المحتوى الرئيسى

حازم حسين يكتب: عن جائزة أحمد فؤاد نجم بعد انفضاض السامر... | الفيومية

12/07 19:06

الرئيسيه » رأي » حازم حسين يكتب: عن جائزة أحمد فؤاد نجم بعد انفضاض السامر…

الجوائز الأدبية، التفصيلة الأكثر سخونة في المشهد الإبداعي في أية لغة أو ثقافة، ودائما ما يكمن الشيطان في التفاصيل، وقبل ثلاثة أيام أعلنت جائزة أحمد فؤاد نجم مدخل الشيطان الجديد لديها، باعتبار أن طبيعة الحال وسوابق الأمثلة يقطعان بأن كل إعلان عن نتائج جائزة، إعلان عن صراع بالضرورة، وكالعادة جاءت نتيجة الدورة الثالثة لمسابقة نجم حاملة صراعها معها، ولم أشأ الاشتباك معه في أوجه، انحيازا لعقلنة الأمر والنظر فيه بروية وإلقاء كل تبعة على كاهل صاحبها، والآن وبعد أن خبت الجمرة وانطفأ وهجهها، يمكننا أن نفكر معا.

البداية الحقيقية والتقليدية والمكرورة حد الملل، أن لكل جائزة توجهاتها وانحيازاتها الجمالية، وأن النتائج تعبر عن سياسة الجائزة وذائقة لجنة التحكيم، إن افترضنا إمكان التجانس الكامل بين أعضاء اللجان وسبكهم في قِدر واحدة، وليست تعبيرا عن طبيعة المشهد الإبداعي ولا حكم قيمة على سوق الكتابة في المطلق، ولو سلّمنا بهذا البديهي الذي نلوكه ليل نهار ربما عصمنا أنفسنا من توابع النتائج ومجانيات الصراع.

المدخل الموضوعي بعيدا عن المفاتيح التقليدية، هو أن جائزة أحمد فؤاد نجم ليست منصة أدبية منحازة للكتابة في وجهها الأول، الجائزة شخصية احتفائية، لا يشغلها التكريس للجدد قدر انشغالها بالتكريس للقديم، ومن هذا المفتاح فالفائز الدائم في مسابقتها السنوية هو أحمد فؤاد نجم، كطبيعة كل الجوائز التي تحتفي بأسماء وتلفها بهالات نورانية من القداسة والمرجعية، لهذا لا يليق أن يظهر في مسابقة نجم من هو أكثر بطولة منه، ولا أكثر جمالا وإبداعا ونضجا، هذا هو المنطق وحق الله، أعرفه وأسلّم به وأقر لساويرس ونجم وأمانة الجائزة اعتماده، ومن هذا الإقرار توقعت نتائج الدورات الثلاثة للجائزة توقعات صائبة، قبل إعلانها بأسابيع، وبإمكاني توقع نتائج دوراتها المخبوءة في علم الغيب، فإذا كان نجم ابنا لشعرية الفطرة بعنفوانها وهمجيتها وتسطيحها، فالواجب أن يكون حملة اسمه وأمواله – بمجازية امتلاكه لمال ساويرس المخصص للجائزة – أبناء مخلصين لنجم وتوجهه، أو للحنجورية والانكشاف والخفة بتعينهم نفسه، ولا حق لأحد أن يرفض نجم وأبناءه المخلصين.

إذا انطلقت من الفرضية التي أنطلق منها، وهي أن نجم شاعر ضعيف، لم يحدث أثرا جماليا في مسار القصيدة العامية، وإنما كان أثره سياسيا وجماهيريا، وحتى في هذه تجاوزه الأبنودي الأكثر جمالا وعمقا وإبداعا، فلن نكون بحاجة لتوجيهات ساويرس ولا إملاءات أمانة الجائزة، وأنت نفسك لن تقبل فوز تجارب ومشروعات خارج هذا الإطار، وحتى إن سمحت لبعضهم بولوج القائمة القصيرة، فليس أكثر من نفخ الرماد في العيون، وتوسعة قاعدة القبول والتعاطي مع الجائزة حتى تصل لمرفئها الآمن، في حِجر واحد من عيال نجم والعالة على مشروعه السائل.

كل ما فات في كفة، وما هو آت يحوز كفة بمفرده، فنجم طاول الأيام والسنين وعادياتها كتابة وحضورا ولم يدع العصمة، وكان على أحاديّته يسمع ويمتدح ويبشر بمن يغايرونه في الكتابة والانحياز، وساويرس لم يقل إنه رسول العناية الإلهية لإحياء الإبداع المصري وإيقاظه من رقدته، كل ما في الأمر أن شخصا أحب شخصا فأقطع اسمَه حصة من ماله، وله ما شاء ومن حكم في ماله ما ظلم، كما أن أمانة الجائزة، ورغم أن فيها شعراء وفنانين، لم تؤتمن على الكتابة والإبداع وخزائن العامية، اؤتمنت على اسم نجم وجائزة نهاية خدمته وتخليد اسمه، وإن لم تفعل كانت خائنة للأمانة، ولكن ماذا عن لجان التحكيم؟

في الدورة الأخيرة ضمت لجنة التحكيم أسماء مهمة ولا غبار عليها، ولكن غبارا كثيرا أثارته نتائجها، فلجنة تضم إبراهيم عبد الفتاح وفتحي عبد السميع وغادة نبيل ومحمود الشاذلي ومحمد بدوي، لا يمكن أن نمر على نتائج الجائزة دون الوقوف معها وقفة جادة وحادة وصاخبة، ورغم فرحي الشخصي باسم أو اسمين على الأكثر من الأسماء العشرة في القائمة القصيرة، إلا أن القائمة شابها وهن وخبل كبيران، وفيها أسماء لا تليق باللجنة ولا نجم ولا حتى نجيب ساويرس، رجل البيزنس الذي لا يفقه في الأدب شيئا، ورغم فهمي لمنطق الجائزة وانحيازاتها لا يمكن أن أغفر ما تورطت فيه اللجنة، وأنا أعلم عشرات الأسماء التي تقدمت للجائزة، ومنهم مخلصون لتجربة التصاوت وقيم المشافهة والتطريب التي تمثل مفاتيح تجربة نجم ورهانه، ولكن توريط الجائزة في اختيار تجارب هشة ومحاولات بدائية لأصوات لا تمتلك درجة السلم الأولى في اتجاه صاعد نحو القصيدة، لا يمكن تفويته ضمن التزام لجنة التحكيم بمدونة الجائزة، إلا لو كانت الأمانة فرضت عليهم أسماء محددة، وأشك في هذا وأعرف أن أعضاء اللجنة بكاملهم محترمون ولا يقبلون هذا، وهنا يحق لي إلى جانب تنزيههم عن الاستغلال والتوظيف، أن أسألهم وألومهم وأتشاجر معهم، ليس فيما يخص عمرو حسن، الفائز بالجائزة في موسمها الأخير، والذي أوسعه عشرات الناس نقدا وسخرية منه ومن الجائزة ونتيجتها، وفيه كلام كثير ويجوز في حقه النقد ما وسعتكم الطاقة، ولكنه في الأخير متماسك ويمتلك أدواته ويلعب في دائرة الخفة والتسطيح والتقابلات وألاعيب اللغة التي لن يصل شاعر للجائزة الكبرى في هذه المسابقة إلا من بوابتها، ولكن السؤال يخص أسماء ودواوين أخرى، ربما تعلم اللجنة في قرارة النفوس أنها لا تستحق ما حصلت عليه، وأن نجم أيضا لا يستحق هذه المسبة، ولا مبرر لدي حتى الآن لهذا.

الخلاصة، عتابي الشخصي فيما يخص الجائزة على لجنة تحكيمها، إبراهيم وفتحي وغادة والشاذلي وبدوي – بحفظ الألقاب وسموق القامات – وأغلبهم أصدقاء وكلهم مقدرون لديّ، ولكن ما هكذا تُورد الإبل

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل