المحتوى الرئيسى

تداعيات تأخر تشكيل الحكومة المغربية على اقتصادها القومي

12/15 03:24

قرابة الشهرين ونصف على انتخابات 7 أكتوبر، التي منحت الأغلبية لحزب العدالة والتنمية المغربي، الذي عيَّن العاهل المغربي الملك محمد السادس أمينه العام، عبد الإله بنكيران، رئيسا للحكومة الجديدة، ولا يزال تشكيل الحكومة المغربية متعثرا، بعدما وصلت مشاورات بنكيران مع بعض الأحزاب السياسية إلى الباب المسدود قبل أن يتمكن من استكمال أغلبيته الحكومية، وإذا كانت حالة "الانحسار" هذه قد أثرت على المشهد السياسي المغربي، في ظل برلمان منتخب معطل وحكومة تصريف أعمال بنصف عددها، فإن لها تداعياتها على الاقتصاد المغربي، حيث يرى مراقبون أن البلاد دخلت مرحلة انتظار تجعل الرؤية الاقتصادية فيه غير واضحة، على الأقل على المدى القريب والمتوسط.

وأكد رئيس فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمجلس المستشارين عبد الإله حفظي، أن تداعيات تأخر تشكيل الحكومة لا تتوقف على الجانب السياسي بل طالت أيضا الجانبين الاستثماري والمقاولاتي، موضحا: "كل شيء واقف، نحن في ظلام دامس، أين هو الآمر بالصرف؟"، وكشف حفظي أن أوساط رجال الأعمال والمقاولين تسود ضبابية وعدم رؤية بسبب الشروع لحدود الساعة في مناقشة مشروع قانون المالية، الوثيقة الوحيدة التي توفر المعلومة بالنسبة لسياسة الحكومة على مستوى الاستثمار والسياسات الجبائية وتوقعات النمو.

وفي سياق متصل، قال الخبير الاقتصادي، نجيب أقصبي، إن تأخر ميلاد الحكومة سيؤثر بشكل جلي على الاقتصاد المغربي لا سيما فيما يتعلق بالاستثمارات، لأن ذهنية رجل الأعمال قائمة على الواقعية الملموسة وليست على التوقعات كالرجل السياسي، وبالتالي غياب مناخ الأعمال وغياب الرؤية الواضحة سيجعل المستثمرين سواء المغاربة أو الأجانب يغيرون وجهتهم ما دام الشأن السياسي والحكومة التي سيتعاملون معها غير ملموسة وموجودة على أرض الواقع، وتعيش أزمة في التكوين.

واعتبر أقصبي أن ضبابية الشأن السياسي هي العدو الكبير للمستثمرين في أي بلد، مؤكدا أن رجال الأعمال وأصحاب المقاولات يعيشون وضعية انتظارية بسبب ركود في خلق مناصب الشغل، وتأخر ميزانية 2017، محذرا من تداعيات الانحسار السياسي والذي قد يستمر بحسب المؤشرات الموجودة، إذ ستصبح كلفته بـ"الملايير" في مجال الاستثمار، والملايين من الدراهم في المداخيل سواء في الصادرات أو الواردات في ظل تغييب معطيات دقيقة في هذا المجال.

وأكد خبراء ماليون متخصصون في المالية العمومية، أن أكبر مستفيد من تأخر تشكيل الحكومة والتأخر في المصادقة على القانون المالي، هي مؤسسات النقد الدولي، وأوضحوا في لقاء عقد مؤخرا بالعاصمة المغربية "الرباط"، أنه في حالة عدم المصادقة على القانون المالي، ستتجمد معه مباشرة نفقات الاستثمار ونفقات التجهيز، ومن تم ستتحول اعتمادات الميزانية غير المصادق عليها مباشرة إلى الديون التي لهذه المؤسسات الدولية على المغرب، نظير صندوق النقد الدولي وبعض صناديق التنمية التابعة للأمم المتحدة، أو حتى تلك الصناديق التابعة لدول بعينها، خاصة دول الخليج.

وأضاف الخبراء الماليون أن غياب القانون المالي لسنة 2017 التي باتت قريبة من سنة بيضاء، يتزامن مع سنة متميزة في المالية العامة للدولة، حيث إنها سنة بداية تنفيذ عدد من التزامات الديون التي للمغرب على هذه المؤسسات، وأشاروا إلى أن التأخر الحالي في المصادقة على القانون المالي حتى لو تمت المصادقة عليه في وقت لاحق، فسينعكس سلبا على وضعية الاستثمارات والتجهيز، إذ ستتأخر حتما جميع الصفقات العمومية إلى ما بعد سبتمبر المقبل ما سيؤدي إلى صعوبات في تنفيذ ميزانية الاستثمار لهذه السنة والتي سترجع حتما بكاملها ودون صرفها إلى ميزانية الدولة دون استفادة المقاولات الصغرى والمتوسطة منها.

في المقابل، يرى أستاذ التشريع المالي، عادل الخصاصي، أن تعثر المفاوضات الجارية إلى اليوم لتشكيل الحكومة، لن يكون بالشكل الذي يؤثر على الوضع الإقتصادي للبلاد، موضحا أن المعطيات السياسية الرئيسية المتجسدة في الاستقرار الذي تكفله المؤسسات الدستورية القائمة وعلى رأسها المؤسسة الملكية، يجعل من المتغيرات السياسية العابرة دون أثر مباشر أو حاسم على الوضع الاقتصادي العام للبلد، وأوضح الخصاصي أن الاستثمار الخارجي لا يمكنه أن يتأثر بتأخر تشكيل الحكومة، طالما أن الأمر رهين بتدبير الزمن السياسي في حقبة لا تتسق مع الثقافة السياسية التي ينبغي أن تسود.

بدوره، اعتبر المحلل الاقتصادي خالد الطريطقي، أن الانحسار الذي يعرفه تشكيل الحكومة الحالية، لن يؤثر على الجانب الاقتصادي والمقاولات في المغرب، لأن مشروع المالية المرتبط أساسا بالاقتصاد والمقاولات معد سلفا، موضحا أن القانون ينص على أن مشروع قانون المالية إذا لم يخرج في وقته يعني أول يناير، ولم يصوت عليه البرلمان ولم يصدر بالجريدة الرسمية، فالحكومة بموجب القانون تتكلف بالتسيير، أما إذا تمت مناقشة مشروع قانون المالية وخرج بالجريدة الرسمية، فلن يحصل عليه تغيير كبير بالمقارنة مع القوانين المالية الماضية، لأن قانون المالية موجود، والقاعدة تقول: "الحكومة يمكن لها أن تتدخل في الجانب الاقتصادي في حالتين اثنتين، الحالة الأولى الاستثمار العمومي، الثانية السياسة الجبائية".

وبالنسبة للاستثمار العمومي، أوضح الطريطقي، أن مشروع المالية خصص للاستثمار في الخزينة العامة 60 مليارا أو 65 مليار درهم "تقريبا 65 مليون دولار"، وخصص للاستثمار العمومي أكثر من 100 مليار درهم "تقريبا 100 مليون دولار"، على اعتبار أنه يضم القطاعات الحيوية، إذن نحن هنا نعلم من سيتولى بالاستثمار من عدمه وحتى الميزانية المحددة لكل استثمار معدة سلفا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل