المحتوى الرئيسى

كيف اخترقت أفكار الإرهاب عقول "الجنس الناعم"؟

12/15 02:32

علا حسين المتهمة فى تفجير الكنيسة البطرسية

بعد تحولات سياسية واجتماعية، شهدها الوطن العربي في أعقاب ثورات الربيع العربي، استأثر موضوع الإرهاب باهتمام جميع المتابعين للمشهد السياسي في مصر والشرق الأوسط، بعد ظهور ملامح ما يسمي "الجهاد النسائي"، لدى التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم "داعش"، الذي تبنى العملية الإرهابية الأخيرة التي ضربت الكنيسة البطرسية بالقاهرة. 

وخلال هذا الحادث تبين تورط إرهابية تدعي "علا حسين محمد"، شاركت زوجها، المتهم في نفس القضية، في التخطيط لهذا العمل العدائي الذي راح ضحيته نحو 23 شهيداً و49 مصاب، ما يطرح تساؤل صعب عن أسباب إقدام "الجنس الناعم" أو السيدات على الانضمام إلى التنظيمات الإرهابية أو بصيغة أخري كيفية اختراق أفكار الإرهاب عقول السيدات لدرجة تفجير النفس أو القيام بعمل إرهابي؟.

وطرحت بوابة" العين " الإخبارية على عدد من الخبراء في شؤون الحركات الجهادية والاجتماع السياسي كمحاولة لفهم هذه الظاهرة التي باتت تهدد أمن الأوطان وسلامة أهلها.

وقال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، إنه يجب الفصل بين مشاركة المرأة في العمل الارهابي، وبين نظرتنا الاجتماعية لها، موضحاً " يجب ألا تخضع رؤيتنا للمشهد النسائي الارهابي للفكر الاجتماعي والأعراف والعادات والتقاليد بل ننظر لها كمجرمة تهدد أمن الوطن وسلامة أهله ومقدراته."

وأكد صادق في تصريحات لـ"العين"، أن العنصر الإرهابي النسائي ليس مجبر على الإرهاب، وليس خاضعًا لسلطة رجل آخر بل ينطلق في تنفيذ عملياته الإرهابية من قناعاتها وأفكارها التي تأثر بها في حياتها.

وأوضح أن نسبة النساء في التنظيمات الإرهابية حول العالم وصلت إلى 15% حسب دراسات للفترة من عام 1985 إلى 2003م، مشيرًا إلى أن العنصر النسائي يُعد جاذبًا للتجنيد من قِبل التنظيمات الإرهابية لتنفيذ عمليات تخريبية.

وأكد صادق أن النساء المنتميات لتنظيمات إرهابية غير مغرر بهن دائمًا، فانضمامهن إلى تلك التنظيمات لا يأتي فقط نتيجة الجهل بحقيقة التنظيمات المحظورة أو اتباعهن لأزواجهن وذويهن أو محاولة زرع الأفكار المتطرفة في أولادهن والتأثير على أزوجهن بل يمتد هذا التأثير لتصل إلى إيواء الإرهابيين المطاردين وخدمتهم، والعمل على نشر أفكار التنظيم، عبر مواقع الإنترنت، وكذلك جمع التبرعات المالية للتنظيم ليحقق مخططاته.

وأشار إلى أن بعض التنظيمات الإرهابية تستخدم النساء خلال عملياتها الإرهابية، ومنها حماس وجماعة الإخوان الإرهابية عبر التنظيم النسائي داخل الجماعة.

أما الباحث في الشأن السياسي الدولي محمد حامد فأكد أن اتجاه التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها "داعش"، لتجنيد النساء بدأ في سوريا والعراق حيث تم تدريبهن هناك على حمل السلاح، مشيرًا إلى أن تنظيم "داعش"، استطاع عبر تلك الآليات اجتذاب أجنبيات للدخول في التنظيم .

وأكد حامد أن التنظيم الإرهابي "داعش" استخدم تلك الاستراتيجية منذ نشأته لتحقيق انتصارات في سوريا والعراق، معتبرًا أن استعانة التنظيم الإرهابي بالعنصر النسائي في عملياته كان متوقعا .

(المتهمون فى تفجير الكنسية البطرسية)

وأشار الباحث السياسي إلى التنظيمات الإرهابية الموالية لداعش في سيناء المصرية استخدمت العنصر النسائي في رصد كمائن للقوات المسلحة المصرية، وهو ما رصده الجيش المصري سابقًا وتم القبض على تلك العناصر. 

وأوضح أن اختيار التنظيمات الإرهابية لسيدة في المساهمة لتنفيذ عملية في قلب القاهرة، جاء بهدف تضليل القوات الأمنية، معتبرًا أن تجنيد السيدات أصبح أكثر سهولة في ظل بعض الفتاوى التكفيرية التي تفرض الجهاد على المرأة واستغلال نزعة الانتقام لدى عناصر نسائية تابعة لتنظيمات إرهابية ضد قوات الجيش والشرطة.

من جانبه قال الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، خالد الزعفراني، إن تلك العناصر النسائية الإرهابية اقتنعت وتأثرت بأفكار جماعات "التوقف والتبين"، وأفكار التكفير الشوقي الذي أسسه القيادي التكفيري شوقي الشيخ في مركز ابشواي بمحافظة الفيوم، غرب القاهرة.

وعن أفكار الشوقيين، قال الزعفراني، إن أفكارهم تتطابق مع فكر "داعش"، في تكفير المجتمع وقتال قوات الجيش والشرطة، و"تكفير جميع المسلمين من المعارضين لهم"، مؤكدًا أن الفيوم والقري التابعة لها تمتلئ بالفكر الداعشي امتدادا للتكفريين الشوقيين.

وأوضح الزعفراني أن الكثير من النساء تأثرن بتلك الأفكار التكفيرية وخاصة في القرى المحيطة بالفيوم بعد انتشار الأفكار التكفيرية المقاربة لأفكار داعش في تلك المناطق، مطالبًا بمراجعات تلك العناصر فكريًا وفقهيًا عن طريق الأزهر الشرف والمفكرين الإسلاميين المعتدلين.

وقال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، إن الإرهاب بكافة صورة محرم، مستشهدًا بقول الله تعالى" وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها". 

وأضاف كريمة أن "الله تعالي حرم ترويع الآمنين وإتلاف الممتلكات والمزايدة بالشعارات"، معتبرًا أن الأفكار التكفيرية والمتطرفة وتسويق بعض مشايخ التيار السلفي وجماعة الإخوان الإرهابية لأفكار الجهاد بادعاء "نصره الدين" أثرت على المجتمع وبينه المرأة.

وأوضح كريمة في تصريحات لـ"العين"، أن فصائل العنف الفكري من تكفير و وفصائل العنف مسلح من قتل واتلاف الأموال وانتهاك الأعراض، تلجأ لتأويلات مغلوطة للقرآن والسنة النبوية لجذب الشباب بشعارات حماسية مثل "تطبيق الشريعة ونصر الدين".

وأكد أستاذ الفقه المقارن جامعة الأزهر أن تلك التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش وجماعة الإخوان توهم النساء بالجهاد في سبيل الله عبر التسويق لصورة المجاهدات في صدر الإسلام وبعض الآيات القرآنية على عكس دلالاتها الحقيقية لإيقاع بهن في شرك أفكار التنظيمات الإرهابية.

وأعتبر كريمة أن غياب الوعي الاسلامي الصحيح ووجود فراغ روحي هائل لم يملأ حتى الآن من قبل المؤسسات الاسلامية المعتمدة، ساهم في ظهور تلك الأفكار المتطرفة وخاصة لدى النساء. 

وأرجع كريمة تلك الظاهرة أيضاً إلى" ظهور قنوات فضائية دينية تسمح لمشايخ السلفية والإخوان ومغالاة الشيعة في الظهور على شاشتها والسطو على عقول البسطاء والجهلاء بالشريعة".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل