المحتوى الرئيسى

إيمان مسلماني تكتب: الطلاق بين حلاله وتمردها.. أبغض الحلال عند الله | ساسة بوست

12/14 17:56

منذ 1 دقيقة، 14 ديسمبر,2016

في المجتعات العربية لا تكفي المرأة ما تحمله من مبادئ وأخلاق ووعي أحضرته من بيت أهلها، ولكن هذا يحتاج لدعم من زوج المستقبل، فإمّا أن يحافظ على أخلاقها ويشجعها، وإمّا أن يُرهقها ويُعاقبها نفسيًا، وربّما جسديًا، مرّة تلو الأخرى، ولا تستطيع الرد؛ لأنّها كما يقولون «بنت ناس».

غالبًا بعد فترة لا بأس بها من الزمن، ستكفر تلك المرأة بالمبادئ والأخلاق والتربية، ستملُّ أن تكون «الإنسانة»، في مجتمع لا يعترف بإنسانيتها، أو يُقدِّر حاجتها منها.

غالبًا ستصبح غريبة الأطوار، تائهة بين ما تربت عليه، وما استحدث لها من معاملة، ستصبح شرسة تجاه الزوج الذي أهملها، وأهمل مشاعرها، وإنسانيتها.

كثيرًا ما  طلق أزواج زوجاتهم تعسفًا، دون حق، أو نظرة عطف، وتركها وأولاده، دونما مصروف أو دخل، متهربًا من حقها، ولو بسجنه لبعض الأيام والأسابيع، في بلد لا يعرف إلا الظلم.

ووجدنا تلك المرأة صابرة، محتسبة، لا تعرف من أين ستجدها،

من بعض أهلها الذين يلمزون ويهمزون أنّها لم تستطع الحِفاظ على زوجها أو بيتها!

أو من أهل طليقها الذين يتهمونها بالتقصير، وبأنّها تستحق ما جرى بها، ويؤذونها بكلامهم  بين الناس، والتقليل من شأنها، وكثيرًا من التلفيق على تصرفاتها وفي بعض الأحيان شرفها وأخلاقها.

أم من السيدات اللاتي أصبحن يخفن منها على أزواجهن، وكلّ واحدة تعتبر أنّها تملك ـ ملك زمانه ـ وبأنّ تلك المُطلقة لن تترك سبيلًا لخطفه منها، فتؤذيها بكلامها وتصرفاتها.

غير أقربائها الذين لا يرغبون بوجودها بين عائلاتهم، خوفًا من حسدها، فتصبح امرأة وحيدة، تبتعد عن معظم الجلسات العائلية.

لا لشيء سوى لأنّها تُريد إراحة رأسها ورأس من يتهمها، ويخاف منها.

وبعد أن بدأت الهجرات إلى بلاد الغرب، لم يبقَ أحد إلا تكلم عن طلب السوريات للطلاق في بلاد الغربة، والإساءة لهن، وأنهن الآن حصلن على الدخل، وأنهن يردن الحياة بعيدًا عن متطلبات الزوج الشرقي، وإلى الكثير الكثير من الكلام الذي ربّما يكون حقيقيًا في حالات قليلة، ومبالغًا فيه، في كثير من الحالات.

فقد أخبرتني إحدى السيدات المهاجرات، أنّها بعد زواج دام خمسة عشر عامًا، حصلت على الطلاق الذي لم تفكر به يومًا ما، لكنّها اليوم شعرت بأنّه من أبسط حقوقها.

كانت موظفة قبل الزواج واستمرت بوظيفتها كل فترة زواجها، تزوجت عن حبّ، أنجبت البنين والبنات، استقبلت الكثير من الزوار، ومارست حياتها العائلية بكلّ واجباتها، بل أكثر، لم يكن يعود زوجها كلّ يوم قبل الثالثة صباحًا، وإن عاد يجلس لساعات طويلة أمام التلفزيون، أو الإنترنت؛ ليتابع الأخبار، وما يحصل في الدنيا، فهو رجل مثقف يهتم بأمور الدنيا، وأمور الناس، ولا ينام الليل ليحل مشكلة هذا، وينظر في أمر ذاك، ويضطر لنوم النهار، فيهمل عمله، ويطرد، ليبحث عن عمل آخر، وتُعاد قصته في كلّ عمل جديد.

لم تكن تشعر بأنوثتها إلا ساعات قليلة، إن أراد النوم جانبها، ويتركها كفتاة ليل بعد انتهاء شهواته كل ليلة، وحيدة حزينة، لا تشعر بالدفء الزوجي الذي كانوا يتكلمون عنه، فكانت ترغب بالحمل والإنجاب، عسى أن تشعر بأنوثتها، ووجوده بجانبها، ولو ساعات قليلة.

بالرغم من الحبّ، كان يضربها لأتفه الأسباب، إن اعترضت على سهراته البريئة، إن اعترضت على تقصيره في عمله، إن أرادته أن ينام بجانبها كأي زوج  وزوجة، إن اشتكت قلة عنايته بالأولاد، كان يضربها بعنفٍ، وبعض الأحيان بالكثير من السادية التي تُبكيها وتؤلمها لأيام وأيام.

كانت تصرف كل رواتبها، وما يرسله الأهل لها من نقود ومساعدات في بيتها وعلى أولادها، ولم يكن يشعر بفضل أو كرمٍ منها.

لم تكن تستطيع الكلام عن ضربه أمام أهلها، فسيقولون لها أنت من أحببته وتزوجته، ويلومونها، ولن تلقى منهم إلا كلّ نظرة سيئة وكلمة مؤذية.

أمّا أهله فكانوا يعلمون ببعض الأشياء، ويسكتون، وربّما يفرحون أنّ ابنهم رجل ويضرب زوجته.

قالت لي: عندما أصبحت في أوربا شعرت بأنّني إنسانة، وبأنّه لن يستطيع أخذ أولادي مني.

سأجد ملجأ لي، ولن أخاف من كلمات تؤذيني، وسيدات يخفن على أزواجهن مني، سأحظى ببعض الهدوء والتفكير بمستقبلي ومستقبل أولادي بعيدًا عن ظلمه، وضربه، وإهانته لي، وبالنهاية كذبه بأنّه يُحبني، سأحظى ببعض الراحة التي ربّما لن أجدها، ولكنني سأعرف حينها أنّي استطعت اتخاذ قرار، وسأكون على قدر مسؤوليته، كما كنت سابقًا، ولكن هذه المرة بدون إهانة، أو تهميش لما أُقدم.

وأنا ما زلت أرى في كلماتها الكثير من الحق، والكثير من الكلمات الراسخة بين سطورها والتي لم تحكها، ما زلت أرى أنّ الكثير من السيدات اضطررن لأن يعشن وحيدات تمامًا، وقد سُمي عليهن أزواج، أزواج بلا مشاعر أو أحاسيس،

وكيف لعائلة أن تستمر، وأن يتربى الأولاد على المحبة والإخلاص، إن لم يروه واقعًا بين أم وأب؟ لم يمارسوا دور العائلة الحقيقي في التعاون والتقدير.

وقبل النهاية، ومع أنّ الطلاق من أبغض الحلال، ولكنّه حل لكثير من المشاكل والمشاعر السلبية، وعلى الشريكين  التفكير بأنّ لا يصلوا إلى هذا الحل، ليس لأنّهُ سيئ ويؤثر على الأولاد، ولكن أن يعرفوا أنّه لا بدّ منه إن لم يتخذوا  تدابير واحتياطات سابقة، قبل اتخاذه، فالعائلة لا يمكن أن تُعوض، ولا يستقوي الرجل بما أعطاه القانون والمجتمع السيئ الذي أعطى الرجل الحق بإهانة زوجته، ولا حسيب ولا رقيب عليه.

وليتذكر دائمًا كما يحق له الطلاق، يحق لها، وكلاهما عند الله بشر يتساويان بالحقوق والواجبات بما أنزل الله.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل