المحتوى الرئيسى

محمد هدايت يكتب: مصر – إسرائيل – التطبيع وقيام الدولة الفلسطينية | ساسة بوست

12/08 11:13

منذ 1 دقيقة، 8 ديسمبر,2016

حرب ضروس هى التى قامت بين مصر وإسرائيل 1948 إلى 1973، ثم زيارة لإسرائيل، وخطاب تاريخى للرئيس «السادات» ـ رحمة الله عليه ـ فى «الكنيست» 20 نوفمبر (تشرين الثاني)1977، ثم اتفاقية السلام «كامب ديفيد» 17 سبتمبر (أيلول) 1978 وقعها الرئيس الراحل أنور السادات مع «مناحم بيجين» رئيس وزراء إسرائيل بحضور الرئيس الأمريكى «جيمى كارتر» فى منتجع كامب ديفيد بالولايات المتحدة الأمريكية، ثم مفاوضات ما بعد السلام لاسترداد باقى الأراضى المحتلة، ثم أخيرًا طابا فى عهد الرئيس الأسبق «محمد حسنى مبارك» وعلاقات دبلوماسية متبادلة وبعض الأنشطة الاقتصادية على استحياء، والقضية الفلسطينية متأرجحة بين حل الدولتين أم مصير مجهول للشعب الفلسطينى الذى بالفعل يعانى كثيرًا؛ كونه محتلًا.

ومعاهدات واتفاقات أخرى عربية، مثل اتفاقية أوسلو 13 سبتمبر (أيلول) 1993، وهو اتفاق سلام فعلى بين الدولة الفلسطينية ممثلة في منظمة التحرير وإسرائيل يضمن مراحل الحكم الذاتى الانتقالى للفلسطينيين، ثم اتفاقية وادى عربة 26 أكتوبر (تشرين الأول) 1994 «معاهدة السلام» بين الأردن وإسرائيل. والحديث عن العلاقات التركية الإسرائيلية من الممكن أن يكون صادمًا بعض الشيء للأخوة أصحاب الشعارات الرنانة، حيث إن الدولة التركية هى ثاني أكبر دولة ذات أغلبية مسلمة تعترف بدولة إسرائيل مارس (أذار) 1949، ومنذ هذا اليوم تعتبر إسرائيل هى أكبر مورد للسلاح لتركيا هذا، بالإضافة إلى التجارب والتدريبات العسكرية المشتركة، وهذه العلاقات قد تأثرت قليلًا بعد الهجوم الإسرائيلى على الباخرة مرمرة واحدة من بواخر «سطول الحرية1» 31 مايو (أيار) 2010 فجرًا، والمتجه إلى غزة لفك الحصار التى فرضته إسرائيل، ولكن ها هى العلاقات تعود من جديد، ويتبادل الجانبان السفراء من جديد، بالرغم من تصريحات «أردوغان» ضد إسرائيل وسياستها تجاه الشعب الفلسطينى، والتى لم تعد تخرج عن كونها تصريحات يكتسب بها مزيدًا من الدعم ليس أكثر، وتبقى علاقات الدولتين قائمة، والكثير من الأتراك يستثمرون ويعيشون فى إسرائيل، مثلهم كأي مواطن إسرائيلي، وبالرغم من أن تركيا ليست دولة عربية، لكنها دولة إسلامية، ودائما لها شعارات وتصريحات حول القضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني، كل هذا انتهى بعودة العلاقات التركية الإسرائيلية إلى السابق، وكأن شيئًا لم يكن، ولأننا نعلم أن السياسة هى لغة المصالح، فإننا نلتمس لهم كامل العذر، خاصة أن هناك اتفاقات كبرى بين البلدين، خاصة بحرية التجارة والتعاون العسكرى، وأخرى كثيرة تخدم مصالح البلدين، ومن الواضح أنه عندما تأتى المصالح تختفى الشعارات، وكأنها لم تكن، وهذا ما يندرج تحت مسمى مصلحة الشعوب الاقتصادية. ولا يجرؤ أحد على توجيه اللوم، إلا لمصر فقط، وكأنه قدرنا أن نتحمل نتيجة ما أخفق فيه الآخرون.

كان من الطبيعى بعد توقيع مصر على إتفاقية السلام مع إسرائيل أن تسعى الدولتان  لإقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية بصورة تدريجية تنتهى بطبيعية العلاقة كدولتين متجاورتين تحكمهما المصالح كأية علاقة تربط دولتين ببعضهما (تركيا وإسرائيل مثلًا، ولكن كان دائمًا هناك عوائق كبرى نحو تحويل هذه العلاقة إلى طبيعية، ومنها الرأى العام المصرى الذي دائمًا كان ضد هذا التطبيع؛ لأسباب كثيرة، منها تلك الممارسات العنيفة التى تقوم بها دولة إسرائيل تجاه الفلسطينين، وكذلك القضية الفلسطينية ذاتها، والتى دائمًا وأبدًا تماطل حكومة دولة إسرائيل في الجلوس على طاولة مفاوضات مع الفلسطينيين للوصول إلى اتفاق يؤدي لقيام دولة الفلسطينيين على أراضيهم، بالرغم من اتفاق أوسلو الذي سبق الإشارة إليه، وكذلك الرأى العام العربي الذي كان يضع مصر دائمًا فى خانة الخيانة باتفاقها التاريخي مع إسرائيل ومعاهدة السلام التى أنهت سنوات طوال من الحروب بين البلدين، بالرغم من أن الكثير من الإخوة العرب الأشقاء بات لهم علاقات قوية مع إسرائيل؛ لأنهم مؤمنون بأن لغة المصالح خالية من الشعارات، أما حينما يتعلق الأمر بمصر، فهنا تنصب المشانق وتبدأ حرب التخوين وكل ما نشاهده ونسمعه من الأخوة بخصوص مصر وعلاقتها بإسرائيل، وكأن ما هو مسموح لهم حرام على مصر والتى من حقها أن تكون علاقتها طبيعية مع إسرائيل؛ لأنها الدولة التى تمتلك معاهدة سلام معها.

مصر التى بحكم مكانتها فى المنطقة هى الشقيقة الكبرى، والتي لم ترض أن يكون اتفاق السلام مع إسرائيل أحاديًا، فقد وضعت القضية الفلسطينية على طاولة الحوار، ولم تتنازل عن حل لمشكلة الفلسطينين لتنفيذ اتفاقية السلام هذا الاتفاق الذى رفضه العرب والفلسطينيون بعد ذلك، وسقوط عضوية مصر من جامعة الدول العربية لمدة عشر سنوات (1979-1989) لتعود القضية ولا تزال فى ثبات عميق، ولا تخرج عن محاولات فلسطينية ضعيفة ضد جيش هو الأقوى عتادًا وعددًا في سكوت وثبات من الأشقاء العرب، وكل مشاركاتهم لا تتعدى تقديم مساعدات مالية، لا تسمن ولا تغني، وتقديم بعض الشعارات العميقة، ووضع اسم مصر في أية جملة مفيدة مع كلمة الخيانة أو التقصير للحصول على بعض النقاط  الإضافية في مؤشر الشعارات الوهمي، والتى تطرب آذان السامعين فقط دون النظر إلى كونها ذات تأثير أم لا، اكتفى بعض الأشقاء بتوجيه بعض صحافتهم وقوتهم الناعمة بتصريحات ضد إسرائيل ليلًا ونهارًا، وهذا هو قمة ما قدموه للقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى ما يفيض من أموال الزكاة (إن صح التعبير)، وكأن المال هو ما يحتاجه الفلسطينيون بديلًا عن الدولة والحرية – ونهاية تتجه أقلام الأشقاء إلى سباب الدولة المصرية تارة، وانتقاد لاتفاقية السلام تارة أخرى، ثم دائمًا ينهون تعليقاتهم بالتهكم على سياسة الدولة المصرية نحو الفلسطينيين، واستمرار إغلاق معبر رفح الحدودي.

أين إسهامات الأشقاء فى حل القضية الفلسطينية باستثناء الدعم المالى الذي لا يذهب للمواطنين الفلسطينيين، وإنما لمن يهمه الأمر فقط على مدار تاريخ الصراع مع إسرائيل لم تقدم أية دولة عربية مثل ما قدمت مصر للعرب وللقضية، قدمنا شهداء ودعمًا ماليًا، حتى اتفاقيتنا للسلام مع إسرائيل كانت شرطًا لحل القضية الفلسطينية – هذا ما قدمته مصر وما زالت تقدمه للفلسطينيين، أما من يزايدون على هذا، فنطالبهم بعرض سجل مساهماتهم غير المالية للأشقاء فى فلسطين. ونناقش مدى تأثيرها الإيجابى على قضية الشعب الفلسطينى، ورحلته كفاحًا وإستماتة لقيام دولتهم.

لماذا لا تتجه الحكومة المصرية الى تطبيع شامل مع إسرائيل أساسه قيام دولة فلسطينية؟

إن النقد الدائم للسياسة المصرية بخصوص القضية الفلسطينية موجود دائمًا، ولن يتوقف، وكل من له جيش أو قواعد عسكرية أمريكية على أراضيه ووسط أبناء شعبه يواصل حملاته وتصريحاته ضد السياسة المصرية، بالرغم من أن إسهاماتهم فى القضية لا ترتقى إلى صفر فى المائة.

آن الأوان أن تتحدث الدولة المصرية بلغة المصالح، وأن تتجاهل الرأي العام العربى الذى لم يعد علينا بأية مصلحة، إلا تصدير روح السلبية والتشاؤم.

نعم كانت هناك حرب، ولكنها انتهت وبيننا اتفاقية للسلام، لا بد أن تحترم، وأن نعمل وبقوة لنجنى ثمار هذا الاتفاق، وأن نحقق على أرض الواقع أحلام الرئيس السادات رحمة الله عليه بـ«ترانيم السلام» وأن نعيش جميعًا مصريين وفلسطينين وعرب وإسرائيليين فى سلام يحقق مستقبلًا أفضل لشعوبنا.

الخمس سنوات المنقضية أثبتت للجميع أن دور مصر الذى لعبته تجاه القضية الفلسطينية لم يقدره البعض، بالرغم من التضحيات الكبيرة التى قدمتها مصر، وما زالت تقدمها لحل القضية حلًا يرضى كافة الأطراف.

كما أثبتت التجربة أن اسرائيل تحترم اتفاقية السلام، وأنها لا تمثل خطورة على مصر، مقارنة ببعض الأنظمة التى تريد لمصر الانهيار والتبعية فقط؛ لتحقيق مصالحهم، دون النظر إلى مصلحة الشقيقة الكبرى مصر، وشعبها، مرورًا بحملات تشكيك فى ولاء الجيش المصرى وقياداته إلى حكومة مصر، وأسلوب إدارتها للبلاد، مشككين فى كل شيء، حتى فى وطنية وانتماء الشعب المصرى.

أعتقد أنه من المناسب الآن، ونحن فى ظروف اقتصادية حرجة أن ننظر إلى التعاون مع إسرائيل، كأية دولة أخرى تربطنا بها علاقات اقتصادية قوية وبصورة أقوى، نظرًا لتحقيق إسرائيل طفرة قوية فى مجال البحث العلمي والزراعة والسياحة والتعليم والصحة ومجالات كثيرة من الممكن أن تعود بالنفع للبلدين.

ونرى فى النموذج التركى مثالًا، وبالرغم من شعاراتهم الزائفة نحو القضية الفلسطينية، إلا أنهم طرحوا كل هذا جانبًا، واتجهوا إلى تطبيع علاقاتهم بدولة إسرائيل، إن تغليب لغة المصالح، ليس بالعيب على الإطلاق، إن مصالح الشعوب الاقتصادية هى الأولى بالبحث حاليًا، خاصة فى ظل أزمات اقتصادية تضرب بالعالم كله.

الصراعات والحروب كانت تملأ أوروبا، وراح ضحيتها آلاف البشر، وهم الآن تحت راية واحدة، وتناسوا كل الحروب والضحايا والخسائر؛أملًا في مستقبل أفضل، وقد تحققت تلك النهضة الحضارية التى نراها بوضوح فى كافة نواحى الحياة، أمريكا واليابان وبالرغم من استخدام أمريكا للسلاح النووي ضد اليابان، وبالرغم من الخسائر المادية والبشرية الهائلة، إلا أن العلاقة بين البلدين هي الأفضل اقتصاديًا وعلميًا الآن، وهذا ما يحدث عندما تحتكم أطراف الصراع للغة العقل والمصلحة لشعوبها.

والتاريخ يذكر علاقة مصر نفسها بدولة الإحتلال والحماية «إنجلترا»، وما هى علاقة الدولتين الآن، وكذلك مع فرنسا، حتى إن الثلاث دول كانوا مشتركين فى العدوان الثلاثى على مصر (إنجلترا- فرنسا – إسرائيل) 29 أكتوبر (تشرين الأول) 1956 – مارس (أذار) 1957، وها هى علاقتنا أصبحت قوية مع كل من إنجلترا وفرنسا، بالرغم من تاريخ الصراع العسكرى معهم، ولم تكن عودة العلاقات معهم، إلا لتغليب مصلحة الشعوب، وإن لم تعد علاقتنا بفرنسا مثلًا لما استطعنا الآن أن نحصل على صفقاتنا العسكرية المميزة من فرنسا، وكذلك العلاقات القوية مع إنجلترا، بالرغم من كونهما دولتي احتلال فى الماضى.

علينا أن نتعلم من كل هذه  الدروس، وأن نغلب لغة المصالح دائمًا خاصة فى الظرف الاقتصادى الراهن الذى أثبت لنا أن الشعارات لا تقدم جديدًا إلى الشعوب، خاصة خلال الظروف الاقتصادية الصعبة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل