المحتوى الرئيسى

التأمين الصحى يحتضر

12/14 10:40

فى ظل وضع مائع ومضطرب ومتردٍ سياسياً واقتصادياً وصحياً وتعليمياً واجتماعياً، ليس غريباً أن نجد مسئولاً فى وزارة الصحة يؤكد هذه الأوضاع المتردية، ويعترف بفشل منظومة الصحة ككل وخصوصاً مظلة التأمين الصحى وإهمال الدولة للمريض والطبيب.

«الوفد» التقت الدكتور توفيق عزت مدير عام عيادة النصر الشاملة للتأمين الصحى بحلوان، وعرضت عليه بعض المشاكل التى تواجه المواطنين.

قال عزت لـ«الوفد» إن جميع أطباء التأمين الصحى بلا استثناء، لا يطبق عليهم «الكادر» مثل أطباء وزارة الصحة.

واعترف عزت بوجود تدنٍ فى الخدمة بمستشفيات الحكومة، مضيفاً أن أقرب مثال على ذلك هو مستشفى حلوان العام.

وأضاف أن أطباء التأمين الصحى غير راضين عن الخدمة التى يقدمونها نظراً لنقص الإمكانيات والنقص فى عدد الأطباء، وهجرة آخرين من التأمين الصحى إلى وزارة الصحة من أجل تحسين وضعهم المادى.

وأوضح أن تلك الهجرة هى سبب الخدمة السيئة بالتأمين الصحى لعدم وجود أطباء.. علماً بأن عدد الأطباء فى مصر كبير جداً..

وعندما يعرف الطبيب أن زميلاً له فى مستشفى حكومى يحصل على الكثير من الأموال والامتيازات.. علماً بأن كلا الطبيبين خريج كلية طب قصر العينى أو خريج كلية واحدة.. فإنه يفضل الهجرة.. وهكذا يحتضر التأمين الصحى.

وكشف توفيق أن الطبيب فى المستشفيات الحكومية يحصل على حوافز بنسبة 700٪ من الراتب فى حين أن طبيب التأمين الصحى يحصل على حوافز 350٪ والمرتب ثابت وفقاً للدرجات.. فلماذا هذا الفارق خصوصاً أن التأمين الصحى ووزارة الصحة والمستشفيات التعليمية ثلاثة قطاعات جميعها تابعة لوزارة الصحة.

وأكد توفيق أن هجرة الطبيب من التأمين الصحى إلى وزارة الصحة والمستشفيات الخاصة يرجع لتدنى المرتبات والأجور فى التأمين الصحى للأطباء والتمريض أيضاً.. وهذا هو السبب الذى أدى إلى الإهمال وعدم وجود خدمة جيدة للمريض فى التأمين الصحى، رغم أن طبيب التأمين يقدم خدمة أكبر من طبيب المستشفيات الحكومية، وأشار إلى أن التأمين الصحى قبل «الكادر» كان ملجأ للأطباء.

وبصوت رافض لكل الأوضاع الخاطئة قال: «للأسف صوت التأمين الصحى لن يصل إلى الحكومة».

ولفت "توفيق" إلى وجود عدد كبير جداً من أطقم التمريض هرب من التأمين الصحى وتقدم بإجازات رعاية طفل من أجل العمل فى مكان آخر بحثاً عن المال.

وأشار إلى وجود نقص كبير فى الأدوية والمستلزمات الطبية فى التأمين الصحى.. وهذا ما تعانى منه مصر الآن من نقص فى الدواء والمستلزمات الطبية وهذا ناتج عن ارتفاع الدولار وعدم الاستيراد. وأضاف أن هناك أيضاً نقصاً كبيراً فى عمالة التأمين الصحى بالخدمات المعاونة للطبيب والأمن، مؤكداً أن عدم تطبيق الكادر هو السبب الحقيقى فى تقديم خدمة سيئة بالتأمين الصحى فى مصر.

ويضيف توفيق: «مطلوب من طبيب التأمين الصحى أن يجرى الكشف على 80 حالة فى اليوم خلال 6 ساعات.. فكيف له أن يكشف عليهم بما يرضى الله، خصوصاً مع كثرة أعداد المرضى وقلة عدد الأطباء».

ولفت إلى أنه فى الماضى كان المدير الذى يخرج إلى المعاش فى أى جهة لا يفضل الكشف فى التأمين الصحى، ويقول التأمين الصحى «بتاع الغلابة» اتركوه لهم.. لكن الآن نظراً للحالة الاقتصادية التى تمر بها البلد يتوجه كثيرون للتأمين الصحى بعد أن كانوا رافضين الذهاب إليه وأصبحوا يأخذون الأدوية التى كانوا يقولون عليها فى الماضى إنها مثل «النعناع والملبس» وليست بها مادة فعالة.. ويأخذونها الآن مضطرين نظراً لارتفاع سعر الأدوية، فمرتباتهم أو معاشهم لا يكفى لشراء علاجات سكر أو ضغط وغير ذلك الكثير.. ولا شك أن هذا حق من حقوقهم ولا أحد يعطيهم شيئاً من جيبه.

وأوضح توفيق أن أعداد المرضى المترددين على التأمين الصحى زادت مقابل تراجع أعداد الأطباء والتمريض ومقدمى الخدمة.. وهذا ترك انطباعاً سيئاً وخلق حالة من عدم الرضا بين المنتفعين من الخدمة التى يقدمها التأمين الصحى.

ولا شك أن الزحام شىء طبيعى لكن التكدس بالتأمين الصحى غير طبيعى. فبعد أن كان بكل تخصص من 10 إلى 15 طبيباً بالتأمين الصحى، نجد 4 أطباء فقط مع زيادة عدد المرضى.

وأشار إلى أن بعض الأطباء لهم طاقة، وبالتالى يضطرون لسماع شكوى المريض شفهياً دون توقيع الكشف الطبى عليه بالسماعة الطبية، وقال: إن وزارة الصحة تخرج كل عام عدداً كبيراً من الأطباء والتمريض.. وكل ذلك يهرب فى «التكليف»، ولا يوجد تكليف إجبارى، وإذا وجد تدخل نسبة قليلة جداً من أطقم التمريض والأطباء التأمين الصحى، والباقى «يهرب».

ولفت توفيق إلى أن هذا عكس ما كان يحدث بالماضى.. فالكل من أطباء وتمريض كان يريد العمل فى التأمين الصحى، وكان يتوافد منتدبون من وزارة الصحة على التأمين الصحى نظراً لأن الأجور كانت مرتفعة جداً آنذاك فى التأمين الصحى، لكن عندما اختلف الأمر و«انعكست الآية» أصبح لدينا العجز فى الأطباء بالتأمين الصحى.

ويطالب توفيق، الدولة بتطبيق كادر الأطباء على موظفى وأطباء الهيئة العامة للتأمين الصحى، وأكد رئيس عيادات النصر للتأمين الصحى بحلوان أنه على علم بأن الناس يشتكون من سوء الخدمة المقدمة من التأمين الصحى، والوقوف فى طوابير لمدة طويلة.. بجانب الشكوى من أن الأدوية غير موجودة، والمرضى يجلسون وقتاً طويلاً فى انتظار الطبيب.. وفى النهاية لا يكشف عليهم.. ويسأل توفيق: «نجيب أطباء منين؟ ويومياً يتم توقيع الكشف الطبى على 4 آلاف مريض، مع وجود عجز فى الأطباء والأدوية». والمريض يعتبر «نزلة البرد» حدثاً جللاً فى حين أن الطبيب يعتبرها هايفة.

وأضاف أن مرضى التأمين الصحى لديهم الحق فى الشكوى عبر وسائل الإعلام، والمريض ليس له علاقة بنقص الأدوية والمستلزمات ومن حقه أن ينال خدمة جيدة.. وإذا تمت معاملة المريض داخل التأمين الصحى بشكل جيد سيرضى عن الدولة، بينما إذا وجد خدمة سيئة سيأتى الصدام الرهيب بين مقدم الخدمة الطبية من الطبيب والتمريض والعاملين وبين المنتفعين.

وتحدث توفيق بحزن قائلاً: «أنا منقوط جداً من الوضع اللى إحنا فيه.. لذا أناشد الدولة أن تدعم التأمين الصحى بكل الطرق من أجل محاربة القطاع الخاص.. لأن الموت فى مصر أصبح أرخص من المرض».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل