المحتوى الرئيسى

بعد فشل الإمارات.. الكويت تسعى لتسوية بين القاهرة والرياض قبل الحكم النهائي بـ«تيران وصنافير»

12/08 16:09

من هم أهل السنة والجماعة، الذين ننتمي إليهم وندين بعقيدتهم ونبرأ إلى الله من كل ما يخالفها؟، هل أهل السنة، هم من تحدث عنهم مؤتمر"جروزني"؟، أم هم من اجتمعوا في الكويت بحضور عشرات من علماء الدين من حول العالم، للرد على ما خلص إليه "جروزني"، وما جاء فيه من تعريف لأهل السنة والجماعة؟.

فما بين مؤتمر الكويت الذي حمل عنوان "المفهوم الصحيح لأهل السنة والجماعة وأثره في الوقاية من الغلو والتطرف"، وما بين تعريف جروزني، الذي تم الاتفاق فيه على اعتماد كلمة شيخ الأزهر كوثيقة أساسية للمؤتمر، الذي خلص إلى أن أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة، والماتريدية، وأهل الحديث، وأهل المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علماً وأخلاقاً وتزكيةً، ثم بين السجالات التي دارت بين المؤيدين لهذا المؤتمر، والمناصرين لذاك، أرى رياحا حبلى بخلاف مفسد ونزاع متلف وفشل مذهب للريح، نحن في أمس الحاجة لتجنبه على الأقل في الظرف الحالي.

مؤتمر الكويت رد "ضمنيا" على بعض ما ورد في مؤتمر جروزني، حيث ذهب إلى أن جَعْلُ مذهب السلف مكوّنا من مكوّنات أهل السنة والجماعة "خطأ محض، بل هم أهل السنة والجماعة، وما عداهم من الفرق ممن خالفهم في الأصول أو تدثّر بشعارٍ غير شعارهم فرق ذمها رسول الله" معددا في هذا السياق بعض المسائل الواردة في طروحات فرق أخرى.

ورغم ما أذيع وأشيع بشأن تبرؤ الأزهر من مؤتمر جروزنى، بعد الانتقادات التي أثارها بيانه الختامي، وردود الفعل الغاضبة في المملكة العربية السعودية بسبب استثنائه السلفية من تعريف أهل السنة، فعلى ما يبدو أن الأزهر تدارك خطورة الأمر، مما جعل وكيل الأزهر يعلن ما يشبه تبرؤ الأزهر من المؤتمر، حيث أشار إلى أنه لم يخضع في تنظيمه للأزهر الشريف، ولم يكن حتى تحت رعايته، ولم يشارك الأزهر في أعماله وفعالياته ولا حتى بيانه الختامي، وكان دوره مقتصراً على الكلمة التي ألقاها الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في افتتاحه، ككلمة تاريخية أثناء زيارته للشيشان، وأن كلمة الإمام الأكبر خلت من أي شيء يثير الملاحظات.

إلا أن الخطأ الذي يمكن أن نقول أن  مؤتمر جروزنى أوقعنا فيه،هو تعديد من هم أهل السنة من التيارات الفكرية، لأن التعديد يعني الحصر، والحصر يعني أن غير الواردين فيه ليسوا من أهل السنة، ثم عولج الخطأ بخطأ مشابه وقع فيه أيضا المشاركون في مؤتمر الكويت، عندما أرادوا قصر أهل السنة على مذهب السلف، والتأكيد على أن من عادهم فرقا باطلة.

لن أطيل كثيرا في الإسهاب في النقاط الخلافية  بين المؤتمرين، فعلى ما يبدو أنهما فتحا ثغرا كنا نظنه عصيا على رياح الفرقة والخلاف، وأن أهل السنة بتوجهاتهم العقدية، "غير المتصارعة" يدركون جيدا أن ما بينهم من خلافات، هي أقل من أن تعقد لها المؤتمرات، خاصة أنهم جميعا ينهلون من معين واحد ومورد واحد، بل وتصب أهدافهم في مصب واحد ويجتمعون على ثوابت مشتركة.

لكن يبدو أن المنظمين للمؤتمرين والمشاركين فيهما لم ينتبهوا إلى ذلك الضجيج الذي كان من المتوقع أن يعقبهما على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك الانحياز الأحمق الذي سوف يبديه بعض أصحاب الفكر السطحي تجاه ما ورد بهما.

بالقطع لا علاقة لعلم لمشاركين في المؤتمرين بما أقول، ولا بنبل مقصدهما، فأنا أعلم أنهما يتحدثان عن علم، ولكل منهم حججه وأدلته، بل وتفهمه للآخر، لكن كان عليهم أن يدركوا أن متابعين كثيرون، ليسوا على مستوى علمهم سوف يتراشقون، بما لا يصح التراشق به تعقيبا على المؤتمرين، بل كان عليهما أن يدركا مآلات الأمور، التي هي جزء أصيل من العلم الشرعي.

المتابع للمؤتمرين، ربما يعتقد أن هذه الخلافات الطفيفة بين توجهات كل منهما وليدة اليوم، وهو بالتأكيد اعتقاد خاطئ، فمنذ زمن بعيد والأزهر الشريف يعرف عنه بأنه "أشعري التوجه"، بينما معظم دول الخليج العربي "ماتريدية" التوجه.

وإحقاقا للحق، فلم يكن لدى الأزهر الشريف أي غضاضة نحو التوجه الماتريدي، لأنه وإن كان أشعري التوجه، إلا أنه يقدر ويثمن تراث الماتريدية ، بل أن والماتريدي، من وجهة نظر الأزهر يشكل هو وأبو الحسن الأشعري أحد جناحي أهل السنة والجماعة.

بينما يتحسس كثيرون من أصحاب التوجه الماتريدي من المذهب الأشعري الذي يرون أنه يميل إلى علم الكلام أكثر ميله إلى علم السلف، بل لا أحب أن أقول: أن بعضهم يصنفه عن عدم معرفة وعدم دراية على أنه معتزلي، وهو بالتأكيد تصنيف خاطئ مردود عليه حتى من قبل كثير من أصحاب المذهب.

على أي حال وكما ذكرت لم تكن المسألة تثمل خلافا يذكر، فدول الخليج الماتريدية، تستقدم أساتذة جامعة الأزهر الأشاعرة لتدريس علم أصول الدين والتوحيد، دون استشعار لأي حرج، بل إن لكثير من أساتذة الأزهر أبحاث في العقيدة بالاشتراك مع أساتذة من جامعات الخليج، وكثير من أساتذة جامعة الأزهر الأشاعرة أشرفوا على رسائل في العقيدة وعلم أصول الدين لباحثين من أبناء الخليج، لكن للأسف الشديد أن الحاصل تخوفات هنا قابلها تخوفات هناك، وأن تصعيدا هنا قابله تصعيد هناك، لكن ماذا بعد؟،هل نقع في مصيدة تقسيم ما هو مقسم، وتقطيع ما هو مقطع، فتقودنا إلى طريق المجهول، حيث لا فرصة للعودة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل