الضيف أحمد.. حكاية «ابن موت» داعبته النجومية 7 سنوات فقط

بملامح طفولية رسمتها بشرة سمراء، وجسد نحيل، وقامة قصيرة، أطلّ على جمهور الكوميديا، فأسر قلوبهم منذ الوهلة الأولى، رغم أن الجديّة لم تكن غريبة عن شخصيته، فقد كان هو العقل المدبر لفرقة اشتهرت في ستينيات القرن الماضي، وهي "ثلاثي أضواء المسرح"، التي ضمّت الفنانين جورج سيدهم، وسمير غانم، والتي انهارت بعد وفاته، لفشل استنساخ "ضيف" جديد.

كان "الضيف أحمد الضيف" ضيفًا خفيفًا على الفن، بل والدنيا كلها، التي لم تمنحه أكثر من 33 عامًا في رحابها، نجح في الـ7 سنوات الأخيرة منهم في تحقيق جماهيرية طاغية داخل مصر وخارجها، وكان بحق مشروع نجم كوميدي عملاق سيغير من ملامح الكوميديا في مصر، لكن الموت كان أقرب إليه من أي شيء آخر.

أبصر "الضيف" نور الحياة يوم 12 ديسمبر عام 1936 بمدينة "تمى الأمديد" بمحافظة الدقهلية، حيث تربى في كنف أسرة متوسطة الحال، لم يكن الفن من اهتماماتها، إلا أن الطفل الصغير ظهرت عليه معالم الموهبة مبكرًا، حيث تميز في تقليد المدرسين في مدرسته، لكن الأمر تطور بدخوله الجامعة.

خلال فترة وجيزة أصبح الضيف نجم مسرح كلية الآداب، بجامعة القاهرة، الذي قدم على خشبته مجموعة من روائع المسرح العالمي مثل "ألفريد يغني"، و"شترتون"، و"جون دورك مالنا" و"الغربان" و"الأخوة كرامازوف"، فحصل على عدة جوائز عن أدوار في تلك المسرحيات، وذاع صيته على مستوى الجامعة.

أثناء تمثيله لدور في إحدى الروايات على مسرح الجامعة، شاهد الفنان فؤاد المهندس، الذي كان يتابع نشاط مسرح الجامعة آنذاك، فأُعجب بأدائه، وطلب منه الاشتراك معه في مسرحية "أنا وهو وهي"، فكانت تلك هي الخطوة الأولى على طريق احتراف التمثيل.

وعقب تخرجه في الجامعة عام 1960 التحق بفرقة "ساعة لقلبك"، ثم اقتحم عالم السينما في عام 1963، وقدم خلال 7 سنوات فقط، 40 فيلمًا، أبرزهم "المجانين الثلاثة"، وفيلم "القاهرة في الليل" مع صباح وفؤاد المهندس وشادية، و"مطلوب زوجة فوراً" مع فريد شوقي وليلى طاهر، و"فرقة المرح" عام 1970 مع شمس البارودي ومحمد رشدي، وكانت تلك السنوات السبع هي فترة النجومية في حياة الضيف أحمد.

توهج نجم "الضيف" بعد تكوينه بشكل رسمي فرقة "ثلاثي أضواء المسرح"، مع سمير غانم وجورج سيدهم، في عام 1967، حيث قام باستئجار مسرح "الهوسابير"، وأخرج عددًا من العروض الفنية، فقد كان فنانًا شاملًا، يتمتع بروح التمثيل، ورؤية الإدارة والإخراج، وحس التلحين والتأليف.

وعلى خشبة مسرح "الهوسابير"، قدم الضيف مع فرقته عددًا من العروض المسرحية الناجحة مثل "براغيت"، و"حواديت"، و"طبيخ الملايكة"، و"أحدث امرأة في العالم"، و"الرجل جوز مراته"، كما تم استثمار ذلك النجاح المسرحي في السينما، عن طريق تقديم الفرقة لـ27 فيلمًا.

رحيل الضيف المفاجئ أكد على نظرة زملائه له بأنه "ابن موت"، أي أن رحلته في الحياة قصيرة، حيث روى صديقه الفنان سمير غانم تفاصيل الموت المفاجئ له خلال برنامج "العاشرة مساءً"، بعد عودتهم من الأردن.