المحتوى الرئيسى

باسل نوفل يكتب: كيف تبني سعادتك بنفسك | ساسة بوست

12/05 15:33

منذ 1 دقيقة، 5 ديسمبر,2016

لم أكن سعيدًا من قبل، ولست سعيدًا الآن، ولكنني أشعر بالرضا عن مستوى السعادة التي وصلت إليها اليوم، صحيح أنها ليست كافية ولكنني على يقين أنني أسير في درب السعادة الصحيح.

بدون مقدمات طوال، لا أحبذ الإطالة في هذا المقال بالذات، لأن طريق السعادة أقصر مما نتصور، أو بمعنى أصح أبسط مما تظن، لذلك دعوني أتحدث باختصار في نقاط سريعة:

أولًا: أنت لا تحتاج إلى مجهود كبير لبلوغ مرحلة السعادة؛ فالسعادة برغم أهميتها وصعوبتها فإنها لا تأتي بالمجهود الجبار، ولكنها تأتي بأسلوب سهل ممتنع، إنها أشبه بالسباحة، التي تحتاج بعض المجهود المنتظم والكثير من الاسترخاء والذكاء؛ فالسعادة تأتيك ولا تذهب لها، ولكن عليك ألا تمنعها، فحقيقة لا وجود لشيء مادي اسمه سعادة، إن السعادة فكرة تدور في عقل صاحبها فقط، فإن أغلقت الباب أمامها لن تأتيك حتى ولو كنت في أجمل مكان في العالم، وقد تأتيك وأنت في أكثر الأماكن قبحًا على وجه الأرض.

المال والسعادة، علاقة اختلف فيها كثيرون، فهناك من يرون أن المال يجلب السعادة، وهناك من يرى أن المال لا يعني السعادة، لكنني شخصيًا أرى أن المال يمهد الطريق أمام السعادة، ويزيل الكثير من العقبات، لكن عقلية مستعدة للسعادة تستطيع أن تتمتع بالسعادة بقليل من المال، والعكس صحيح، أتذكر ذات مرة عندما كنت أسير في شوارع وسط البلد صادفت شابًا مظهره يشير إلى أنه من محدودي الدخل، يسير في الطرقات ليلًا يغني بصوت عال مستمتعًا بصوته الجميل، شخصيًا هذا الشخص أضاف لي كثيرًا من البهجة، بينما منح انطباعًا للبعض بالعبط، ما فعله هذا الشاب لا يكلف جنيهًا واحدًا، كما أن رقصة على الكورنيش مع فتاة تحبها لا تكلف مليمًا واحدًا، باستثناء تفادي تعليقات المتحرشين والمتطفلين، إلا أن كل هذا لا يعني أن السعادة قد تأتي مع انعدام المال، فطالما أنك لا تملك متطلبات حياتك اليومية لا أستطيع أن ألومك على تعاستك، ولكنني سأطالبك بمحاولة استغلال أي فرصة سانحة أمامك للسعادة المؤقتة.

شريك حياتك جزء مهم ومكمل لسعادتك، ولكن لا يجب أن توقف حياتك على وجوده، فبإمكانك أن تكون سعيدًا إلى أن يأتي، العمر قصير فاستغلوه جيدًا، والحديث موجه للإناث أكثر من الذكور.

لا تتوقف عند ذكرياتك البائسة، أعلم أن الكلام سهل، وأن ذكرياتك السيئة تطاردك من حين لآخر، لن أطالبك بنسيانها، فالكثير منها قد أصبح جزءًا لا يتجزأ منك، ولكنك تستطيع أن تنحيها جانبًا وتستغل لحظة سعادة لن تدوم طويلًا.

أتذكر منذ أيام جاءتني مكالمة تخبرني بأن صديقًا عزيزًا على قلبي – كريم وائل – قد وافته المنية بسبب جلطة في القلب، بكيت كثيرًا على فراقه، لدرجة أنني لم أستطع تمالك نفسي في الشارع أو في المنزل ودخلت في موجة انهيار وبكاء حار، بعدها في اليوم التالي بدأت ألعب مع أقاربي وأشاهد المباريات وأمارس حياتي بصورة طبيعية، فحزني على صديقي لا يتطلب تعاستي على مدار اليوم، الحياة يجب أن تسير، وما زلت أبكي عندما أتذكر كريمًا بضحكته البريئة والجميلة، ومواقفه الرجولية، لكنه لن يكون سعيدًا بتعاستي، ولكنه سيكون أكثر سعادة عندما أقوم بالسؤال عن والدته من حين لآخر وزيارته من آن لآخر، رحمك الله يا كريم، وإنا لفراقك لمحزونون.

لا تواجه تجربة حبك الفاشلة بالانكسار والندم أو بالحقد والندم، الانتقام لن يبني سعادتك أبدًا، شخصيًا مررت بتجربة حب فاشلة، لا أحب أن أحمل نتيجتها لطرف دون الآخر، ولا أحب أن أصنفها، لقد عشت من خلالها لحظات كدت أطير من السعادة فيها، ولحظات أخرى من الضعف والانكسار شعرت فيها وكأن حياتي قد تدمرت، في النهاية العلاقة لم تستمر وانتهت، لم تنته توابعها، ولكنني ما زلت أقدرها، من الغباء محاولة نسيانها، ومن يطالبك بذلك إما أحمق أو يتحامق عليك، إياك أن تبحث عن شماتة أو انتقام، كن جميلًا كي تجد إنسانًا جميلًا، وكفى.

لا تجعل حياتك تتوقف من أجل عادات أو تقاليد مجتمعية أو دينية، ابحث عن سعادتك دون الإضرار بالآخرين، فقدم القوانين أو القواعد الحياتية المتوارثة لا يعني بالضرورة صحتها، فربما يكون لا أساس لها من الصحة، وربما تكون مجرد خرافات أو تقاليد حمقاء ظن البعض أنها صحيحة في ظرف ما وزمن ما، استخدم عقلك، فإن وجدت أن هذه القوانين منطقية وعملية اتبعها، أما إن كان الجواب العكس فمن الغباء أن تتمسك بها.

الإنسان ملول بطبعه، فلا تحاول أن تزيد الحياة مللًا وروتينًا، اكسر القيود، واعلم أن أكبر قيد موجود في عقلك، خض تجارب جديدة، لا تستبق الأحكام قبل أن تجرب، إذا عرض عليك أحد أكلة جديدة لا ترفضها، جربها إن أعجبتك أكملها، وإن لم تعجبك فإياك أن تكملها، لأنك لو أكملتها فلن تقوم بتجربة جديدة خوفـًا من تكرار التجربة القديمة، كن صريحًا لا وقحًا، أخبر صاحبها أن الوجبة جيدة لكنها ليست من النوعية التي تحبذها.

جرب، ثم جرب، ثم جرب، إلى ما لا نهاية، لماذا نرفض الأشياء دون تجربتها!؟ فلو عرض عليك شخص لعب الإسكواش، أو تعلم رقص التانجو، لا ترفض بحجة أنك لا تحبه أو لا تعرف طريقة لعبه أو رقصه، فمن أدراك؟! ربما تكون رياضتك رقصتك المفضلة مستقبلًا، لا تتردد، لقد عشت أجمل يومين في حياتي عندما قررت كسر مخاوفي وخوض مغامرة السفر كمتشرد في دهب، اخترت عمدًا أقذر وأرخص غرفة فقط لأضع فيها حقائبي، بعدها عشت متنقلًا واستمتعت بالتعرف على أناس من جميع الجنسيات، زرت أماكن مختلفة وتعرفت على ثقافات مختلفة لم أكن لأعرفها لو لم أخض المغامرة، استكملت الرحلة بعدها بثلاثة أيام بحياة على النقيض تمامًا في منتجع سياحي في طابا، سعدت بتجربة التشرد كما سعدت بتجربة الرفاهية تمامًا، ولم أكن سعيدًا بإحداهما دون الأخرى.

الحب وعدم الكراهية، فلا سعادة دون حب وتسامح، فالقلب المليء بالحقد والكراهية لن يعرف السعادة مهما توفرت سبل السعادة له، اعشق الناس والوجود ولا تكره أحدًا، عبر عن حبك بطريقتك ولا تلزم نفسك بمجاملات سخيفة تثقل كاهلك وكاهلهم، شخصيًّا لا أقوم بإرسال التهاني السخيفة في الأعياد، ولا أعتقد أنها تشكل أكثر من روتين ممل، فعندما أستقبل العيد برسالة عبارة عن صورة لورد مكتوب عليها «عيد سعيد» لن تزيدني بهجة لأنني أعلم أن مرسلها قد أرسلها لجميع الأرقام التي على هاتفه، ولكنني سأكون في غاية السعادة عندما يرسل لي شخص في يوم عادي رسالة للسؤال على شخصي، شخصيًا لا تعني لي كثيرًا كلمة «كل سنة وأنت طيب» في عيد ميلادي، أجدها روتينية ولا معنى لها، ولكنني أشعر بسعادة غامرة عندما يرسل لي شخصا التهنئة ممزوجة مع تجربة شخصية أو سخرية متعلقة بشخصيتي على غرار «أنا عارف إنك زهايمر وهتنسى عيد ميلادك فقلت أفكرك»، لذلك لا تبخلوا بمشاعركم تجاه الآخرين، ولا تلتزموا بقوانين، لا يجب أن ترسم ملامح التأثر إذا ما قمت بزيارة مريض في المستشفى، صدقني إنه لا يحتاج لكلمات على غرار «تقوم بالسلامة» ولكنه بحاجة إلى كلمة تضحكه وتنسيه ألمه أو تهون منه، كنت أتحدث مع صديق لي أصيب بتلف في القرنية مما تطلب إجراء عملية جراحية له، وما زالت الرؤية منعدمة وتحتاج إلى وقت طويل لكي يستعيدها، بعد مواساته سألته إن كان قد شاهد مباراة الزمالك مع وادي دجلة بالعين الأخرى، فأخبرني بأنه رغم زملكاويته الشديدة لم يشاهدها لأنه كان في مزاج سيئ، فداعبته قائلًا: «أحسن، كان ممكن مرتضى والزمالك يطيروا لك الثانية»، قد يجد البعض ذلك مزاحًا ثقيلًا، ولكنني أرى أن المريض لا يحتاج من يشعره بمرضه ويزيد من مواجعه، إنه بحاجة إلى الأمل، والمزاح يعني أن الحياة طبيعية، وستستمر.

عندما تنفق الأموال في سبيل سعادتك، نحي التزاماتك المادية جانبًا، أنا أعلم أنك قد ترفض لعب لعبة أو شراء شيء ما أو الذهاب لمكان ما بحجة أن تكلفته مرتفعة ومن الممكن استغلالها في شيء آخر، ولكنني أرى عكس ذلك، السعادة لا تقدر بثمن، فعلى سبيل المثال: لو قررت السفر لمدة ثلاثة أيام وتحملت ألف جنيه تكلفة هذه الرحلة، وأمضيت أسبوعًا كاملًا بعدها لا تأكل سوى الفول والطعمية، فأعتقد أنك الرابح، لأن شهرًا كاملًا من أكل اللحوم والدجاج لن يضيف لك شيئًا، فأسبوع التقشف سيمضي كما ستمضي أيام الرحلة السعيدة، ولكن ستتبقى الرحلة السعيدة في ذاكرتك فقط.

سعادتك مرتبطة بحب الآخرين لك، وحب الآخرين لك مرتبط بنسبة كبيرة على ما تضيفه لحياتهم، استغل إمكانياتك لإسعاد الناس، لو كنت خفيف الظل فارسم بسمة على وجوه الناس، لو كنت ثريًا ساعدهم في اجتياز أزماتهم، لو لم تملك أيًّا من ذلك كن عونـًا لهم في الأزمات، وإن لم تستطع فلا تبخل في التعبير عن مشاعرك، إذا ما شعرت بشعور طيب تجاه أحد اذهب له وقدم له قطعة من الحلوى، أو وردة، الأشياء البسيطة تلك التي تظل في الذاكرة، وسعادتك مرتبطة بنسبة كبيرة بمحبة الناس من حولك، ولا تنس أن الإنسان في الأصل حيوان اجتماعي، يجب أن يعيش في مجموعات.

احترم شخصيتك وافتخر بها، لا تجبر نفسك على لبس الأقنعة لإرضاء الآخرين، إذا ما سألك أحدهم هل تشجع الأهلي أم الزمالك، لا تخجل من عدم حبك لكرة القدم، ولا تتحجج بمتابعتك للكرة العالمية أو المنتخب فقط، أخبرهم أنك لا تحب الكرة فهذا ليس عيبًا، وعلى العكس، لا تخجل من هواياتك، أو فعل ما تحب حتى لو انتقدك الآخرون، فهناك الكثير ممن يحبون ما تفعل، وهناك عدد أكبر يحب ذلك ويخجل من فعله، وهؤلاء قد أضاعوا الكثير فلا تكن مثلهم، تقبل أيضًا هوايات الآخرين حتى لو كانت غريبة، وخاصة مع شريك حياتك، امنحه فرصة أكبر للتعبير عن نفسه.

البشر كثر؛ فاختر ما يناسبك منهم.

لا تربط سعادتك بتحقيق أحلامك، لا أدعوك للتخلي عنها، ولكن عدم تحقيقها لا يمنح تعاستك أي فائدة إضافية.

إذا لم تكن سعيدًا وتعتقد أن حياتك تسير في الاتجاه الخاطئ فقم بتغييرها مهما كان الثمن، إذا كان عملك سبب تعاستك، فاتركه إذا كنت تمتلك مصدر رزق آخر أو تستطيع تدبير أي عمل كان حتى لو بمرتب اقل، إذا كانت حياتك الزوجية سبب تعاستك فانفصل فورًا ولا تلزم نفسك بهذه الحياة من أجل أبنائك، صدقني تعاستك ستدمر حياة أبنائك، وسعادتك الشخصية تستطيع أن تعوضهم عن سلبيات الانفصال.

حاول أن تتعلم شيئًا جديدًا، لغة، حرفة، فنًا، أو أي شيء جديد، صدقني سيضيف إليك الكثير.

سافر واذهب إلى أماكن جديدة.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل