المحتوى الرئيسى

الصحافة الغربية بين حلب والموصل

12/09 19:46

لفتت صحيفة "روسيسكايا غازيتا" إلى المعايير المزدوجة لدى تقييم الأوضاع في الموصل وحلب؛ مشيرة إلى أن الإعلام الغربي يتغاضى عن الانتهاكات في المدينة العراقية.

في مطلع الشهر الجاري، أدلى قائد القوات الأمريكية في العراق الفريق ستيفن تاونسند بتصريح لم يصدق أحد مضمونه. فقد أكد تاونسند آنذاك أن عملية تطهير الموصل من مسلحي "داعش" سوف تنتهي خلال شهرين. ولقد فاجأ هذا الإطار الزمني الخبراء والمراقبين.

وفي الخميس الماضي 01/12/2016، اتضح كيف تنوي القيادة الأمريكية تحرير الموصل من الإرهابيين خلال فترة شهرين؛ حيث ظهر خبر على موقع قيادة عملية "العزم الراسخ" يتحدث عن استهداف دقيق لأحد مواقع "داعش" من قبل الطيران الحربي الأمريكي. وأكد الخبر أن ذلك تم بطلب من قوات الأمن العراقية. ولكن، تبين في حقيقة الأمر أن النسور الأمريكيين لم يقصفوا أحد مقار "داعش"، بل مجمعا للمستشفيات يقع في شرق المدينة.

وفيما بعد، قالت القوات العراقية التي اقتحمت هذا المجمع الطبي أن قيادة إحدى وحدات "داعش" كانت تتخذه ملجأ لها، فهل كان الأمر صحيحا أم لا؟ يستحيل الحصول على إجابة صادقة عما حدث، كما يستحيل معرفة العدد الدقيق للضحايا المدنيين الذين قتلوا نتيجة لهذه المساعدة العسكرية التي تكرم بها الصديق الأمريكي.

وخلافا للوضع في حلب، حيث تراقَب كل طلقة يطلقها الجيش السوري ويتتبع مسارها من لندن، مقر ما يسمى بالمرصد السوري لحقوق الإنسان، لم تظهر في عواصم أوروبا الغربية مراكز مماثلة ترفع تقارير فورية حول الجرائم التي يرتكبها الجنود الأمريكيون والعراقيون في مدينة الموصل. وحتى لو ظهرت هناك هذه "المراكز"، فليس من شك في أنها ستتهم بأنها هدامة. 

هذه المعايير المزدوجة في تقييم الحدث ما بين سوريا والعراق، لفتت انتباه الصحيفة الفرنسية "لوفيغارو"، التي كتبت أن "الصحافة الغربية في حصار حلب هبت للدفاع عن المقاومين، في حين أنها تقف في حصار الموصل مع المهاجمين". وتكمن مفارقة الوضع في حقيقة أن ما يسمى بالمتمردين في حلب يخضعون لقادة تنظيم "جبهة النصرة"، الذي يعدُّ رسميا فرعا لتنظيم "القاعدة". في حين أن مسلحي تنظيم "داعش" يدافعون عن الموصل وكلا التنظيمين على حد سواء أدرجا في قائمة التنظيمات الإرهابية، بموجب التصنيف الأساس للأمم المتحدة.

ولم يعد غريبا أن يكون الأمريكيون قد تحدثوا عن المستشفى الذي دمر في الموصل وكأنه خبر عادي جدا، حتى أنهم لم يحاولوا تغطية فعلتهم بـ "ورقة توت". أما فيما يتعلق بالتحقيق المزعوم، فالقيادة الأمريكية أعلنت منذ بداية العملية العسكرية: أنه لا يمكن تجنب سقوط ضحايا من المدنيين.

هذا، وإن معركة الموصل لم تبدأ بعد بالمعنى الحقيقي، فلقد أعرب العديد من المختصين عن ثقتهم بهذا الرأي. ووفقا لرأي الخبراء، فإن كل الأحاديث عن أن قيادة "داعش" هربت من المدينة المحاصرة، ليست إلا دعاية غربية. وكما ذكر مدير العمليات في اللجنة الدولية للصليب الأحمر دومينيك شتيلهارت، فإن سكان المدينة خلال المواجهة الطويلة المقبلة في الموصل "سوف يحشرون بين جبهتين".

ومهما سيكون حجم الخسائر في صفوف المدنيين خلال الهجوم على الموصل، فإن معظم وسائل الإعلام الغربية سوف تواصل التمسك بالخط العام: خط التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لتحرير الموصل من إرهابيي "داعش". ولن يكتب أحد عن غارة سلاح الجو الأمريكي على مدرسة للبنات في جنوب الموصل، أو عن القذائف الصاروخية التي سقطت دفعة واحدة في عدة أحياء من جنوب الموصل، وأسفرت عن مقتل ما يزيد عن 60 شخصا، وأصابت بجروح مختلفة ما يفوق 200 مواطن من المدنيين.

نرشح لك

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل