المحتوى الرئيسى

إلى أي مدى ساهمت أخطاء خليجية وعربية في سقوط حلب؟

12/14 21:58

في الوقت الذي تنهار فيه آخر صفوف المعارضة في حلب وتعلن فيه روسيا أن مساحة المناطق التي يسيطر عليها المتمردون لا تتجاوز 2,5 كيلومتر مربع فقط، ما يمهد لسقوط المدينة بشكل نهائي تحت سيطرة قوات النظام وحلفائه بعد أربعة شهور من المعارك العنيفة في الأحياء الشرقية للمدينة الاستراتيجية، تعم حالة الخيبة والارتباك العديد من الدول العربية والخليجية، قدمت دعمها لفصائل المعارضة السورية، وعلى رأسها السعودية وقطر. وفي أبرز رد بهذا الخصوص أصدر مجلس التعاون الخليجي اليوم بيانا يندد فيه بما وصفه بالقصف الوحشي على حلب، داعيا الأمم المتحدة إلى التحرك السريع لإغاثة الشعب السوري.

وكانت هيئة كبار العلماء بالسعودية قد نددت في وقت سابق اليوم بما وصفته ب "مجازر النظام السوري المجرم" بحق المدنيين في حلب، وحثت العالم الإسلامي على نصر قضيتهم. أما قطر فقد ألغت جميع مظاهر الاحتفال بالعيد الوطني الذي يصادف يوم 18 ديسمبر وذلك تضامنا مع مدينة حلب.

وإن كان سقوط حلب يشكل منعطفا مهما في مسار الأزمة السورية وخسارة فادحة للمعارضة السورية فهو يمثل أيضا رمزا لفشل الدول العربية والخليجية خصوصا في تدبير هذه الأزمة، فأين يتجلى هذا الفشل؟

عبد الوهاب بدرخان: التنافس السعودي التركي القطري ساهم في تفتيت المعارضة

بينما يحمل البعض مسؤولية سقوط حلب للمجتمع الدولي والدول الغربية التي تخاذلت في التصدي للتدخل الروسي الذي خلط الأوراق في سوريا وسهل لقوات النظام السوري تحقيق العديد من الإنجازات العسكرية على الأرض، يرى آخرون أن المعارضة نفسها هي المسؤول الأول عن هذا الفشل الذريع بسبب التناحر بين فصائلها وتضارب مصالحها، لكن بعض المتابعين لما يحدث في سوريا يعزون هذا الانقسام في صفوف المعارضة إلى سياسات الدول الإقليمية التي تقدم لها الدعم اللوجستي. وفي هذا السياق يقول عبد الوهاب بدرخان وهو محلل سياسي وكاتب في صحيفة الحياة اللندنية في حوار ل DW عربية، إن الإدارة العربية للأزمة السورية بشكل عام كانت مشوشة وتحديدا خلال الفترة التي شهدت إطلاق مبادرة عربية تقودها جامعة الدول العربية للبحث عن حل للأزمة، إذ لم تعط لهذه المبادرة فرصة كاملة لتبرهن على ما يمكنها تحقيقه. فبالإضافة إلى عدم وجود وحدة في الصف العربي والتفاف حول هذه المبادرة، هناك دول لم تكن معنية أساسا في هذا الملف، ومنها بالخصوص الجزائر ودول المغرب عموما، إضافة إلى دول كانت لها مواقف مغايرة كمصر.

مع اشتداد حدة المعارك والقصف الجوي والمدفعي بعد حصار خانق، حاول المدنيون الهروب من أحياء شرقي حلب باتجاه مناطق أخرى في المدينة أكثر أمنا.

معظم المحاصرين في شرقي حلب كانوا من الأطفال والنساء، اضطروا للسير على الأقدام ولمسافات طويلة تحت القصف المتواصل والطقس السيء للوصول إلى منطقة آمنة.

المدنيون في شرقي حلب يعانون من الحصار الخانق المفروض على المدينة ويحاولون النجاة والهروب بكل وسيلة ممكنة وحمل ما يمكن أن يبقيهم على قيد الحياة.

الكثير من الأسر فقدت معيلها وتحاول كل أم مثل هذه إنقاذ أطفالها من براثن الموت واللجوء معهم إلى مكان يقيهم وابل الرصاص والقذائف الذي يتعرض له من بقي في شرقي حلب.

سبقت العمليات البرية لقوات النظام وحلفائه في شرقي حلب، قصف مكثف ومتواصل لأيام عديدة دمرت ما تبقى من مستشفيات ومرافق صحية، فاضطر الناس إلى معالجة جرحاهم مثل حال هذه العائلة مع طفلها، في الشارع.

يعاني الكثير من الأطفال في حلب من صدمة نفسية وذهول نتيجة القصف والمعارك ورؤيتهم الموت والقتل أمام أعينهم، وباتوا بحاجة إلى معالجة نفسية أيضا.

بعد ضغط من المجتمع الدولي على روسيا والنظام السوري، توصلت موسكو إلى اتفاق مع تركيا لإجلاء من تبقى من المدنيين في شرقي حلب. لكن الاتفاق لم ينفذ وتجددت المعارك والقصف وبقيت الباصات فارغة تنتظر السماح لها بالدخول شرقي حلب وإجلاء المدنيين.

قبل المعارك والعمليات والقصف الجوي، تم فرض حصار خانق على شرقي حلب فاقم معاناة المدنيين وبات الوضع الإنساني كارثيا مع عدم السماح بدخول المواد الإغاثية ولاسيما الأدوية والأغذية إلى الأحياء المحاصرة.

حل الدمار والخراب في الأحياء التي كانت تحت سيطرة المعارضة نتيجة المعارك والقصف والغارات الجوية، وتحول الجزء الشرقي من المدينة إلى أنقاض.

قبل بدء الأزمة السورية والحرب قبل نحو ست سنوات، كانت حلب العاصمة الاقتصادية لسوريا ويبلغ عدد سكانها نحو 4,5 مليون نسمة وتم اختيارها عام 2006 عاصمة للثقافة الإسلامية.

وبحسب الخبير السياسي فإن من بين الأسباب التي جعلت المعارضة تصل إلى ما وصلت إليه هو ذلك التنافس بين الممولين لفصائل المعارضة وتحديدا تركيا والسعودية وقطر. ثم جاء الاتفاق التركي القطري بهذا الخصوص ليخلق فصائل إسلامية بين صفوف المعارضة، مما سهل تصنيف كل الفصائل على أنها إرهابية. ويضيف الخبير أن هذه الدول "لم تع أهمية ضرورة وجود تشكيل عسكري كالجيش الحر، لكن غير طائفي بطبيعته العسكرية، حتى يكون نواة للمعارضة فلا تتحول المعارضة لفصائل ودكاكين". وهذا ما أدى، باعتقاد بدرخان، إلى فقدان الجيش الحر لقيمته بعد أن بدأ الغرب يثق به ويسعى لتمويله والتعويل عليه كما سعت وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) لذلك ، حيث كان لديها انطباع جيد بالجيش الحر. من جهته كتب عبد الباري عطوان رئيس تحرير موقع رأي اليوم في افتتاحيته اليوم أن "حلب أوصلها الى هذه الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في التاريخ الحديث أمراء الفصائل، الذين كانوا يتطلعون الى السلطة ومغرياتها والمال الحرام القادم من عواصم الهوان والذل، وباتوا “أدوات” في يد من يدعم ويريد الدمار والخراب لهذا البلد الكريم العزيز".

أحياء حلب الشرقية - دمار كبير بعد أشهر من القصف والمعارك العنيفة

يشار إلى أن المبادرة العربية لحل الأزمة السورية بدأت سنة 2011 على خلفية عمليات قمع المحتجين واستخدام العنف ضدهم، ما أدى إلى مقتل الآلاف منهم، وفي هذا الوقت تم تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية كما تم إرسال مراقبين عرب إلى سوريا لتقصي الأوضاع هناك بعد توقيع سوريا على المبادرة العربية، وبعد ذلك بحوالي سنة تم طرح مبادرة جديدة تقضي بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد عن الحكم وتفويض نائبه لتولي مهامه.

رغم استمرار القتال الذي كان منتهيا أساسا في حلب، فإن النظام السوري حقق بمساعدة روسية وإيرانية نصرا عسكريا في حلب. المحرر راينر زوليش يعتبر أن الفضيحة تكمن في أن العالم يواصل تفرجه مكتوف الأيدي على استمرار القتل. (14.12.2016)

أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء الأوضاع الإنسانية في حلب، وصرحت عن انتهاكات فظيعة تحدث هناك، وأحرز الجيش السوري والمجموعات المسلحة الموالية له تقدما جديدا فيما أطلقت منظمة الخوذ البيضاء مناشدة للمجتمع الدولي. (13.12.2016)

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل