المحتوى الرئيسى

أحمد عبد الرحمن مصطفى يكتب: لا تقرأني! | ساسة بوست

12/09 18:11

منذ 1 دقيقة، 9 ديسمبر,2016

لا الذي فتح الرابط ليقرأ المقالة يدري بتواضع المحتوى المقدم فيها، ولا الذي رفض فتح الرابط يدري بسلطان النفس البشرية وفضوليتها الطاغية، التي دفعت البعض ليقرأ ما لا يريد أن يُقرأ، وعنوان المقال قد يغني عن المقال بعد فتحك له و– المقال- يدور حول هذا الفلك الآدمي، حول الطبيعة الإنسانية المتمردة والثائرة والرافضة لكل أنواع الأسيجة والسدود من المحظورات والمحرمات والمجهولات والقيود والقوانين والحدود، بغض النظر عن محرك هذه الطبيعة سواء أكان وسوسة من الشيطان أو نفسًا أمّارة بالسوء أم من محيطنا المحفز على البحث والاستقصاء والمثير لملكات الفضول، فهذا هو طبعنا وتلك هي نزعتنا المتأصلة في ذواتنا، فضولنا الأزلي نحو المجهول والمحتجب ومحاولاتنا الدائمة لاستنطاق أجزائه وجزئياته وتركيباته، وإثباتنا لذواتنا بممارسة فتوحاتنا على الممنوع وما نعتقد أنه ممتنع لإقامة سلطتنا على السلطة لتأكيد هشاشتها وضعفها الطبيعي، ومطالبتنا الرسولية الدائمة لمشاهدة المفارق للزمان والمكان.

فها أنت الآن تثبت آدميتك بقضمك التفاحة المحرمة، وقراءتك للامقروء وتقوم بتجاهل كل العواقب التي تترتب نتيجة لتلك القضمة أو النقرة من إضاعة لزمنك –الذي أظن أنه ثمين وبعض الظن قد يصيب-، أو حرمانك من الفردوس السماوي، ولكننا لا نكترث للعواقب في سبيل إدراك اللامدرك وإشباع تلك الجوعة الاستكشافية لهتك أستار المجهول، وهذه الطبيعة المتجذرة قد تجعل تلك النصوص الناصحة والمحذرة والعبر التي تحثنا على الاعتبار بها، مجرد محاولات عبثية بائسة متعامية عن الحقائق لكبح نزوات نفوسنا الفضولية، ومن يتجاوز هذه الطبيعة ويهذبها ويقلم رغباتها الأزلية والسرمدية ويقيم فيها حكم الميزان العدل فهو من قلة القلة في محيطات الكثرة وفيهم قال علي بن طالب –رضي الله عنه-: «ما أكثر العبر وما أقل الاعتبار»، فالاعتبار قليل من أن بعض المجاهيل لا تستحق محاولة ملامسة مكوناتها وهتك حجبها، ويرجع تقييم أهمية المجاهيل للفرد في المقام الأول.

ولا ندري، لماذا نندفع دائمًا نحو قطف ثمار المجهول؟، وكيف ستكون حياتنا من دون هذه الغريزة الأصيلة؟، هل كانت مجازفتنا تستحق عواقبها؟ وما الحاجة الأصيلة التي دفعتني لفتح هذه المقالة؟، وكثير غيرها من الأسئلة التي لم تجد من يدرك أجوبتها، ويقوم بتحريك تياراتها الراكدة، فتبقى محتجبة ونسعى لإجابتها ولكننا لا نجيب على واحد منها حتى تتناسل من تلك الإجابة عشرات الأسئلة والاستفهامات، في حلقة لا تنتهي إلا لتبدأ وكل ما نعرفه هو حقيقة اندفاعنا إلى ما لا نعرف.

وبعض النفوس التي تراها لا ترغب في استكشاف المجهول واقتحام الممتنع، وتفتقر بشدة إلى الفضول كالمخلوقات الصغيرة التي قابلها مسافر الزمن في فنتازيا ويلز، تفوت على نفسها الكثير حتى ولو طغينا في قياس العواقب على تلك النزعة الحميدة، ومتى ما جاوز هذا الطبع حده انتقل ليصبح تلك النزعة السلبية التي تهتم بالتدخل والتجسس والتطفل في الشئون التي لا تعنيها ولا تثير في ذواتها شيئًا حميدًا، ولكنها تثير الكراهية والحسد والبغض بين النفوس، ولتقوم تلك النزعة بدورها المراد ينبغي ممارسة سلطة التوازن عليها حتى لا تجاوز حدها لتصبح عبئًا على صاحبها بدلًا من معينٍ له في استكشاف ما ينفعه وينفع غيره.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل