المحتوى الرئيسى

الدكتور عبدالمقصود باشا أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية: افتراءات الغرب تستمد مادتها من فكر أبى جهل وأبى لهب | المصري اليوم

12/09 21:53

قال الدكتور عبدالمقصود باشا، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن كتابات المستشرقين فى الغرب عن نبى الإسلام محمد، عليه الصلاة والسلام، تتباين حسب الغرض وليست كلها منزهة عن الهوى، منبها إلى أن هناك كتابات منصفة لكن لا يجب أن تؤخذ كمسلمات مطلقة. وقال باشا، وهو عضو بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، فى حواره لـ«المصرى اليوم»، إن هناك مؤلفات جردت الرسول من كل ميزة وألصقت به كل نقيصة، لافتا إلى أن افتراءات الغرب ضد النبى تستمد مادتها من فكر أبى جهل وأبى لهب وتحاكى تماما ما قاله السفهاء فى عصر الرسول. ولفت إلى أن هناك كثيرا من الكتابات المنصفة فى حق نبى الإسلام، ولكنها تتعامل معه كرجل وليس كنبى، داعيا إلى ضرورة الالتزام بضوابط كتابة السيرة، والتى يأتى على رأسها العلم بالقرآن والحديث النبوى الشريف.. وإلى نص الحوار:

■ ما رأيك بوجه عام فى المؤلفات الغربية التى تصدر عن الرسول عليه الصلاة والسلام؟

- إذا تتبعنا آراء المستشرقين والمستعربين فى حديثهم عن الرسول، لوجدنا فى هذا التناول مدارس مختلفة، المدرسة الأولى لا تعنى إلا بتأويل كل موقف حتى وإن كان ظاهر الحسن لتجعله فى غاية السوء، وبالتالى ظهرت كتابات متعددة ومؤلفات كثيرة، تسب وتلعن سيدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام، فبعض المصادر ألصقت به كل نقيصة وجردته من كل ميزة، فهو المستغل وهو السيئ، وتبنت هذه المدرسة فكر أبى لهب وأبى جهل، وكانت هذه المدرسة تحاكى تماما ما قاله السفهاء فى عصر رسول الله، وهناك مدرسة أخرى من المستشرقين تعاملت مع الرسول بمنطق الحياد، ولكننا نلمس من حيادهم نبرة التحيز والتأويل لصالح فكرهم.

■ لكن ألا يوجد إنصاف لشخص الرسول الكريم فى كتابات بعضهم؟

- بالطبع هناك أسماء كثيرة مثل كارين أرمسترونج، ومايكل هارت، وتوماس أرنولد وتوماس كارليل، فكارين مثلا سيدة منصفة إلى حد ما ولكن تغلب على مدرستها النزعة النفسية فى تفسير سيرة الرسول، كما أن مايكل هارت يتعامل مع النبى كشخص ويقيس مدى تأثيره وفقا لضوابط وضعها، حيث وجد أن هذا التأثير يمتد لأكثر من 1400 سنة، وخذ عندك رأى توماس أرنولد فى كتابه الدعوة للإسلام، وهو كاتب إنجليزى راق، وعلى الرغم من أنه منصف إلا أننى استخرجت 360 ملاحظة منهجية أكاديمية، وتبينت أنه ينقل من المصادر ولكنه يوائم بها ما يتماشى مع فكره.

■ هل معنى هذا، وبعيدا عن نظرية المؤامرة، ضرورة توخى الحذر عند قراءة أعمالهم؟

- أؤكد لك أن الباحث لا يخلو أيا كان دينه، وأيا كان موقعه، وأيا كان فكره من الهوى، حتى عندنا هنا فى ثقافتنا العربية هناك من يهاجم الصحابة والرموز استنادا للبحث العلمى، فخذ عندك مثلا الدكتور حسين مؤنس، أستاذ التاريخ، رحمه الله، كان يهاجم عقبة بن نافع، فأنا أختلف مع فكره عندما اعترض فتح عقبة بن نافع لبعض المناطق فى القيروان، وقلت له فى كلية الآداب وقتها أنت تحكم بمنهجيتك أنت، ولكن من وجهة نظرى أنت لا تحكم بموضوعية، كما أن هناك من يهاجم أبوهريرة، رغم أن هناك أشياءً لا تدرك ولا تحس، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجلس فى المسجد، وقال لأصحابه الجالسين حوله من يأخذ منى الحديث، فأسرع أبوهريرة وفتح قميصه وبسطه أمامه فحسى الرسول بيديه «خالية» ثلاث مرات، فما الذى وضعه الرسول، هذه أشياء معنوية لا يعرفها كثير من الناس، ولكننا نؤمن بها تماما.

ورغم ذلك لا تزيد الأحاديث التى انفرد أبوهريرة بروايتها على 370 حديثا.

■ ماذا عن تجريد السيرة النبوية من هذه المعنويات التى تحدثت عنها، وسردها بمنهج عقلى تجريبى بما ينفى بعض الوقائع المهمة مثل حادثة الفيل التى يقول البعض إن ما أصاب جيش أبرهة كان طاعونا وأن الإسراء والمعراج كان رؤية منامية.. كيف ترى هذه التأويلات؟

- النصوص واضحة وصريحة، فما ذكره النص القرآنى هو الذى له اعتباره فى هذا المقام، فالله سبحانه وتعالى ذكر فى سورة الفيل ما ألم بجيش أبرهة ويذكره كتاب السير، حيث ذكر طير الأبابيل ترميهم بحجارة من سجيل، ولم يقل إن ما أصابهم هو الطاعون، فإذا قال عدوك ما لا يجب أن يقال، فلا تأخذ كلامه بعين الاعتبار، فالنص القرآنى صريح، كما أن كل طير كان يحمل بين رجليه حجرا ويلقيه فوق رأس الجندى فى جيش أبرهة، فيخرج من دبره.

■ إذن ما ضوابط الكتابة عن الرسول خصوصا عند كتابة السيرة النبوية؟

- الضوابط كثيرة، فتاريخ الإسلام كان مرتبطا عند ظهوره بالحديث الشريف، فالسنة القولية والفعلية والتقريرية كلها سيرة للرسول، وهى ما يجب أن يفهمها المستشرقون حق الفهم قبل التصدى للكتابة عن النبى، كما أن القرآن الكريم المصدر الأول، عند التصدى لكتابة السيرة، فقد قال النبى: «أوتيت القرآن ومثله معه»، أما علم الجرح والتعديل الخاص بالحديث، فالقليل جدا من العلماء هو من يعلمه.

■ لكن هناك كتابات لمستشرقين وتنويريين من الغرب تميل إلى النزاهة العلمية والإنصاف فى سرد حياة الرسول ربما تغير من الصورة النمطية العدائية التى تستهدف الإسلام فى شخص الرسول.. فما رأيك؟

- هناك بالطبع كتابات جيدة ومنصفة، لكن أنصح من يتناولها أن يقرأها بعين الفاحص ولا يأخذها كمسلمة، فكثير منها كتابات قاصرة، فقد ذكرت لك أن كتاب توماس أرنولد قيم جدا ولكنى استخرجت منه 360 ملاحظة منهجية فى البحث، ولكنها بصفة عامة كتابات تتصف بالإنصاف، ولكنها تظل قاصرة، وهناك علماء ظهروا فى العصر الحديث مثل الإمام محمد الغزالى، الذى كتب فقه السيرة، ومحمد سعيد رمضان البوطى، صدر له كتاب آخر تحت الاسم ذاته، فقه السيرة، وقد استقيا كل ما كتباه فى هذا العصر من الكتابات التراثية القديمة، وكأن الله سخرهما لتلخيص كل ما قرأ فى التراث وتقديمه لنا بهذه الشكل العلمى.

نرشح لك

Comments

عاجل