المحتوى الرئيسى

تفاصيل آخر ساعتين في حياة «حبارة» قبل الصعود إلى «طبلية الإعدام»

12/15 14:29

منذ فجر اليوم في سجن طرة، وحتى حمله في سيارة إسعاف إلى مشرحة زينهم، وانتظار 3 منتقبات أمامها لتسلم جثته، ترصد «التحرير» تفاصيل آخر ساعتين في حياة عادل حبارة، مرتكب «مذبحة رفح الثانية».

قبل ساعتين من انتهاء حياته، دخل السجان إلى غرفة حبارة فى سجن طرة يطلب منه الاستعداد لنقله إلى سجن الاستئناف، حيث سيتم تنفيذ حكم الإعدام  فيه  اليوم، حبارة يبدو ثابتًا، عيناه تحملقان فى السجان وتبدو فيهما نظرة استهجان وعدم اكتراث، يترك السجان زنزانة حبارة ويوصد الباب خلفه، محدثًا صوتًا ينشر الرعب فى قلوب السجناء فى الزنازين المجاورة، فقد اعتادوا أن لا يفتح باب زنزانة فى هذا التوقيت إلا لخروج من فيها إلى طبلية الإعدام. الجميع يترقب ويسأل: من ذلك المختار اليوم من بينهم؟ بعد قليل يعود السجان ومعه بعض أفراد الحراسة يقودهم ضابط، يتم اقتياد حبارة إلى سيارة الترحيلات وهو صامت مستسلم، لا يبذل مجهودًا سوى لحمل قدمه تلو الأخرى، ليواصل سيره نحو مصيره المحتوم. 

فى حراسة أمنية مشددة تحركت سيارة الترحيلات من سجن طرة وبداخلها حبارة وحيدًا يجلس على الأرض، مرتديًا بدلة الإعدام الحمراء وشعره  "منكوش"، ولحيته طويلة عشوائية يهتز جسده النحيل مع اهتزاز السيارة التى لم تستغرق سوى 30 دقيقة، لتصل إلى منطقة باب الخلق، تحديدًا خلف مديرية أمن القاهرة، وتفتح أبواب سجن الاستئناف الذى رفع الراية السوداء منذ الساعات الأولى لهذا الصباح. 

تدخل سيارة الترحيلات وأمامها وخلفها الحراسة الأمنية التى رافقتها، يتم إنزال حبارة  يحيط به رجال الأمن من كل جانب، ويتم اقتياده إلى غرفة سيارة، ويطلب منه الحارس أن يبقى ساكنًا فى هذه الغرفة، ولا يتحرك ثم يخرج تاركًا الغرفة ويوصد بابها جيدًا ويقف فى الخارج حراسة مشددة. يجلس حبارة وهو يفرك يديه ويتأمل جنبات الغرفة، فلم يبق سوى دقائق وتنتهى حياته التى بدأت قبل أربعين عامًا فى قريته بأبو كبير بالشرقية، انتهاء بالمذبحة التى ارتكبها فى العريش من 3 أعوام وراح ضحيتها 25 شهيدًا من أبناء القوات المسلحة.   

يصل إلى سجن الاستئناف اللواء حسن السوهاجى مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون، وممثل نيابة أمن الدولة، ومندوب من الطب الشرعى، وممثل من الأوقاف، لم يحضر أحد من المحامين الذين دافعوا عنه فى القضية أو أحد آخر طلب الحضور. وبدأت الخطوات الفعلية لتنفيذ حكم الإعدام، حيث دخل أحد السجانين ويرافقه الحراس، وتم تكبيل يد حبارة وقدمه، وأمسك أحدهما بذراعه، وسار بجواره نحو غرفة الإعدام. 

لم تبد على حبارة أى علامات تثير ريب أو خوف الحراس، فقد مشى معهم مستسلمًا لقيوده مستسلمًا لمصيره، يصل إلى غرفة الإعدام ليشاهد عددًا من الأشخاص فى انتظاره، وبينهم رجل ملامحه تنبئ عنه، إنه "عشماوى" كما يطلقون عليه.  بدأت أوصال حبارة فى الارتجاف للمرة الأولى كأنه شعر أخيرا أن دقائق معدودة تفصله عن الحياة الدنيا، تقدم إليه أحدهم ويحمل فى يده أوراقًا ووقف أمامه مباشرة، وبدأ بصوت جهورى يقول فى مقدمة الأمر "يا عادل": وراح يتلو نص حكم الإعدام النهائى الصادر فى حق عادل حبارة، ونص الاتهامات التى وجهت إليه، وما إن انتهى حتى تقدم إليه رجل فى زى مدنى منمق يقول له إنه ممثل نيابة أمن الدولة العليا، وسأله السؤال المعتاد فى مثل هذه المواقف: "يا عادل تحب تقول حاجة جديدة؟"، فحرك عادل رأسه وقال: "لا معنديش"، فعاد ممثل النيابة إلى مكانه فيما تقدم الشيخ الذى رافقهم وبدأ يتلو بعض آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية، وطلب من عادل أن ينطق الشهادتين، فتمتم عادل بهما: "ثم سأله الشيخ: نفسك فى حاجة يا عادل؟" فهز رأسه، وقد زاد ارتجاف جسده، وبدا وهو يقول "لأ" أنه يبكى. وقبل أن ينهار تلقفه عشماوى وصعد به إلى طبلية الإعدام، ثم وضع على رأسه الكيس الأسود، وراح يعدل فى جسده النحيف حتى يستقيم. ووقف عادل وبدأ عشماوى يضع حبل المشنقة حول عنق عادل حبارة، وما إن انتهى نظر إلى الواقفين حتى جاءت له إشارة التنفيذ، فقام بفتح "الطبلية" من تحته، فتدلى جسد حبارة فى المشنقة، فخرج الجميع من الغرفة وبدأت  مراسم ما بعد الموت. 

خرج الجميع من غرفة الإعدام وبقى عشماوى وأحد مساعديه والطبيب، وبعد مرور بعض الوقت تم إنزال جسد حبارة من على المشنقة ووضع على منضدة، ممددا أمام الطبيب الذى قام بتوقيع الكشف الطبى عليه ليتأكد من وفاته وتوقف قلبه ومخه, وأعطى الطبيب تقريره السريع بوفاة حبارة "ذلك الإرهابى الذى تم إعدامه بسبب قيامه بقتل 25 مجندًا بالقوات المسلحة". غادر الطبيب السجن وبدأ الحراس فى حمل جسد "حبارة" إلى سيارة الإسعاف التى حضرت إلى سجن الاستئناف منذ بدء مراسم الإعدام وجرى تفتيشها بدقة، وتم وضع حبارة فى السيارة التى خرجت وسط حراسة أمنية مشددة إلى مشرحة زينهم، لتتم إجراءات فحص الجثة مرة أخرى وإنهاء الإجراءات لتسليمها إلى ذويه. 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل