المحتوى الرئيسى

متى يمكن وصف قدح من القهوة على أنه كعكة؟

12/05 16:16

عالم الطوبولوجيا (topologist) هو شخص لا يستطيع التفريق بين قدحٍ من القهوة وكعكة، تم إطلاق هذه المزحة حول مجالٍ علميٍّ غير معروفٍ حاز جائزة نوبل للفيزياء يوم الثلاثاء المنصرم. وصفت تلك المزحة الطوبولوجيا بشكلٍ دقيقٍ تماماً، حيث تفسر كيفية تشوه أو تغير شكل مادةٍ ما إلى شكلٍ جديدٍ تماماً دون فقدان خصائص المادة الأساسية.

على سبيل المجاز، فإن قدح القهوة والكعكة هما شيءٌ واحد، ففي حال كانا مصنوعين من المطاط، فإن بالإمكان مط ولوي أحدهما ليأخذ شكل الآخر بدون تغيير جوهره. ومن الناحية الطوبولوجية، فإن الاثنين تم اعتبارهما متكافئين، فكلٌ منهما يحتوي على فتحة-مقبض القدح ومركز الكعكة. 

يوضح مانول آسوري Manuel Asorey من قسم الفيزياء النظرية في جامعة سرقسطة بأنه: "بإمكانك إدخال إصبعك في مقبض فنجان الشاي، ولكن لا يمكنك إدخاله في حبةٍ من البطاطس، إذاً هما يعتبران فئتين مختلفتين تماماً من العناصر الطوبوغرافية".

هذا المجال الغريب من الأشكال الأساسية متواجد منذ فترة طويلة في الرياضيات حصراً، إلا أنها لم يتم تقديمها لحقل الفيزياء إلا قبل بضعة عقودٍ فقط. وفي الواقع، قال عالم الفيزياء النظرية جورج جاموف George Gamow في منتصف القرن العشرين، بأن الطوبولوجيا ونظرية الأرقام هما فكرتان رياضيتان قد لا تنطبقان على الفيزياء أبداً. 

اتضح بعد ذلك أن جاموف كان مخطئاً. حيث تفرعت الطوبولوجيا اليوم إلى مدى واسع من مجالات الفيزياء الثانوية واعدةً بمجموعةٍ كبيرةٍ من التطبيقات العملية، بدءاً بالحوسبة الفائقة (supercomputing) ووصولاً إلى المواد فائقة التوصيل (superconductors). 

يأمل العلماء في أن يتمكنوا يوماً ما من نقل الطاقة والمعلومات أبعد وأسرع مما هي عليه اليوم، عن طريق تشكيل المواد وتحويلها إلى حالةٍ طوبوغرافية، ويضيف آسوري: "لقد لمح الرواد بأن الطوبولوجيا قد تكون ذات صلة بالفيزياء"، كما صرح لوكالة فرانس برس FPI، ويتابع: "التطبيقات العملية الفعلية أصبحت جليةً بفضل هؤلاء السادة الثلاث الحائزين على جائزة نوبل وهم ديفد ثاولس David Thouless، دنكن هالداين Duncan Haldane، ومايكل كوسترليتز Michael Kosterlitz، والذين أدركوا بأن الطوبولوجيا ليست بشيءٍ مرئي"، وأضاف قائلاً: "لقد أصبح الناس الآن يعممون هذه الأفكار على عدة مجالاتٍ أخرى للفيزياء".

لا تزال الطوبولوجيا، التي يشار إليها أحياناً باسم هندسة الورقة المطاطية "rubber sheet geometry"، في الوقت الحاضر ضمن حدود الحقل النظري والتجريبي في الفيزياء، إلا إنه من المتوقع في غضون عقد أو عقدين، أن مبادئها ستجد طريقاً في مجال التطبيقات العملية والتجارية، ولا سيما في مجال الإلكترونيات والحوسبة الكمومية، فعلى سبيل المثال، من المأمول أن حاجة المواد الناجمة عن هذا البحث للطاقة الكهربائية ستكون أقل.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل