المحتوى الرئيسى

"أحسن الأدب وقوفك عند حدك"

12/05 11:05

انتقد أمين اسكندر، الكاتب الصحفي، ما ردده أحد النواب في جلسات مجلس الشعب، بشأن الروائي الرحل نجيب محفوظ "لو كان حيًا لعاقبناه"، منددًا بثقافة نواب المجلس، متسائلًا كيف يقف الرجل عند حده وهو لم يقرأ نجيب محفوظ ولا غيره؟.

واستشهد إسكندر، خلال مقاله بـ"مصر العربية"، بقول نجيب محفوظ "أحسن المعرفة معرفتك لنفسك، وأحسن الأدب وقوفك عند حدك"، منتقدًا ما أسماه حسب تعبيره "جهل الرجل".

وعبّر إسكندر، عن استيائه من أداء مجلس النواب، وتصريحات بعض نوابه التي تجمع ما بين الشتائم والبذاءات وكشف العذرية، ومنهم من وجد من البرلمان منفذًا لدخول أبنائه لكليات الشرطة، معبرًا عن يأسه مما سيجنيه المواطن المصري عقب فضائح النواب، وعقب أن قام الرئيس بإهداء جزيرتين مصريتين للسعودية.

"لو كان حيا لعاقبناه" هذا ما قاله نائب من نواب برلمان "صُنع في أجهزة الأمن" وقالها عن نجيب محفوظ، أمير الرواية العربية، والحاصل على جائزة نوبل عن كل أعماله: ثلاثة وثلاثين رواية وثلاث عشرة مجموعة قصصية وما يقرب من خمسين قصة نشرت له في الصحافة الورقية.

"لو كان حيا لعاقبناه" هذا ما قاله نائب من نواب برلمان "صُنع في أجهزة الأمن" وقالها عن نجيب محفوظ، أمير الرواية العربية!

وعُرف عن محفوظ أنه أديب وروائي الطبقي الوسطي المصرية، وأنه أديب الحارة المصرية، فهو الذي عاش في حي الحسين وجاور الأزهر ومسجد السلطان حسن، وقص تاريخ الفتوات، تاريخ الأحياء الشعبية، ولنجيب محفوظ أقواله وجمله المأثورة التي تكشف عن عمق فهمه لتاريخ مصر وحضارتها، وهو القائل "الثورات يدبرها الدهاة وينفذها الشجعان، ثم يكسبها الجبناء"، وهو القائل بأن "الزيف في الحياة منتشر كالماء والهواء" ومن المعروف أيضا أن محفوظ كان قد تعرض لمحاولة اغتيال بالسكين أصابته في رقبته من جراء قيام شخص متطرف وغير عارف بأبجدية اللغة ومتأثر بالأفكار الجاهلة والمتعصبة التي انتشرت في تلك المرحلة عام 1994، وبعد أن قام الشيخ كشك ونشر كتاب تحت عنوان "كلمتي في الرد على نجيب محفوظ" وقد تبين تأثر القاتل المتطرف بذلك المناخ الجاهل والمتعصب، عندما قال: سمعت أنه لا يؤمن وله رواية يذكر فيها ذلك. وعند سؤاله هل قرأت له شيء قال لا.

وهنا يحضرني قول عميد الأدب العربي طه حسين عندما قال "أحسن المعرفة معرفتك لنفسك، وأحسن الأدب وقوفك عند حدك" كيف يقف الرجل عند حده وهو لم يقرأ نجيب محفوظ ولا غيره، وعندما سأل القاتل ماذا قرأت لنجيب محفوظ الذي حاولت قتله قال إنه قرأ رواية الجبل، ولا توجد من أعمال نجيب محفوظ أي رواية بهذا الاسم، وفي الحقيقة إننا لا نحتاج دليل لتبيان جهل الرجل ونستطيع أن نضيف لهذا القاتل الكثير من النواب.

ويكفينا أداء المجلس وتصريحات بعض نوابه ومنهم من يملأ الفضائيات بالشتائم والبذاءات وسب الأمهات والتهديد، ومنهم من يتحدث دائما عن كشوف العذرية ومنهم من يعتبر البرلمان بابا لدخول الأبناء والأقارب كليات الشرطة، وبالطبع يكفينا تصريحات رئيس مجلس النواب التي يؤكد فيها أنه سكرتير رئيس مجلس الوزراء، وبالطبع تصريح هذا النائب الذي أتحدى أن يعرفه أهل محافظته ضد العظيم نجيب محفوظ، وهناك من هذا الصنف الكثير للأسف منهم مسؤلين كبار وجنرالات في الجيش المصري، من منا لا يتذكر محافظ السويس صاحب التصريحات العبقرية حول اتجاه الريح التي ستحمينا من الصواريخ، وهو نفسه الذي نشرت على الصفحة الرسمية للمحافظة في عهدة صورة للعشاء الرباني للسيد المسيح بها اهانة واحتوت على اشارات منحطة وخارجة عن الأدب، ومن منا لا يتذكر اللواء المسؤل عن المتاحف العسكرية الذي تحدث بكل ثقة عن معركة حطين التي قادها أحمس، ومن منا لم يسمع ويري من يأتون بهم من قهوة المعاشات ويطلقون عليهم خبراء استراتيجيون. وبالطبع من منا لا يتذكر "طبيب الفلاسفة"و" سيبولي الفكة" و" صبح على مصر بجنيه"، وكل ذلك لا يجعلنا ننسي وزير التربية والتعليم الذي يخطئ في الإملاء.

ماذا نتوقع أن يكون حصادنا بعد كل تلك الفضائح، ماذا سوف يكون حصادنا من رئيس يمنح جزيرتين مصريتين وهما تيران وصنافير للسعودية؟

هذا ما نعيشة ياسادة، فقر وبؤس وجهل، لذلك كان من الطبيعي ان يخرج لنا نائب يتحدث عن أديبنا ورايتنا نجيب محفوظ قائلا " لو كان حيا لعاقبناه" فهذا القول الفاسد غير منفصل عن واقع التعليم والثقافة ولا واقع المسؤلين الذين يضربون دستور البلاد بأحذيتهم يوميا، وغير منفصل عن مسؤلين وسياسين ورجال دين يتفاخرون انهم لايقرأون، بعد ذلك علينا أن نتوقع ظلامية أكثر وجهل أفدح وجهلاء أكثر، واني على استعداد أن أتحدي مسؤلين كبار في أجهزة الدولة وسلطاتها أن يكونوا يعرفوا ماذا كتب نجيب محفوظ أو يحيى حقي أو يوسف أدريس أو يكونوا قرأوا شعر لفؤاد حداد وجاهين وأحمد رامي والابنودي، أو يكونوا شاهدوا أفلام ليوسف شاهين أو صلاح أبو سيف، أو حتى سمعوا لعبد الوهاب والسنباطي والقصبجي، أو يستطيعوا التفريق بين الشيخ عبد الباسط عبد الصمد والشيخ محمد رفعت.

 ماذا نتوقع أن يكون حصادنا بعد كل تلك الفضائح، ماذا سوف يكون حصادنا من رئيس يمنح جزيرتين مصريتين وهما تيران وصنافير للسعودية؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل