المحتوى الرئيسى

نحن لا نبحث عن الأعداء

12/06 06:33

نشرت صحيفة "إيزفيستيا" مقالا كتبه المحلل السياسي ليونيد بولياكوف عن ملامح السياسة الخارجية لروسيا، والتي تضمنتها رسالة بوتين السنوية إلى الجمعية الاتحادية الروسية.

تعدُّ رسالة الرئيس الروسي السنوية إلى الجمعية الاتحادية حدثا مهما لخصوصيتها على الرغم من كونها أمرا معتادا. وفي هذه المرة كانت لها خصوصية واضحة، لأن التركيز الرئيس فيها كان على مسائل واقعية داخل روسيا وخارجها عن عمد.

وبالطبع، ليس هذا دليلا على العزلة (كما يبدو لبعضٍ) أو تجاهل للأوضاع العالمية. إنها دليل على أن روسيا لا تركز الآن فقط، هي بل ركزت تماما ووقفت بوجه الضغوط الخارجية، وثبت دورها كدولة ذات سيادة ومستقلة، وبهذا الشكل ضمنت أمنها ويمكنها حل مشكلات نموها وتطورها.

وهذه الرسالة هي في نفس الوقت نداء إلى العالم، لأنه قد ثبت عمليا أن الكثير من الأمور في العالم المعاصر مرتبطة بتطور روسيا وأولويات سياستها الخارجية، التي خصص الجزء الأخير من الرسالة لها. وقبل كل شيء، أكد بوتين ضرورة الحوار الجدي وأهميته حول "بناء نظام عالمي مستقر للعلاقات الدولية في القرن الحادي والعشرين". وبحسب رأي الرئيس بوتين، لقد "ذهب ربع قرن من الزمن مضى على انتهاء الحرب الباردة سدى. وروسيا اليوم مستعدة لمثل هذا الحوار، وإن موقفنا الأولي في هذا الحوار العالمي بسيط وواضح".

ويمكن لمحاورينا أن يكونوا واثقين من أننا "نعرف مدى مسؤوليتنا واستعدادنا فعلا للمشاركة في حل القضايا العالمية والإقليمية. وطبعا، عندما تكون مشاركتنا مطلوبة وضرورية". إذ إن إحدى المشكلات العالمية تكمن في انتفاء المساواة والعدالة والاحترام المتبادل بين جميع الأطراف، ولا سيما أن بعضا يريد أن يثبت امتيازه، وتعليم الآخرين واحتكار الحق في الكلمة الأخيرة بشأن مسائل تطور العالم كافة.

ويجب تغيير هذا الموقف من المشكلات العالمية جذريا، وتقترح روسيا ما يلي: "نحن مع الأمن وإمكانية تطور ليس فقط المختارة، بل جميع البلدان والشعوب، واحترام مبادئ القانون الدولي وعالم متنوع".

ويقصد الرئيس بوتين في هذه الانتقادات "شركاءنا الغربيين"؛ ولكنه لا يسميهم، لأنه لا يريد فتح جولة جديدة من المواجهات. إن الأوضاع العالمية القائمة يجب أن تكون شروطا أساسية للبحث عن حدود العالم الجديد. وقد أوضح بوتين موقف روسيا لأولئك الذين يشكون في موقفها، قائلا: "نحن لا نريد مواجهات مع أي جهة كانت، لأننا لسنا نحن أو شركاؤنا وأو المجتمع الدولي بحاجة إليها. وعلى عكس بعض الزملاء الأجانب الذين ينظرون إلى روسيا كعدو. نحن لم نبحث أبدا عن أعداء".

وقد ذكَّر بوتين بالتعاون المثمر لروسيا مع هيئة الأمم المتحدة ومجموعة العشرين ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي و"بريكس" ومنظمة شنغهاي للتعاون وغيرها، ما يزيل الشكوك في استعداد روسيا وقدرتها على بناء نظام عالمي عادل متعدد الأقطاب.

وليس مستغربا في ضوء هذه الفكرة أن ما تضمنته رسالة الرئيس بشأن "السياسة الشرقية النشطة" لروسيا هو أمر عارض ومؤقت، بل على العكس هو دليل هو استراتيجية هدفها إقامة علاقات تعاون للمنفعة المتبادلة بعيدة المدى مع اللاعبين الأساسيين في المنطقة - الصين والهند. وفي إطار هذه الاستراتيجية يمكن تفسير التقدم في العلاقات مع اليابان. كما أن اتجاه التعاون في إطار النموذج الأوراسي ليس أقل حيوية، لأنه في عدد من بلدان الاتحاد الأوراسي "يتزايد الطلب على النهج السياسي والاقتصادي المستقل".

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل