المحتوى الرئيسى

تارانتينو مخرجاً للعالم | المصري اليوم

12/09 00:41

يقف المخرج الأمريكى الكبير كوينتن تارانتينو على الجهة الأخرى من الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب، فلدى كل منهما وجهة نظر مختلفة عن الرجل الأبيض.

خصص تارانتينو فيلميه الأخيرين «جانجو طليقاً» و«الكريهون الثمانية»، اللذين يعود فيهما إلى التاريخ الأمريكى حالك السواد للحديث عن عنصرية الرجل الأبيض وفضحها أيضاً، ففى الفيلم الأول نحن إزاء قصة تحرير عبد، يتكشف خلالها كل ما كان يمارسه الرجل الأبيض من عنصرية بغيضة، فيما يأتى الفيلم الثانى على خلفية الحرب الأهلية الأمريكية، حيث تسمع كلمة «زنجى» عشرات المرات، ليعيد فى الفيلمين تقديم التاريخ الأمريكى بأفلام تنتمى إلى أفلام «الويسترن» التقليدية ولكن من زاوية قراءة مختلفة.. وفى حوار معه بعد فيلمه «جانجو طليقاً»، قال تارانتينو: «كونك أمريكيًّا تصنع فيلماً عن ماضى أمريكا يمكن أن يكون قاسياً، لأن مِن أكبر التحديات التى تواجهنا فى صناعة هذه الأفلام هى حقيقة أنه لا يوجد الكثير من هذه الأفلام».

فى المقابل، يصل ترامب رئيساً لأمريكا على صهوة خطاب عنصرى، يُمجّد الرجل الأبيض، الأمريكى الجديد سيد العالم ويعادى دولاً مجاورة له، مهدداً ببناء سور حول دولته لمنع المكسيكيين من دخولها، وربما يبدو هذا الخطاب جديراً بأن يكون أحد حوارات أفلام تارانتينو عن عنصرية الرجل الأبيض وهيمنته ورؤيته لقوته، مجرد خطاب هزلى، تتناثر حوله الدماء والعنف، فى سرد غير خطى، ليتكشف مصير العالم. يقول تارانتينو فى حوار معه: «أحب أن يتحدث الناس عن العنصرية المؤسسية الموجودة، التى تم تجاهلها. أشعر كما لو أنها لحظة أخرى من فترة الستينيات، حيث كان على الناس أن يروا مدى قبحهم قبل تغير الأمور».

أمريكا بين تارانتينو وترامب تبدو مختلفة تماماً، فكل منهما يرى بلاده من زاويته، أحدهما يراها من القمة، والآخر يراها من القاع، فبعد مظاهرة شارك فيها العام الماضى ضد عنف الشرطة، قال كوينتن: «أنا أتذكر كيف تعاملت معى الشرطة عندما كنت فقيراً، وأنا أعرف كيف تعاملوا معى خلال العشرين عاماً الماضية، لم يكن التعامل بنفس الطريقة».

ورغم هذا، يبدو تارانتينو مثالاً جيداً - رغم ذلك - للأمريكى، ففى فيلمه «بالب فيكشن»، تأمل مثلاً هذا الحوار حول أنواع الهمبورجر، تأمل الموسيقات الكلاسيكية، الإحالات لعشرات الأفلام الكلاسيكية فى أفلامه، والتى كوّنت الثقافة العالمية حول أمريكا. لكن الفارق - فى ظنى - هو أن تارانتينو لا يؤمن بـ «شرطى العالم» الشرير، الذى يفرض نفسه بالقوة، ولا بالبطل الأمريكى الذى لا يقهر، والذى تم تصديره فى مئات الأفلام، ففقد الأمل بالعدالة الأمريكية، فقرر أن يحوّل شرها إلى فعل كاريكاتورى ساخر، يشف ويكشف الداخل الأمريكى.

يرى تارانتينو العالم من وجهة نظر مختلفة، يجسدها فى أفلامه، سواء تلك التى كتبها فقط، مثل «قتلة بالفطرة»، والذى كشف فيه علاقة الإعلام بصناعة الجريمة، أو تلك التى كتبها وأخرجها، حيث يقدم العالم ممزوجاً بالعنف والدم، لكن الملاحظة الأبرز أن جميع هذه الأفلام أبطالها من الأشرار، وكأن هذه هى رؤيته للعالم، العالم الذى يراه يتشكل ويتفاعل حوله مع اختلاف درجات الشر.

بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية تحدّث البعض عن أن هذا العالم أصبح يشبه إلى حد كبير أفلام تارانتينو، مع امتلائه بزعماء أشرار، عنصريين، شبه مجانين، لكن يبدو أن تلك نبوءة كوينتن حتى قبل فوز ترامب بكثير، ففى حوار قديم معه بدا سعيداً أن العالم اكتشف عنصرية الرجل الأبيض.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل