المحتوى الرئيسى

أزمة الدواجن.. شكوك في نزاهة الحكومة وحسرة على الاقتصاد الوطني

12/05 22:50

قرار إعفاء المستورد من الجمارك ضرب في مصداقية الحكومة المتهمة بتضليل الرأي العام

التراجع عن القرار جيد لكنه يثير هواجس حول فضيحة حكومية بالتواطؤ مع رجال أعمال

بعد أسبوع من قرار رئيس الحكومة المهندس شريف إسماعيل بإعفاء الدواجن المستوردة من الرسوم الجمركية، عادت الحكومة وألغت القرار اليوم، بعد أن أثار جدلا واسعا وبدا أنه لم يكن مدروسا بما فيه الكفاية، ناهيك عن شبهات تواطؤ مسئولين حكوميين مع أحد رجال الأعمال.

القرار الأول كان ضربة للإنتاج المحلي، إذ أنه فتح السوق للمستورد بلا ضوابط أو قيود، في حين حُرم المنتج الصغير في مصر من تخفيض جمارك مواد الأعلاف مثلا، والتي يعتمد عليها في المزارع.

وأعلنت الحكومة في بيان لها اليوم "إلغاء العمل بالقرار المؤقت الخاص بإعفاء الدواجن المستوردة من الرسوم الجمركية، مع مراجعة الموقف بشكل دوري، لضمان تحقيق هدف الحكومة بضمان توفر السلعة بأسعار مناسبة باعتبارها سلعة أساسية".

وأتبع ذلك تأكيدات من الحكومة على "استمرار دورها في توفير السلع في الأسواق وضبط الأسعار، وحرصها في الوقت ذاته على تشجيع وحماية الإنتاج المحلي، وإتاحة المجال كاملاً لمنتجي الدواجن في مصر لتوفير احتياجات السوق بشكل منتظم وأسعار مناسبة".

بخلاف ذلك قر مجلس الوزراء "استمرار وزارة التموين في استيراد الكميات اللازمة لاستكمال احتياجات السوق المحلية، والتنسيق مع اتحاد منتجي الدواجن، الذي استجاب لطلب الحكومة بتوفير كميات شهرية تصل إلى 2000 طن بأسعار مدعومة يتم توزيعها في المناطق الأكثر احتياجاً على مستوى الجمهورية".

وأصدر رئيس مجلس الوزراء قراراً بتشكيل لجنة برئاسة وزير الزراعة وعضوية وزير التموين وممثلين عن اتحاد الصناعات واتحاد منتجي الدواجن بهدف العمل على تحقيق الاستقرار في السوق المحلية والاكتفاء الذاتي من الإنتاج والنهوض بصناعة الدواجن.

من الواضح بالطبع في لهجة البيان الانحياز إلى السوق المحلية والكلام عن دعم منتجي الدواجن والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي منها، وهي كلها لا يمكن أن تتحقق تماما مع القرار الذي سبق وأصدرته الحكومة منذ أسبوع.

لماذا صدر القرار الأول؟ ولماذا ألغي بعد أسبوع؟ سؤالان تبدو الإجابة عليها صعبة في مصر مع غياب الشفافية والمحسابة الجادة، لكننا يمكن أن نستنتج بعضا من ملامح كواليس ما حدث بناء على المعلن.

قبل يومين، ذكرت تقارير صحفية أن الجدل حول قرار إعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك وصل إلى قصر الرئاسة، وأن الرئيس عبد الفتاح السيسي طلب من رئيس حكومته شريف  إسماعيل حل المشكلة سريعا، وهو أمر طبيعي بالنظر إلى ظروف داخلية تتفاقم على مستوى المعيشة والاقتصاد، منذ شهور.

بحب ما تردد، فإن الرئاسة كانت تبحث في أن يبقى القرار الأول ولا يُلغى، لكن أن يصدر رئيس الحكومة قرارا آخر بإعفاء أعلاف الدواجن من الرسوم الجمركية أيضا، لامتصاص غضب المتتجين المحليين الذين رأوا في القرار الأول ضربة قاضية لهم مع عدم حمايتهم ودعم صناعتهم.

كان من الممكن أن توجه الرئاسة بهذا الأمر ويون الأمر بمثابة قرار أصلحه قرار آخر و"نرضي هذا ونرضي ذاك"، لكن القرار الأول أُلغي تماما، وهذا الأمر بجانب أنه سيخفف من حدة الانتقادات للحكومة، فإنه يثير هواجس بشأن مصداقية الحكومة ونزاهتها أكثر مما قبل.

لماذا؟ لأن القرار الأول بإعفاء المستورد ارتبط باسم أحد رجال الأعمال الذي يعمل في هذا المجال، وقيل كلام كثير عن تواطؤ مسؤولين في الحكومة معه بإصدار القرار لخدمه مصالحه، بتحقيق مكاسب لشركاته التي قيل أنها استوردت كميات كبيرة من الدواجن في الفترة التي شملها القرار.

وكان قرار الإعفاء صدر بشكل مؤقت وتحدد في الفترة من 10 نوفمبر 2016 إلى 31 مايو 2017، ما أثار الشكوك أكثر حول صدور القرار لخدمة أشخاص استوردوا كميات منذ العاشر من نوفمبر.

وإذا صح هذا الكلام فإن نزاهة الحكومة ستكون مضروبة، ويجب محاسبتها على ما كانت ستتسبب فيه من انهيار الصناعة المحلية بهذا القرار، بخلاف تضليل الرأي العام بالزعم أن قرار الإعفاء الأول كان لمصلحة المواطن البسيط، في حين أنها سلمت جيبه لرجال الأعمال من المستوردين.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل