المحتوى الرئيسى

هيليل فرادكين يكتب: الشرق الأوسط لن يفتقد أوباما ويرحب بترامب | المصري اليوم

12/15 01:22

«ولَّت سنوات أوباما العجاف، والآن نشهد فصلًا جديدًا، نأمل أن يكون بديلًا لأخطاء الماضى السيئ».. قد تظن أن هذه الكلمات كتبها أحد مؤيدى الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب بعد فوزه بالانتخابات، ولكن هذا ليس صحيحًا، فهذه هى الكلمات التى رحب بها المذيع السعودى، المدير العام لقناة «العربية» الإخبارية، تركى الدخيل، بترامب فى مقال نُشر مؤخرًا.

ويخشى بعض المراقبين الأمريكيين أن تعوق تصريحات ترامب فيما يتعلق بالخطر المزعوم للمهاجرين المسلمين توقعاته بدبلوماسية فعّالة فى الشرق الأوسط، إلا أنه فى منتصف نوفمبر الماضى، فى ملتقى أبوظبى الاستراتيجى السنوى، الذى ينظمه مركز الإمارات للسياسات، أعرب الدخيل ومعظم المشاركين العرب والمسلمين، فى الملتقى، عن تفاؤلهم بالتغيير فى قيادة الولايات المتحدة.

فيما أعرب كثيرٌ من المتحدثين الرئيسيين بالملتقى، بمن فى ذلك رئيسته ابتسام الكتبى، ووزير خارجية الكويت السابق الشيخ محمد صباح السالم الصباح، فضلًا عن الحضور، مرارًا وتكرارًا، عن قلقهم من التهديد الإيرانى فى المنطقة، وأشاروا إلى فشل سياسات الرئيس أوباما فى التعامل مع هذا التهديد، وأكدوا أنهم معجبون للغاية بتصريحات ترامب التى قالوا إنها بدت «مختلفة تمامًا وواعدة جدًا».

وفى محاولته لتلخيص كل الآراء، كتب الدخيل مقالًا فى صحيفة «عكاظ» السعودية، يوم 13 نوفمبر الماضى، بعنوان «لا أحد سيبكى رحيل أوباما»، وأضاف أن الرئيس الأمريكى لم يجلب للمنطقة سوى التردد تجاه المحور الإيرانى، فى الوقت الذى كان يمازحه فيه ويكافئه، فيما كان يتشدد فى تعامله مع المحور الخليجى، فى حين كان يتهرب من عقد الاتفاقات معه، وأشار الدخيل إلى الضمانات المتعلقة بالأمن والوعود التى قطعها أوباما فى منتجع «كامب ديفيد»، فى مايو 2015، لتهدئة مخاوف العرب بشأن الاتفاق النووى الإيرانى.

ويعتمد استمرار الترحيب بترامب على الوفاء بـ2 من الآمال العربية، أولهما هو تراجعه عن رفض أوباما التدخل فى المنطقة، أما الأمل الآخر فهو تبنى الرئيس القادم المصداقية التاريخية لبلاده للتمييز بين أعداء أمريكا وأصدقائها، وتعبئة الجهود المشتركة لخدمة المصالح المشتركة.

ويغادر أوباما المنطقة مع تحديات متعددة ومتفاقمة، فلا يقتصر الأمر فقط على الحرب غير المكتملة ضد تنظيم «داعش»، بل إن إرثه يشمل دولة إيران المتمكنة بشكل يهدد المصالح الأمريكية، ويزعزع الاستقرار فى العالم السُنى، وينتهك الاتفاقات الخاصة بالصواريخ والتطوير النووى، كما أن هناك حروبا أهلية متعددة شديدة الطائفية بين السنة والشيعة.

والعراق، الذى ادعت إدارة أوباما أنها انتصرت فيه، بات يتقلب فى الفتنة الداخلية تحت يد إيرانية ثقيلة، كما تراجعت آفاق فرص المعارضة السورية الأكثر اعتدالًا، والتى كانت واعدة فى وقت من الأوقات، بسبب سنوات من الاستنزاف والإهمال الغربى لها خلال الهجوم المدعوم من إيران على معارضى نظام الرئيس السورى بشار الأسد.

وفى الوقت نفسه، بات نمو التطرف الإسلامى السنى، بمن فى ذلك جماعة الإخوان المسلمين، يهدد الاستقرار فى المنطقة، فيما أثبتت تركيا، الحليف المفترض والمتأثرة بشدة بنسختها الإخوانية الخاصة، أنه لا يمكن الاعتماد عليها فيما يتعلق بحُسن النية أو القدرات.

والتعامل مع كل هذه الصعوبات يعد أحد العوامل التى تُعقّد الوضع فى الشرق الأوسط، فالجهود المبذولة لهزيمة أحد خصومنا قد تحقق مصالح خصم آخر، وتدخل روسيا الهائل فى المنطقة وسعيها لتحقيق المصالح الاقتصادية والجيوسياسية يتحدى نفوذ الولايات المتحدة، فيما يواجه حلفاء أمريكا التقليديون فى المنطقة مشاكل داخلية صعبة، وباتوا يتساءلون عن مدى مصداقية واشنطن كشريك لهم.

وبالنظر للكلام سابق الذكر، فإنه لا عجب فى أن يبدى العرب أملهم فى تصريحات ترامب ومرشحه لوزارة الدفاع، الجنرال جيمس ماتيس، ومرشحه لمنصب مستشار الأمن القومى، الجنرال مايك فلين، وأكد ترامب رغبته فى القضاء على «داعش»، وفى تمزيق الاتفاق النووى الإيرانى، وكانت تصريحات ماتيس وفلين موضع ترحيب من العرب أيضًا، حيث وصف الجنرال ماتيس، فى إبريل الماضى، النظام الإيرانى بأنه «أحد التهديدات الدائمة لتحقيق الاستقرار والسلام فى الشرق الأوسط»، وفى شهادته أمام الكونجرس، فى يونيو 2015، ندد الجنرال فلين بـ«السلوك السلبى الإيرانى وتوسيعها نفوذها فى المنطقة»، وصوّت فلين لصالح مزيد من الانخراط الأمريكى فى المنطقة، بما فى ذلك تنظيم وتسليح قوات عربية «قادرة على تأمين مسؤولياتها الإقليمية»، للتصدى لـ«داعش» وللاعتداءات الإيرانية.

ومثل هذه التصريحات قد تكون أحد الأسباب فى أن العرب، الذين كانوا ينتقدون «ماضى أوباما السيئ» وميله تجاه إيران، باتوا الآن يأملون فى أن تدرك أمريكا التهديدات المشتركة وقيادة الآخرين لمواجهتها.

وسيواجه ترامب معضلة لا تختلف عن تلك التى واجهتها جين كيركباتريك، أول سفيرة للأمم المتحدة فى عهد الرئيس الأمريكى الأسبق، رونالد ريجان، خلال الحرب الباردة، فقد رأت أن مواجهة أسوأ الأعداء يتطلب من أمريكا أن تعمل مع دول لا تشاركها قيمها، أو حتى بعض الأحيان تنتهك هذه القيم، واعتبرت أن هذا يخدم الأمن والحرية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل