المحتوى الرئيسى

"العم محمد" أجبره المرض على مسح الأحذية ويحلم بأن تكف الشرطة عن مطاردته | ولاد البلد

12/08 18:07

الرئيسيه » بين الناس » وجوه » “العم محمد” أجبره المرض على مسح الأحذية ويحلم بأن تكف الشرطة عن مطاردته

على بعد خطوات قليلة من محطة مصر بمدينة الإسكندرية، يلفت انتباه القادمين صوته وهو ينادي “ورنيش يا أستاذ.. ورنيش يا أفندي” حيث يجلس رجل عجوز وأمامه أدوات تلميع الأحذية القديمة، منتظرا نفحات رزقه من المارة المسافرين.

علامات وجهه تدل على الحالة الاقتصادية التي وصل لها الشعب المصري، وبمجرد الحديث معه ودون أن يكشف عن أسراره تشعر أنه يحمل بين جنبيه هم كبير، وعندما تسأله عن حالة يقول بهدوء ويقين “الحمد لله أنا في نعمة كبيرة من ربنا” مضنفا نفسه ضمن البسطاء، إلا أنك تكتشف بالحوار معه أنه تحت خط الفقر.

وقد يدهشك أن الرجل عمره 47 عاما، في حين يدو وجهه أكبر بكثير بسبب تجاعيد وجهه الذي أرهقته الأيام والعمل، يقول إنه لا يحلم بوظيفة أو شقة أو علاج على نفقة الدولة بالخارج، وإنما كل أمنياته أن يسدد ديونه التي تتكلف 3 صناديق ورنيش، مشيرا إلى أنه يعيش مستورا هو وأسرته الصغيرة المكونة من زوجة وثلاث أطفال أكبرهم سنا طالب بالمرحلة الثانوية.

يقول عم محمد إنه حصل على دبلوم صنايع، قسم كهرباء، عام 1986 ورفض العمل بالحكومة ليعمل كهربائي بشركات القطاع الخاص، ثم تزوج وأنجب أطفالا، وفي بداية التسعينات بدأت تنتابه حالة مرضية غريبة، وبدأ يفقد وعيه على فترات متتالية، وعندما ذهب للطبيب أخبره أنه مصاب بالتهاب في الأعصاب، مما يعرضه لنوبات صرع باستمرار، ومن هنا بدأت مأساة حياته ورحلته مع المرض، الذي أجره على ترك عمله ككهربائي، ولتتغير حياته رأسا على عقب.

ويضيف عم محمد، والدموع تترقرق فقي عينيه “بعد مرضي رفضت الشركات الخاصة عملي لديها خوفا من تحملهم المسؤولية إذا حدث لي شيئا أثناء العمل، فعملت في مطعم، وبعده في عدد كبير من الوظائف الحرة، ولكن مع تكرار نوبات الصرع التي أعاني منها لم أستطع الاستمرار في أي وظيفة، فنصحني بعض الأصدقاء بشراء صندوق ورنيش من أجل الإنفاق على أبنائي”.

“أكثر ما يؤلمني شعور أولادي بالجوع وأنا عايش” هكذا يلخص الرجل مشكلة حياته، قائلاً “كنا عايشين مستورين وعلي قد حالنا.. دلوقتي اللي بكسبه مش بيكفي سداد فواتير المياه والكهرباء وأصبح الجوع  مستمر” مؤكدا أنه لم يكن يملك المال لشراء صندوق الورنيش فاستأجره من أحد الأشخاص واشتغل عليه على مدار أيام حتى استطاع شراء صندوق آخر لنفسه، ولكنه  فوجئ ذات مرة بأحد ضباط قسم شرطة العطارين يقف أمامه ويقول له “إنت شكلك مش عاجبني” وقام باصطحابه إلى القسم.

واستكمل عم محمد قائلاً إنه داخل قسم الشرطة متوقعا أن يسأله الضابط إن كان لديه صحيفة سوابق أم لا؟ ولكن هذا لم يحدث، فقد قام الضابط بتحرير محضر تسول ضده واحتجز صندوقه وتم حبسه 3 أيام، مضيفا أنه بعد خروجه ولسوء حالته الصحية وإصابته بأمراض أخرى، عاد  للعمل مرة أخرى أمام محطة مصر بصندوق إيجار حتى يستطيع تكفل مصاريف العلاج، وبعدها جاءت حملة إزالة مره أخرى وأخذت الصندوق للمرة الثانية.

وأشار عم محمد إلى أنه حاليا يقوم بدفع أقساط لأصحاب الصناديق التي تم احتجازها، بالإضافة لأجرة الصندوق الذي يعمل به حاليا مما يجعله في بعض الأحيان لا يجد ما يكفل أدنى سبل العيش لأبنائه بعد سداد الإيجار، والأصعب من ذلك هو إحساسه بالعجز عند عودته لمنزله ورؤيته جوع أولاده و عدم استطاعته إطعامهم، معبرا عن أمنيته الحالية المتمثلة في أن يسدد ثمن 3 صناديق ورنيش، ويعيش مستورا هو وأولاده لأنه يعاني من أمراض الصرع والتهاب في الأعصاب ولا يستطيع العمل ليلا وما يمنعه من أخذ الراحة هو حاجه أولاده للمال.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل