المحتوى الرئيسى

المصالحة بمصر .. مشوار الألف ميل يبدأ بـ"قائمتي عفو"

12/05 17:45

انتظرْت اسمه زوجها المعتقل منذ أكثر من عامين في احد السجون المصرية, على خلفية قضية تراها "سياسية", في قائمة العفو الأولى الصادرة عن مؤسسة الرئاسة المصرية في 18 نوفمبر الماضي، فلم تجده، ولكنها لم تيأس، كررت المحاولة في ثاني قائمة مرتقبة، على أمل أن يُطلق سراحه.

هذه السيدة، التي تحفظت على أن تنشر الأناضول اسمها أو تفاصيل أكثر عن القضية، خوفا من هروب الأمل، هي واحدة من "آلاف" آخرين قدموا طلبات إلى لجنة العفو الرئاسي، التي يترأسها أسامة الغزالي حرب، وفق ما أعلنه الأخير، في تصريحات صحفية حديثة.

آلاف الطلبات، دلالتها تتجاوز وفق حقوقي مصري، تحدثت معه الأناضول، "كونها مجرد محاولة لإطلاق سراح وتخفيف احتقان مجتمعي"، لكن تصل لأبعد من ذلك وهي "رغبة من أسر كثيرة تقول للنظام ومعارضيها وبالأخص الإخوان: ادخلوا في تسوية سياسية، أنهوا بها سنوات الجحيم التي تعيشها البلاد والأسر المظلومة".

وبعد قائمة العفو الأولى الرئاسية بيومين، طرح إبراهيم منير، نائب مرشد الإخوان، مساء 19 نوفمبر الماضي، تصورا بإمكانية القبول بمبادرة من "حكماء" لمصالحة "مشروطة" لحل الأزمة السياسية في مصر، قبل أن ترفض الجماعة، في بيان رسمي، هذه الخطوة بعدها بساعات، عقب هجوم واسع من قواعدها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وهذا في مقابل تأكيدات رسمية نقلتها الصحف المصرية مؤخرا على أن التصالح مع الإخوان من المستحيلات، بخلاف تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، في تصريحات سابقة أن المصالحة مع التنظيم الأبرز بمصر ليست قراره.

في أكثر من حديث إعلامي سابق تحدث السيسي، عن إطلاقه سراح 3 دفعات من الشباب المحبوسين, مشيرا إلى أنه ليس لديه مانع في بحث إفراج جديد عن الدفعة الرابعة، دون أن يحدث ذلك.

وفي نهاية أكتوبر الماضي، قرر السيسي، تشكيل "لجنة العفو الرئاسي", لبحث العفو عن شباب محبوسين خلال أسبوعين، وأفرج عن القائمة الأولى بالفعل الشهر الماضي، وأعلنت اللجنة عن قائمة ثانية خلال هذا الأسبوع، وفق تصريحات صحفية حديثة.

العفو الرئاسي لن يتوقف عن القائمة الثانية بل سيمتد لثالثة أيضا، بهذه المعلومة بدأ الحديث للأناضول عزت غنيم، مدير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات عن مستقبل العفو والأزمة الحقوقية بالبلاد، والتي يراها قد تنتهي بتسوية سياسية.

وأضاف غنيم، متحدثا عن المشمولين في قوائم العفو: "القائمة الأولى شملت كل الاتجاهات وإن كانت قليلة لبعضها، ولكنت حركت الماء الراكد، وأعطت أملا لأسر كثيرة تقدمت في قائمة العفو الثانية، وكلها تفاؤل أن تكون حرية ابنها أو زوجها المظلوم ضمن القائمة، وعندي معلومة أن هناك قائمة ثالثة ستعد عقب تسلم الرئاسة القائمة الثانية خلال هذا الأسبوع".

وتابع "القائمة الثانية ستضم كافة الاتجاهات السياسية مثل الأولى التي شملت إسلاميين ويسار بجانب المستقلين، وعددها سيكون أكبر من الأولى في أقل تقدير وفق ما وصلني دون جزم بعدد معين، خاصة وأن هناك أجهزة (لم يحددها) ستطلع عليها عقب وصولها للرئاسة كما هو متبع".

وعلى نحو المقولة الشائعة "مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة"، يرى "غنيم" أن "إنهاء الأزمة الحقوقية والسياسية قد يكون بخطوة، مثل العفو، وهي تمثل قيمة تراكمية، فيما مرجو بعد من تسوية سياسية تتجاوز الفكرة المثالية عن المصالحة وتنهي أزمة المعتقلين والشهداء وتنصفهم في طريق استقرار أكبر بالبلاد".

ويستدرك الحقوقي المصري، "لكن لا يغيب معني مهم يصل من قوائم العفو، هو رغبة النظام في إيجاد تهدئة ما، ورسالته أيضا أنه قادر أن يجمد قوائم العفو، وبالتالي هذه الإشارات يجب أن تكون مفهومة لتحرك العقلاء المناصرين للحقوق في أي طرف متعلق بالأزمة".

تصريحات غنيم، اتفقت قليلاً، مع تصريحات صحفية، سابقة، لمحمد عبد العزيز، عضو لجنة العفو الرئاسي المخولة بإعداد قوائم المفرج عنهم من المعتقلين، قال فيها "لا ننظر لأسماء أو ائتلافات وحركات وفصائل، سواء إخوان أو 6 أبريل (حركة شبابية معارضة)، فالكل أمامنا سواء".

وحول دلالات قوائم العفو الرئاسي على ما يدور حاليا من حديث عن مصالحة بين الإخوان والنظام، يرى مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية (غير حكومي)، أنه "لو طال العفو الرئاسي جزءًا من قيادات وكوادر محبوسين بالجماعة، فالحديث هنا عن المصالحة سيكون له أرضية على أرض الواقع، بخلاف ذلك لا مصالحة".

وفي تصريحات للأناضول، قال "غباشي"، إن "الحديث عن المصالحة ربما يكون متعمدا من جانب السلطة، الغرض منه جس نبض الرأي العام والتيارات السياسية إذا ما كان هناك نية لدى الإرادة السياسية بالمصالحة مستقبلاً".

وأضاف "التوجه العام للمصالحة، لابد أن يأتي من صاحب القوة والتنفيذ فيها، وهو هنا الحكومة، وليس الإخوان أو قوى سياسية وثورية أخرى".

واتفق مع غباشي، حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حول ضرورة أن تشمل قوائم العفو، كوادر وقيادات الإخوان المسلمين.

وقال "نافعة" للأناضول، إن "قوائم العفو الرئاسي، حاليًا، محدود من ناحية العدد، وبلا دلالات سياسية، فقوائم العفو لا تدعم المصالحة، طالما لا تضم كوادر".

وشدد نافعة على ضرورة أن "تشمل قوائم العفو كافة الأبرياء الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء، سواء كانوا منتمين للإخوان أم لا".

وفي السياق، استبعد محمد سامي، رئيس حزب الكرامة (يساري)، وجود علاقة بين إعداد قوائم للعفو، والمصالحة بين النظام والإخوان.

وقال للأناضول، "قضية المصالحة قضية أخرى غير مطروحة هذه الفترة، لكن يجب لكل من لم يرتكب عملاً قائما على العنف أن يطلق سراحه وحريته، سواء كان إخوانيًا أم لا".

وكان السيسي قرر في ختام المؤتمر الأول للشباب الذي عقد بشرم الشيخ أواخر أكتوبر/تشرين أول الماضي تشكيل لجنة تقوم بفحص ومراجعة موقف الشباب المحبوسين.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل