المحتوى الرئيسى

عماد الأطير يكتب: الإرهاب ومفتاح الجنة | ساسة بوست

12/14 15:52

منذ 2 دقيقتين، 14 ديسمبر,2016

سوف أتحدث اليوم عن الإرهاب، ولكن بمنظور مختلف وبطريقــة غير التي تفكرون بها، فلن أجمــع كلماتي مثل الرصاص وأقذفها في وجه الإرهاب، ولكن سوف أبحث عن ذلك الفيروس وسبب انتشاره في بلادنا العربية، وكيف نحصن أنفسنا من هذا الفيروس اللعين الذي دمر اليابس، وقتل الأبرياء.

إن الإرهاب قام بتحويل حياتنا إلى بركة من الدماء، فالكثير مننا قد ذاق مرارة وقســـوة هذا الإرهاب، وكيف يذهب الشباب إلى الجماعات الإرهابية ويرتدون الأحزمة الناسفة ويقتلون أنفسهم ويقتلون معهم الأبرياء الذين يسعون إلى لقمة عيشهم، أو القيام بتعاليم دينهم كما حدث مؤخرًا في الكاتدرائية بالعباسية مع الأخوة المسحيين.

لقد انتشر هذا الفيروس في جميع أنحاء العالم، وأصبح ينجرف نحو هذا الفيروس الكثير والكثير من مختلف الأعمار، ويزداد ذلك الفيروس في جميع أنحاء البلاد، والذي أدى إلى انتشار القتل والفساد والخراب، وانتشر معه الجمــــاعات الإرهابية بمسميات مختلفة، وأصبحت لهذه الجماعات عالم خاص بها ينشرون فيه شتى أنواع الضلال والفســـــــاد، ويخربـون العقول الفارغــــة، ويجعلونهم يعتقدون أن ما يقومون به هو مفتاح الجنة والشهادة.

إن معظم المنتمين لتلك الجماعات الإرهابية ليسوا على قـدر من الوعي والثقافــة، ســـواء كانت ثقافة دينية أو دنيوية؛ لأن الشخص المسلم الحق يعلم جيدًا تحريم قتل الإنسان بصرف النظر على ديانتـــه، فلكل شخص الحرية الكاملة فيما يريد أن يعتنق، فالدين لله والوطن للجميــــع.

إن الغرب هو من قام بصناعة الإرهاب، وهو من زرع البذرة الإرهابية في المناطق العربية حتى يخلق الصراعات والفتن بين أفـراد المجتمع، وعلينا أن نبحث دائمـًـا عن المستفيد من الإرهاب في المنطقة، فعلى سبيل المثال يسكن الكثير من الجمـــاعات الإرهابية في سيناء وهم قريبون من إسرائيل، ولكن العمليات الإرهابيــة التي تتم تكون ضد الجيش المصري وليس الإسرائيلي، فهل هذا من أجل الدين أم من أجل المال أو من خلال تنفيذ سياسة الغرب الحقير الذي يحاول تدمير بلادنا بأنفسنا.

إن مشكلة البلاد العربية التي أدت إلى ظهور هذا الفيروس الخطير فيها هي بعدها الكبير عن تعاليم ومفاهيم الإسلام الحقيقة، والانشغال بالقضايا الفرعية والتافهة من وجهة نظري من حيث طول اللحية والبنطلون والحجاب أم النقاب، ويتناسون هؤلاء أن الدين المعاملة، والدين الأخلاق، والدين الحرص على حياة الآخرين وعدم إيذاء حرية الأشخاص، فمن حق الجميع أن ينعم بالحياة بدون الخوف من القتل، فمتى نتغير ونتحول إلى كائنات راقية تمتاز بالعقل وبالوعي وبالأخلاق، فالحياة غالية والدنيا شاسعة وفارغة تستوعب جميع الديانات والأجناس، فلماذا إذًا نقتل بعضنا البعض؟

إن هؤلاء الإرهابيين هم عبارة عن فئة مغيبة وضالة لم تجد طريقها الصحيح في بلادنا العربية المنتشر فيه الفساد، فلجأ البعض إلى هذا الطريق وإلى شيوخ الضلال، فهم قاموا باستيعابه والترحيب به، وبدأ الشخص في بناء فكره من خلال آيات وأحاديث وأفكار شيطانية، وغرز فكر ديني غير سليم فهم يفسرون الآيات حسب أهوائهم.

ونظرًا لضحالة تفكير الشخص المنضم لهم فهو يعتقد أنهم على صواب، ويؤكدون له أنه على الطريق الصحيح، وفي يده الآن مفتاح الجنة والشهادة، ولكنه يحتاج إلى الجهـــاد والتخلص من الفاسقين والكفـــار من وجهة نظرهم، حتى لو كانوا مسلمين مثلهم، ولكن لا يطبقون حكم الله فوجب قتلهم، هذا هو تفكيرهم والتفكير الديني العقيم الذي يهدف إلى القتل وإسالة الدماء. وبالتالي يكون الشخص مستعد أن يرتدي حزامًا ناسفًا من أجل الشهادة والجنــــة الوهمية التي يعتقدها.

يجب أن نعيد التفكير في حياتنا، فالإرهاب يحمل فكرًا منحرفًا وخطيرًا يتسم بالكفر والقتل، ولكن كيف وصل هؤلاء إلى ذلك التفكير؟ فالإجابة ببساطة أنهم لم يجدوا التفكير الصحيح، فلقد انشغلت معظم الشعوب العربية بالحفاظ على كرسي الحكم، والبعض الآخر اتجــه نحــو الإغــراء والتعـرية والزنا وأفعال المنكر تحت مسميات الحرية وعصر الديمقراطية والانفتاح، والقيـــام بأفعال الربا تحت مسمى المرابحات الإسلاميــة، وكذلك الربا الواضح الموجود في البنوك وفي كل الدول الإسلامية، وانتشار الدعارة الصريحة في بلادنا العربية، وشرب الخمر والمنكر، فنحن ببساطة تركنا إسلامنا وتعاليم رسولنا واتجهنا نحو تعاليم الغرب المدمرة في العادات والتقاليد.

يجب أن نعترف جميعًا أننا من صنعنا الإرهاب، وأننا من قمنا بتكوين تلك الجمـــاعات الإرهابية من خلال انتشار التطرف الديني في المجتمعات العربية، والتي تم مواجهتهـــا بالقـوة وليس بالإقنــاع، فلم يظهر الشيوخ ورجال الدين بتوضيح الحقائق، بل قامت الدولة بإيداعهم بالسجون، وصنعت منهم أبطالًا وشهداء، فمثل هذه الأفكار يجب مواجهتها بالحجة وإثبات الضلال والتضليل الذي يقومون به، فإذا أردنا أن نقضي على فيروس الإرهاب فلا بد من الرجوع إلى تعاليم الدين الصحيح، وبث الفكر الديني السليم، وليس المتطرف، من خلال حاكم عادل وحكـــومة عادلة تهدف إلى مصلحة شعبها، وليس مصلحة شخصية لها، والبعد عن الظلم، فنحن في أمس الحاجة إلى إعـــلام محترم يهدف إلى نشر الفكر والثقافة، وليس التضليل وكسب الإعلانات.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل