المحتوى الرئيسى

وحدة بلا توحد

12/11 21:42

نشرت صحيفة الرياض السعودية مقالا للكاتبة ــ ملحة عبدالله ــ تقول فيه شيئا مرعبا للمتأمل فى حال ما يجرى للأمة العربية، والأغرب من ذلك هو أننا لا ننظر إلا تحت أقدامنا ولا نطيل النظر قليلا إلى ما يجرى حولنا من مؤامرات هدفها الأساس القضاء على هذه الأمة وتشريدها. ونحن بطبعنا متفائلون ونهتم بقوت يومنا ونذهب إلى الدعة والأنس والمتعة!

أمر مرعب حقيقة لمن يطلع على أصل المخططات وبعض «الفيديوهات» ثم بلا هذا أو ذاك الحرب المشتعلة فى كل مكان من وطننا ولا يخفى على أحد ذلك الخراب فى صميم الجيوش العربية إذ لم يتبق إلا جيش المملكة العربية السعودية ومصر. ألم نسأل أنفسنا ذات مرة: لمصلحة من وإلى أى أمر ننتهى إليه؟!

فرحنا وانتشينا بخبر قيام أول محكمة عربية، فهل تتبعها وحدة عربية؟ قد يقول قائل إنه كلام مستهلك؛ لكنها أصبحت ضرورة.

تقول الكاتبة حقيقة الأمر إن وطننا العربى قد أصبح فارغا ويتوجب أن نملؤه بوحدة عربية لأنه أصبح مطمعا نتاج هذا التفكك الإقليمى العربى الذى لا ينبئ إلا بمزيد من الشتات إذا تمادينا فى ذلك.

كتبت فى مقالى السابق تساؤلا ملحا عن وحدة دول التعاون الخليجى، أما الآن فأصبح بالأمر المُلح أيضا توحُد هذه الأمة من طنجة حتى البحرين توحدا سياسيا واقتصاديا ومعنويا إذا ما أدرك المعنيون بالأمر معنى هذا التوحُد وهذه اللُحمة، التى هى فى أصلها أب وأم وعرق ودم وتراث ولغة ودين وعادات وكل معانى الروابط التى تصبح عمقا تاريخيا لهذا المشروع. لم يعد هناك من سبيل سوى التئام الجرح الدامى والنازف بالاتحاد، فالسماء غائمة والشمس قد لا تشرق من جديد على وطن تتكالب عليه الأمم.

ثم تتساءل من الذى قال إن هذه الدولة كذا وتلك كذا والسهام تضرب فى الخاصرة والمصالح تتوسع والوطن العربى يضيق ويسبح فى بحار الدم والمتفجرات والأسلحة تحصد الرءوس ونحن نهرول لاقتناء العربات والفيللات، وتجار الذهب الألماس يتبارون فى معروضاتهم، إنه العبث الذى كتبه (صمويل بيكيت) و(جين أونيل) و(آداموف) وغيرهم؛ الذى أصبحنا نحياه بكل تفاصيله.

وتستطرد قائلة «تساءلتُ ذات مرة عن الغجر من أين أتوا وما هو أصلهم ولماذا هم مشتتون فى الأرض؟» فالغجر ليسوا بقايا شعب ولا بأقلية أو طائفة ولا أتباع ديانة منسية، بل هم «شعب» بلا هوية توحدهم ولا قومية تجمعهم، ولا وطن يحلمون بسيادته أو بالعودة إليه يوما. مجموعات آمنت أن كل الأرض وطنهم وأن التسكع لعنتهم. وكما تقول فونيسكا: «لم يكن للغجر أبطال ولا أساطير عن التحرر العظيم وعن تأسيس الأمة وعن الأرض الموعودة». وانتشرت حولهم الأساطير والأقاويل حتى قيل عنهم: «من معتقدات الغجر أن الجد يسمى (كين) وقد قتل شقيقه وعوقب من الله بأن جعله هائما فى الأرض هو وذريته من بعده».

هذا جزء بسيط من تلك الأساطير؛ لكن حقيقة الأمر ــ كما تؤكد الكاتبة ــ أن الغجر هم من لم يصروا على حقهم فى أوطانهم ولم يدافعوا عن حقهم فى الحياة فأصبحوا شتاتا فى الأرض بلا قومية أو هوية!

وتعتقد أن من حقنا الوقوف على أرض صلبة فى هذا المنحنى الخطير وأن تتحقق الوحدة العربية التى طالب بها الكثيرون منذ أمد بعيد وها نحن نرى التكتلات العالمية تجرى بينهم ونحن نضرب المعاول فى عمق تاريخنا (إنه ضرب من ضروب العبث الذى نقرؤه فى الروايات العالمية) نقاتل بعضنا البعض وكأن هذه الأمة قد جاء أجلها (يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين) الآية..

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل