المحتوى الرئيسى

شربل خليل لا «تسدّ بوزك»… فقط اعتذر !

12/05 13:45

لن نقف يوماً ضدّ حريّة التعبير! حريّة التعبير مقدّسة، تحديداً لأنّها تحمي أفكاراً وأعمالاً إبداعيّة ومواقف سياسيّة واجتماعيّة ومناهج وفلسفات وتيّارات واتجاهات لا تعجبنا، ولا تنسجم مع منظومة تفكيرنا، ونظرتنا إلى ما نراه «صواباً»! وشربل خليل يعرف ذلك، أكثر من سواه.

فقد كنّا من أشرس المدافعين عنه في كلّ مرّة تعرّض إلى حملة غاضبة، لأسباب أيديولوجيّة أو سياسيّة. وليس لنا أي فضل في ذلك طبعاً، بل كنّا نقوم بما نعتبره واجبنا. ولم ندافع في النهاية إلا عن أنفسنا، وعن مهنتنا، وعن الديمقراطيّة التي تحمي الجميع، وتسمح بالنقد والتفكير واعادات النظر وتحدّي المحظور: هذا برأينا هو سرّ تقدّم المجتمعات والأنظمة، والحضارة الانسانيّة!

يوم استوحى شربل شخصيّة من النص المقدّس، قلنا هكذا تفعل المخيّلة الشعبيّة، وذكّرنا أن التراث الديني جزء من الحضارة، وملك الانسانيّة، وهو مرجع معرفي في متناول الجميع أياً كان دينهم وعقيدتهم وخيارهم. وذكّرنا أيضاً أن المجتمعات المتحضّرة تتعامل مع الفن بصفته لغة المجاز، وابن الخيال، ولا تحاسبه على أنّه بالضرورة استنساخ للواقع الحرفي، وتجسيد لحقيقة علمية، أو تاريخيّة، أو لاهوتية وفقهيّة. وحتّى عندما وجّه شربل خليل انتقاداته الساخرة إلى حسن نصر الله، كنّا إلى جانبه، ولو ضدّ موقفه السياسي يومذاك. وقفنا عكس التيّار لنقول «أين المشكلة؟». بما أن سيّد المقاومة قائد تاريخي، أي زعيم سياسي في النهاية، يأخذ مواقف علنيّة تؤثر على الحياة العامة، فهو عرضة للنقد شأنه في ذلك شأن أي رجل سياسي آخر… وحين عنونت إحدى الصحف على صفحتها الأولى «شربل الخـ…»، كنا المؤسسة الاعلاميّة الوحيدة ـــ نعم الوحيدة! ـــ في لبنان التي استنكرت وغضبت وأدانت وحذّرت من هذا السلوك الانحطاطي. حتّى صاحب التلفزيون الذي يعمل فيه زميلنا لم يحرّك ساكناً يومذاك، ولم ينبس ببنت شفة!

لا نذكّر بكل ما سبق من باب التمنين أو التبجّح، بل لكي نقول إن غضبنا اليوم من شربل خليل بعد «نمرته» عن «جدار عين الحلوة»، ليس حملة مكارثيّة عليه، ولا دعوة إلى الحدّ من حريّته. إننا هنا نستنكر خطأ سياساً ومهنيّاً، يجمع بين سوء النيّة وقلّة الأخلاق والاختزاليّة السياسيّة، والتلاعب بمشاعر الحقد والخوف الرابضة في اللاوعي الجماعي. لقد حرّك الاعلامي الساخر سكينه الصدئة في جراح ذاكرة الحرب الأهليّة التي لم يكن اداؤه فيها مشرّفاً دائماً، لا ليشفيها بل ليؤجج عوارضها الانعزاليّة. حتّى النقد الكاريكاتوري الساخر في أرقى حالاته، وأقصى احتمالاته لا يقبل بذلك. لقد انتقلنا هنا من ممارسة الحق في التعبير، إلى التضليل والتحريض والتزوير. أغنية «عين الحلوة» التي لا ترى المخيّم إلا من منظار الـ TNT والـ C4، بلغت ذروة التجريح والأذيّة المتعمّدة لأفكار وقضيّة وأشخاص، بل التعرّض لكرامة شعب كامل محاصر بين المذابح.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل