المحتوى الرئيسى

''الهوسبيس''.. خدمة الرحمة ما قبل ''الموت''

12/05 20:02

كيف تبدو الحياة لمن قارب على الوفاة؟، من توقفت معه حلول الطب وبقيت كلمة القدر؟، هذا ما يجيب عنه من يقدمون خدمة الهوسبيس في مصر، أو الرعاية التلطيفية للمريض، يخففون عنهم الآلام حين يعجز الطب، ويقدم تلك الخدمة في مصر جمعية "جوساب" للتنمية المجتمعية، والتي ترأسها الطبيبة تنديار سمير.

"رعاية والحفاظ كرامة المريض في أيامه الأخيرة".. هو الشعار الذي ترفعه الجمعية غير الهادفة للربح والمُشهرة من قبل وزارة التضامن الاجتماعي. تقول تنديار إن نشاط المؤسسة بدأ في العام 2010، بعدما اطلعت على حالات عدة تحتاج للرعاية التلطيفية، وتذكر أن أصل كلمة الهوسبيس مشتق من الكلمتين الانجليزتين، الضيافة Hospitality والخدمة Service .

في الهوسبيس، يتم رعاية المريض بالدعم النفسي "نحاول اضافة حياة لأيام المرضى حين نعجز عن إضافة أيام لحياتهم" كما تقول تنديار، إذ تعتمد المؤسسة بشكل أساسي على المتطوعين، الذين يذهبون بدورهم إلى المرضى لتقديم كافة الاحتياجات، وكذلك الترفيه، والرعاية القانونية لهم، مثل استخراج الأوراق الرسمية، وكذلك الدعم الطبي في حالة توعكهم.

بجانب تلك الأنواع من الدعم، تقدم المؤسسة كذلك الرعاية الاجتماعية للمرضى؛ وذلك لأن المريض في أيامه الأخيرة يكون في عُزلة اجتماعية ممن حوله، وتهتم المؤسسة حاليا برعاية المرضى في المحافظات القاهرة والجيزة والقليوبية والشرقية، بحسب طاقتها، كما تعتمد بجانب المتطوعين على الأطباء والممرضين، والأخصائيين النفسيين.

وتعتمد الجمعية بشكل أساسي على تبرعات الأفراد والشركات، كما تقدم خدماتها لجميع الأعمار بداية من عمر الثامنة عشر، وتشير رئيس الجمعية إلى أن الأمراض العضال مثل السرطان تستحوذ على غالبة المرضى في الجمعية.

"خدوه يموت في البيت" عبارة تتكرر بمعاني مختلفة على مسامع المريض وأهله، بعد أن يفقدوا الأمل في علاجه، تذكرها تنديار على أمثلة التعامل اللاإنساني في بعض الأحيان من قبل الأطباء، ليظل المريض ملازما لفراشه في انتظار الموت. يبدأ من هنا دور المؤسسة، بتقديم الرعاية التلطيفية له، تذكر مدير المؤسسة أن الفكرة المنتشرة في عدة دول أجنبية أشبه بما كان يُسمى قديما بـ"التكية"، التي ظهرت كمكان للراحة قديما.

وتنقسم الرعاية التلطيفية إلى نوعين، الأول هو الثابت الذي يعتمد على أن المريض مقيم في بناء المؤسسة، والنوع الآخر هو المتنقل الذي يقوم فيه المتطوعون بالذهاب إلى المرضى، وتصل نسبة الهوسبيس المتنقل 85% من المرضى.

يبتعد المرضى في العلاج التلطيفي أيضا عن الفراش إذا سمحت حالتهم بذلك، يذهبون إلى البحر أو الحدائق، كلٌ بحسب رغبته، الأمنيات تصبح في عالم المتطوعين أوامر، غالبيتها تكون أحلام بسيطة؛ زيارة لقريب، فسحة للنفس في الهواء الطلق، أو حتى لعبة كوتشينة، تضيف تنديار "الكبار في أيامهم الأخيرة يشعرون إنهم عادوا أطفالا في رغباتهم".

وتتوسع خدمات المؤسسة الناشئة منذ ستة أعوام لتشمل أهالي المرضى أيضا، فمنهم من لم يدرك أبعاد مرض ذويهم، واحتياجاته للرعاية، ومنهم من فقد الأمل، وغيرهم في مرحلة الإنكار أو يدخلون في بكاء دون مد يد العون في الساعات الأخيرة، تساعدهم المؤسسة على فهم حالة المريض والطريقة المُثلى للتعامل معه.

قُرابة 20 مليون إنسان في العالم في حاجة إلى العلاج التلطيفي كما تقول "تنديار، يوجد منهم قرابة 78% في الدول النامية، ولا تشير الإحصاءات الرسمية المصرية إلى عدد دقيق من المرضى الذين يحتاجون إلى الهوسبيس.

المؤسسة الحديثة تتواصل أيضا مع قادة المجتمع في عدة مناطق، مثل المناطق العشوائية، من أجل الوصول لحالات تحتاج لهذا النوع من الرعاية.

يحمل المتطوعون ذكريات عدة مع المرضى، فتلك قصة لمريضة وجدت أنها تحمل خبرة كبيرة في إعداد الطعام، فقررت إعداد كتيب عن أشهر الوصفات المحلية المصرية، وتطلق عليه اسم "كتاب بطعم الحياة"، تطبعه المؤسسة للمريضة المتوفية الآن، فيما يظل كتابها ذكرى لإنجازها في أيامها الأخيرة.

نرشح لك

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل