المحتوى الرئيسى

نوبل.. أغلى «كفّارة ذنب» في العالم

12/10 14:31

حينما يحاصر الذنب صاحبه، يؤرقه وينغّص عليه حياته، حتى يستيقظ ضميره من غفلته، فيود لو لم يركتب كهذا ذنب، ويبدأ في البحث عن "كفّارة" تريحه من عذاب الضمير، وتشفع له أمام نفسه وأمام المجتمع، عسى أن تكون شاهدًا على حُسن نيته، إذا ما غادر الدنيا، وأصبح ذكرى يتناولها الناس بالخير.

سيطرت تلك الحالة على عالم الكيميائي السويدي ألفريد نوبل قبل وفاته، وكانت دافعًا لظهور أرقى وأغلى جائزة في العالم، تكفيرًا لذنب اركتبه، لم يتخيل يومًا أن يكون سببًا في فناء البشرية.

أثناء اشتغال ألفريد على ترويض مادة "النيتروجلسرين" المدمرّة، توصل إلى اختراع "الديناميت" عام 1867، وسجّله كبراءة اختراع، كان يهدف من ورائه خدمة البشرية وليس تدميرها، من خلال استخدامه في شق الطرق والأنفاق وتسهيل التجارة، وتجنيب  الأفراد الانفجارات غير المرشدة التي كان يمكن أن تتسبب فيها مادة "النيتروجلسرين".

اشترى الاختراع  الكثير من شركات البناء والمحاجر والعديد من جيوش الدول، وقام ألفريد نفسه ببناء عشرات المصانع المتخصصة في صناعة "الديناميت"، الأمر الذي عاد عليه بثروة طائلة، لكنه تعرض لحملة هجوم شرسة من الصحافة الإنجليزية، التي وصفته بـ"تاجر الموت"، بعد أن اُستخدم اختراعه في إبادة الناس.

استحوذ عليه الإحساس بالذنب، فقرر عمل شيء يعود بالنفع على البشرية، الذي ساهم في تدميرها بدون قصد، وكتب في وصيته قبل موته أن تُستثمر ثروته، البالغة حينها 30 مليون كرونا سويديّة، في مشاريع استثمارية يخصص جزء كبير من ريعها في تقديم جائزة سنوية لأهم الاختراعات والاكتشافات التي تعود بالنفع على البشرية، وحدّد مجالات الجائزة وهي الكيمياء والفيزياء والطب و علم دراسة الأعضاء والآداب والسلام العالمي.

يُقال إن ألفريد نوبل استثنى مجال الرياضيات لأن حبيبته هجرته ورفضت الزواج منه بسبب عشقها لعالم رياضيات، ولكن مؤرخين كُثر رفضوا مثل هذا الظن لعدم وجود الأدلة والبراهين التي تثبته، في حين قام البنك السويدي باستحداث جائزة "نوبل" للعلوم الاقتصادية في عام 1969، إلّا أنّ عائلة العالم السويدي لم تعترف بالجائزة المستحدثة، حيث إنّ ألفريد لم يذكرها من ضمن المجالات الّتي تُمنح لها جائزة نوبل، وفي 27 نوفمبر من عام 1895 قام  النادي "السويدي – النرويجي" بالتوثيق على وصيّة نوبل كجائزة سنويّة.

حددت مؤسسة جائزة نوبل شروط منحها، وهي ترشيح أشخاص على قيد الحياة، ممن كان لهم إساهامات واضحة في المجالات المذكورة، وذلك من جانب الحاصلين عليها مسبقًا، وكذلك المتخصصين في تلك المجالات، على أن يتم علان أسماء الفائزين في شهر أكتوبر من كلّ عام من قِبل اللجان المختلفة والمعنيّة بذلك.

تحدد الأكاديمية السويدية للعلوم أسماء الفائزين في مجالي الكيمياء والفزياء، بينما يقوم معهد "كارولينسكا بستوكهولم" باختيار الفائز في مجال الطب والفسيولوجيا، في حين يقوم البرلمان النرويجي بانتخاب خمسة أشخاص ليختاروا الفائز بجائزة السّلام العالمي، وفق ما أوضحه الموقع الرسمي للجائزة.

وتُسلّم الجوائز في احتفال رسمي في العاشر من ديسمبر من العام نفسه، وهو يوم وفاة صاحب جائزة، إلا أن جائزة نوبل للسلام، يتم تسليمها في قاعة مجلس مدينة "أوسلو" بالنرويج، وذلك وفقًا لوصية نوبل.

الجائزة عبارة عن ميدالية ذهبية، منقوش عليها صورة العالم السويدي ألفريد نوبل، بجانب شهادة تقدير، ومبلغ مالي يتقاسمه الفائزون، و لهم حقّ التصرّف فيه بحريّة كاملة.

قبل عام 2012 كان مجمل ما وصلت إليه القيمة المالية للجائزة 10 ملايين كورون سويدي، إلا أنه تم تخقيضها من قبل مؤسسة نوبل إلى 8 ملايين كورون سويدي، بما يعادل 1.12 مليون دولار، لضمان استمرارية الجائزة، بعد الإسراف الذي استنفد الموارد المالية التي تركها ألفريد لأسرته، والتي من ريعها يتم تدبير مبلغ الجائزة، وفق ما أعلنته المؤسسة في عام 2012، ونشره موقع وكالة أنباء "رويترز".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل