المحتوى الرئيسى

مغامرات لاجئين في طريق البلقان المنسية

12/07 12:36

لم يعد طريق البلقان يحتل عناوين الصحف، رغم أنه مازال يعج بمن رمى بهم المصير في غياهب المناطق الحدودية، مثلا بين المجر وصربيا. ومع مرور الأيام يزداد بؤس أولائك الناس، كما هو الحال في بلغراد.

سهيل شاب نحيف في الـ 15 من العمر ينحدر من أفغانستان، وهو أحد الآلاف الذين تقطعت بهم السبل في صربيا وتوقف بهم السفر في منطقة البلقان بعد تشييد أسجية حدودية ومراكز مراقبة هناك وتنفيذ عمليات ترحيل جماعي. صربيا هي الأخرى تعمل على ترحيل لاجئين وليس لها خيار آخر، لأن دولا مجاورة أغلقت حدودها، مثل المجر التي تسمح يوميا بعبور الحدود لعشرين شخصا فقط.  ليس لسهيل أية فرصة للعبور، لاسيما وان المجر لم تعد تترك سوى عائلات بكاملها تعبر الحدود.

وقد وجد الشاب الأفغاني ملجأ له خلف محطة القطار الرئيسية في بلغراد، مثل مئات الآخرين. داخل تلك البناية تفوح رائحة كريهة وتتجمع فيها القمامة. ويقول سهيل الذي يعيش منذ شهر هناك:"في الحقيقة لا يمكن العيش هنا، لكن هذا كل ما نملكه".

ولكن لماذا لا يذهب سهيل لتسجيل نفسه لدى السلطات حتى يتم تحويله إلى أحد مراكز إيواء اللاجئين؟ عدد تلك المراكز في صربيا 12، وهي تأوي نحو 7.000 شخص. ليست ظروف الإقامة في تلك المراكز جيدة، لكن على الأقل يوجد فيها دفئ وفرصة الحصول على طعام. لكن سهيل يرفض قطعا الذهاب إلى هناك. وتسود شائعات بأن تلك المراكز مكتظة عن آخرها، وهناك فقط مركز واحد في بلدة بريزيفو الجنوبية المتاخمة لحدود مقدونيا. ويقول الشاب الأفغاني:"سمعنا أن عمليات ترحيل إلى مقدونيا تتم هناك، وهذا ما عايشه أصدقاء لي".

رادوس دوروفيتش من مركز الإغاثة في بلغراد لطالبي اللجوء يؤكد بأن معسكر بريزيفو مؤسسة مغلقة ـ ولا يحق للأشخاص المقيمين فيها مغادرتها. ويعبر دوروفيتش عن غضبه بالقول:" يقال إن الجرب والقمل انتشر داخل تلك الإقامة. ولكن لا يحق سلب أحد من حرية تنقله، هذا مخالف للدستور الصربي أيضا". كما إن المعسكرات مليئة عن آخرها والنظافة غير متوفرة، والبيروقراطية كبيرة عندما يتعلق الأمر بإيواء لاجئين.

دوروفيتش هو أحد المساعدين القلائل الذين يعبرون عن انتقاداتهم بكل حرية. الكثيرون يشعرون بالخوف، لأن الدولة منعت بداية نوفمبر جميع منظمات الإغاثة من توزيع مواد إغاثة في الشوارع، وإلا فإنها تخاطر بفقدان رخصة ولوج مراكز اللاجئين. والحكومة تشدد إجراءات التعامل مع اللاجئين ومنظمات الإغاثة. وحتى في اللغة الرسمية المعتمدة لم تعد تُستخدم كلمة "لاجئ"، وفي المقابل يتم الحديث عن "مهاجرين اقتصاديين".

يسهر الجيش على مراقبة الحدود مع بلغاريا. ويقول مفوض شؤون اللاجئين الصربي إن الذين يحاولون العبور يجب تحويلهم إلى مراكز إيواء اللاجئين الذين لا يحق لهم البقاء في الخارج، حيث يجب أيضا إزالة المخيمات العشوائية. وقال المفوض المذكور "الطريقة هي دوما سهلة للإخلاء كما حصل في محطة قطار بودابست وإدوميني أو مخيم كاليه. المهاجرون يجب إبعادهم عن شوارع بلغراد ـ هذه هي الخطوة الأولى".

"هذا نفاق"، يرد الناشط في حقوق الإنسان دوروفيتش ويشير إلى أن هذه السياسة المتشددة تشجع عصابات التهريب، ويضيف :"هؤلاء تحولوا إلى مؤسسات حقيقية. وحتى بعض الصرب يستغلون الظروف لربح بعض المال بسرعة. ولا يمكن القضاء على شبكات التهريب".

وتفيد عدة جهات بأن المهربين ينشطون أيضا في بلغراد. وقال أحد موظفي منظمة غير حكومية، وهو على تواصل مستمر مع لاجئين، بأنه يوجد آلاف الناس مخفيين في العاصمة."وهم يقيمون في شقق، لأنهم يملكون بعض المال أو أنهم وجدوا مخبأ بفضل مهربين. ويبدو أن الشرطة تغض النظر عن هذه الممارسات، خاصة وأن بعضهم يغادر البلاد بفضل مهربين". كما إن الأسعار متفاوتة، إذ يتراوح سعر الرحلة مثلا من مقدونيا إلى صربيا بين 300 و 500 يورو.

زشان خان من بيشاور الباكستانية والبالغ من العمر 22 عاما يريد السفر إلى فرنسا أو ألمانيا أو إيطاليا. زشان قال:"الموظفون المجريون والكروات يلقون القبض على الاجئين وكلابهم تعض الأصابع والأيادي. صديق لي تم اعتقاله في كرواتيا، أخذوا منه ماله وهاتفه النقال".

زشان يريد محاولة العبور، رغم الصعوبات، حيث إن الوضع في طريق البلقان يزداد تأزما وبؤسا، إذ كتبت صحف في الأسابيع الأخيرة عن مجموعتين من المهاجرين الذين تشاجروا فيما بينهم بسكاكين وسط بلغراد  ـ مما أدى إلى وفاة أفغاني. كما شنق مهاجر آخر نفسه بالقرب من أحد مراكز اللاجئين بعدما فشل في الوصول إلى إحدى البلدان الغربية، ونجا شاب آخر من صدمة التيار الكهربائي القوي عندما حاول العبور فوق سطح قطار متجه إلى المجر.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل