المحتوى الرئيسى

"الدعم يهدر دماء الغلابة".. تخبط حكومي حول تعريف الفقراء.. "التضامن" تفتح المزاد بـ1500 جنيه.. والبرلمان يرفع السقف إلى 10 آلاف.. "الإحصاء" يفجر مفاجأة جديدة.. وخبراء: قياس الدخل بالإنفاق "تلويش"

12/08 16:15

كان ولا يزال الدعم واحدًا من أكثر الملفات المؤرقة للحكومات المتعاقبة لاسيما في أعقاب ثورتي يناير ويونيو وما خلفتهما من تداعيات اقتصادية، كبَّدت ميزانية الدولة مليارات الجنيهات، إلى حد دفع الأجهزة المعنية للتفكير جديًا بإعادة النظر في منظومة الدعم ككل، وكذا قاعدة بيانات المستفيدين منها.

ومن هنا انطلقت الحكومة نحو اتخاذ خطوات حقيقية لتدقيق قواعد بيانات مستفيدي الدعم، وتشكلت على إثرها، لجنة وزارية للعدالة الاجتماعية، ضمت كل من وزارات "التخطيط، والإنتاج الحربي، والتموين، والتضامن، والمالية"، بالإضافة إلى جميع الجهات المعنية بالبطاقات منذ حوالي شهر لتنقية البطاقات وذلك على عدة مراحل.

المرحلة الأولي- والتى يتم الانتهاء منها فى ديسمبر الجاري- شملت حذف المهاجرين والمتوفين والمكررين على البطاقات.

أما المرحلة الثانية، يتم فيها حذف غير مستحقي الدعم، الذين تنطبق عليهم الشروط السابقة.. على أن يبدأ تطبيقها؛ بعد الانتهاء من تطبيق المرحلة الأولى.

وفي إطار المحاولات المكثفة من الحكومة لتقنين الدعم والعمل على وصوله إلى مستحقيه من المواطنين، استخلصت اللجنة الوزارية للعدالة الاجتماعية، عددًا من المعايير والضوابط بقيادة وزارة التخطيط والإصلاح الإداري؛ لتنقية منظومة دعم السلع التموينية واستبعاد غير المستحقين.

* "شروط الدعم والمستحقون له"..

وبحسب شروط حصول المواطن على بطاقة التموين، التي تخول له الحصول على السلع التموينية بالأسعار المنخفضة والتي حددها القرار الوزاري المعدل الخاص بشروط الحصول على بطاقة دعم تموينية في عام 2011، فإن الاستفادة من الدعم يشمل العاملون بالحكومة أو قطاع الأعمال العام أو القطاع الخاص، المؤمن عليهم بحد أقصى 1500 جنيه شهريًا.

كما يندرج ضمن منظومة الدعم.. العمالة الموسمية المؤقتة، والعاملون بالزراعة، والباعة الجائلون، وعمال التراحيل، والسائقون، والمهنيون، والحرفيون، وذوي الأعمال الحرة، وأصحاب الدخول الضئيلة، والمتعطلون ومن في حكمهم، والحاصلون على مؤهلات دراسية ومازالوا بدون عمل بموجب بحث اجتماعي ودخل شهري بحد أقصى 800 جنيه شهريا.

ويدخل أيضًا في إطار المنظومة؛ المستحقون لمعاشات الضمان الاجتماعي والسادات ومبارك- الأرامل والمطلقات والمرأة المعيلة- أصحاب الأمراض المزمنة وذوي الاحتياجات الخاصة- القُصَّر الذين ليس لهم عائل أو دخل ثابت لوفاة والديهم.

يستحوذ بند الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية علي 206.4 مليار جنيه، من إجمالي قيمة المصروفات العامة التي ارتفعت إلى 974.7 مليار جنيه في موازنة العام المالي الحالي 2016-2017، بدلاً من 829 مليار جنيه العام السابق.

وتوزعت المصروفات على 228.7 مليار جنيه أجور وتعويضات للعاملين، و292.5 مليار جنيه فوائد الدين، و206.4 مليار جنيه قيمة الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية، و146.7 مليار جنيه استثمارات، بحسب البيان وزارة المالية.

ويعد ترشيد الدعم أحد الملفات الشائكة التي يخشى المسئولون السابقون والحاليون من مجرد الاقتراب منها، بل كان ولا يزال يعتبر الدعم خطا أحمر، إلا أن الأزمات المتكررة مؤخرًا وعلي رأسها أزمة عجز الموازنة أعادت طرح ملف الدعم مرة أخرى بقوة.

ووضعت الحكومة خلال مشروع الموازنة العامة للعام المالي المقبل 2016-2017 خطة لترشيد الإنفاق العام من خلال تقليص المخصصات المالية الموجهه للدعم من 231.11 مليار جنيه الي 210 مليار جنيه بإنخفاض قدره 21.221 مليار جنيه، لاسيما مع خفض دعم البترول 25 مليار جنيه ليصبح حاليًا ما يقرب من 36.703 مليار جنيه، وذلك في إطار سعي الحكومة لإتخاذ إجراءات وإصلاحات هيكلية لترشيد و إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام.

ويعد تقليص مخصصات الدعم بموازنة 2016-2017 ، ليس الواقعة الأولي التي تقترب فيها الحكومة من الدعم، حيث عمدت الحكومة عدة مرات الي ترشيد الإنفاق علي دعم السلع التموينية و المواد البترولية بداية من موازنة عام 2014-2015، حيث خفضت الحكومة دعم السلع التموينية من 35 مليار و 493 مليون عام 2013-2014 إلي 31 مليار و 557 مليون جنيه عام 2014-2015، لكنها عاودت الارتفاع مجددا إلي 37 مليارا و 751 مليونا للعام المالي 2015-2016، نتيجة قرارات دعم أسعار الخبز.

سؤال بات يفرض نفسه بقوة علي نقاشات المسئولين بين أروقة الحكومة من ناحية وخبراء الشأن الاقتصادي من ناحية أخري، حول تحديد الحد الأقصى لمن يمكن وصفهم بالفقراء، ممن يستحقون بطاقات التموين.

إذ رأي البعض أن الفقراء هم من يحصلون علي دخل لا يزيد عن الحد الأدني للأجور والبالغ 1200 جنيه، لكن حددهم أخرون فيمن يحصلون على رواتب لا تزيد 4000 جنيه، بينما رأى فريق ثالث أن الأسرة التى تحصل على مجموع دخل 5000 جنيه، فما دون هم الفقراء والمستحقون للدعم.

وتشير التقديرات الرسمية إلي أن نحو 27.8% من السكان فى مصر فقراء ولا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغير الغذاء، وأن 57% من سكان ريف الوجه القبلى فقراء مقابل 19.7% من ريف الوجه البحرى، وذلك بحسب أحدث تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وأوضح التقرير أن نسبة الفقراء فى مصر وصلت إلى أعلى مستوياتها فى مصر فى محافظتى سوهاج وأسيوط بنسبة بلغت 66%، تليهما محافظة قنا بنسبة 58%، وأن أقل نسبة للفقراء فى مصر فى محافظة بورسعيد بنسبة 6.7%، تليها محافظة الإسكندرية بنسبة 11.6%، وأن 18% من سكان القاهرة من الفقراء.

وأوضح أن نسبة الفقراء عام 2015 هى الأعلى منذ عام 2000 بنسبة 27.8%، وأن نسبة الفقراء زادت من 16.7% فى عام 1999/ 2000 إلى 21.8% عام 2008/ 2009 ثم 25.2% عام 2011 ثم 26.3% عام 2012/2013 ثم 27.8% عام 2015.

منذ الوهلة الأولي بدى المشهد داخل أروقة الحكومة متخبطًا إلي حد كبير حول تعريف من هم الفقراء ومحدودي الدخل من المستحقين للدعم، حتي تفرقت دماء الفقراء بين تصريحات المسئوولين المتناقضة فيما بين بعضها البعض.

بداية خرجت وزارة التموين لتعلن علي لسان معاون الوزير أحمد كمال عن أن الفقير فى مصر هو من يقل راتبه عن1500 جنيه ومعاشه عن 1200 جنيه، مؤكدًا أن من يزيد عن ذلك لن يستطيعو استخراج البطاقة التموينية في الوقت الحالي، لكن قوبل ذلك بالرفض الشديد ومن ثم تراجعت عنه.

وسرعان ما خرج وزير التموين لينفي صحة ما تردد بعدم أحقية من يتجاوز راتبه 1500 جنيه أو معاشه 1200 جنيه لبطاقة تموينية، مؤكدًا أن هذه المحدادات أو الشروط لا تنطبق على المستفيدين الحاليين داخل منظومة الدعم التموينى.

وقال إن هناك لجنة متخصصة تعكف الآن على استكمال قواعد البيانات ووضع اللمسات الأخيرة للضوابط والمؤشرات والمعايير الحاكمة لتنقية البطاقات التموينية، بالتعاون مع وزارات التخطيط والمتابعة والاصلاح الإدارى، والتضامن الاجتماعي، والتموين، مع كافة ممثلى الجهات المعنية بالدولة ذات الصلة، بهدف استكمال قواعد البيانات اللازمة لعمليات التنقية المستهدفة.

وأكد أن الهدف من وراء عمليات تنقية البطاقات التموينية المطلوبة هو ضمان توجيه الدعم لمستحقيه وللفئات الأكثر احتياجًا والأولى بالرعاية، لافتا إلى أنه فور الانتهاء من عمليات التنقية سيتم إضافة المواليد والمستحقيين الجُدد.

وناشد وزير التموين المواطنين بالتوجه لمكاتب التموين فى كافة أنحاء الجمهورية اعتبارا من 1 ديسمبر 2016 حتى 28 فبراير 2017 لمدة ثلاثة أشهر؛ لخصم الأفراد المقيدين على البطاقات التموينية وهم غير مستحقين "حالات الوفاة، ازدواج الصرف، السفر للخارج لمدة تزيد على ستة أشهر، أو لأى سبب آخر، حيث تقرر إعفاء أصحاب البطاقات التموينية من فروق الأسعار، والبدالين التموينيين الذين يتقدمون من تلقاء أنفسهم إلى مكاتب التموين المختصة لتعديل البيانات الفعلية للبطاقات التموينية.

أما وزارة التخطيط فكان لها رأي آخر، إذ حددت الوزارة شروط حذف المواطنين غير المستحقين للدعم، في حالات اصحاب الرواتب الأعلى من 3 آلاف جنيه, والاسر التي يزيد دخلها عن 10 آلاف جنيه .ومن يمتلك أكثر من عقار مسجل، ومن يمتلك سيارة أكثر من 2000 سى سى، أو سيارات موديلات حديثة أو من يمتلك أكثر من سيارة"

كما شملت الشروط :"من تزيد حيازته الزراعية على ثلاثة أفدنة والمسافرون للخارج أكثر من مرة سنويًا ومديرو العموم فى الوزارات الحكومية المختلفة وجميع البقالين التموينيين وأصحاب فواتير المحمول التى تزيد على 6 آلاف جنيه مصري سنويا والأسر التي يزيد معدل استهلاكها من الكهرباء شهريا على 650 كيلووات".

التخبط الحكومي سرعان ما فتح شهية مجلس النواب للإدلاء بدلوه فيما يخص شروط الحصول علي الدعم، بعد أن تعالت الأصوات بين أعضاؤه مطالبة برفع سقف من يستحقون الدعم إلي أولئك اصحاب الدخول التي لا تتجاوز العشرة آلاف جنيه شهريًا.

وفي هذا السياق، طالب فتحى قنديل، عضو مجلس النواب، بضرورة إلغاء الدعم عن كل مواطن يمتلك 5 أفدنة أو أكثر، أو من يتعدى دخله عشرة آلاف جنيه شهريًا، مشددًا على ضرورة اقتصار الدعم على الفلاحين والعمال.

وتعليقًا علي ذلك، أعلن اللواء أبو بكر الجندى، رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن متوسط الإنفاق السنوى للأسرة فى مصر، 36.7 ألف جنيه.

وأضاف أن 25% نصيب الأفراد فى أغنى شريحة من إجمالى الإنفاق، مقابل 4.2% نصيب الأفراد فى أفقر شريحة وذلك بالنسبة لمتوسط الإنفاق السنوى.

وأشار "الجندي"، في تصريح لـ"الدستور"، إلي أن الجهاز قدم نتائج بحث الدخل والإنفاق لعام المعيشة، تمهيدًا لتنقيتها من غير المستحقين، وذلك بهدف ضمان وصول الدعم إلي الفئات الأكثر احتياجًا.

ونفي رئيس الجهاز ما تردد عن حذف من يتخطي دخله 1500 جنيه في الشهر، مؤكدًا أن الأسر التي يخنفض دخلها عن 2072 تندرج تحت خط الفقر وفقًا لنتائج بحث الدخل والإنفاق.

وأوضح أن الدخل الشهري الآمن للفرد للوفاء باحتياجاته والبقاء علي قيد الحياة محدد بـ 482 جنيها، بمتوسط حجم الأسرة 4.3، وبالتالي فإن متوسط الدخل على حافة خط الفقر هو 2072 جنيه، مشيرًا إلي أن عملية تنقية قواعد البيانات لن يقتصر علي قيمة الدخل فقط وانما سيعتمد أيضا علي عدة مؤشرات أخري مثل نوعية المدارس الملتحق بها أبناء في الأسرة والمنطقة السكنية وعمل أحد افراد الأسرة بالخارج وفق قواعد بيانات دون الحاجة إلى سؤال الأسرة نفسها.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل