهى بأن المرأة لها حق الإمامة من الرجال إذا كانت أعلم بالقرآن .

وتعد تصريحاته عن جواز تبادل "القبلات"، و"تدخين السجائر" ثلاث مرات في نهار رمضان لا يبطل الصوم خصوصا لغير القادرين عن الإقلاع عنه.

كان يرى أن الحجاب ليس فرضا على المرأة، وأن القرآن الكريم خص به نساء الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

يرى جمال البنا أن البنطلون الذي ترتديه بعض النساء أكثر سترة وحشمة من الفستان، خصوصا أنها تركب مواصلات عامة وقد تجري وتؤدي أعمالا تناسب البنطلون الذي يستر في هذه الحالة أكثر من أي ملابس أخرى.

ورأى أن الارتداد من الإسلام إلى اليهودية أو المسيحية لا يلزم عليه حد القتل، حيث لا يوجد في القرآن ما يسمى بحد الردة.

كما يذكر جمال البنا بأنه لا يجوز للرجل أن يطلق زوجته منفردا، وذلك كونه تزوج منها بصفة رضائية وبالتالي يتوجب الطلاق رضا الطرفين واتفاقهما لكي يتم الانفصال.

من أشهر أفكاره المثيرة للجدل في العالم العربي، اعتباره بأن الفصل بين الجنسين، عملية وحشية.

ورأى البنا في تأسيسه لـدعوة الإحياء الإسلامي، ثورة على الفكر الديني التقليدي السائد في المؤسسة الأزهرية، معتبرًا أن التجديد ضرورة وركيزة أساسية بالنسبة للبشر جميعًا.