المحتوى الرئيسى

مخدرات «هاند ميد» تغزو المناطق الشعبية

12/05 10:21

بحذر شديد يسيرون بخطى غير ثابتة، بين الحين والآخر يلتفتون يمينًا ويسارًا؛ خوفًا وتحسبًا لمراقبة أحد لهم، فبعد ارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية، انعكس الأمر على أسعار المخدرات، ولم يبق أمام المتعاطين سوى اللجوء لمحال العطارة من أجل إشباع رغباتهم.

يصف الشيخ مصطفى سالم، أحد كبار العطارين في شارع الأزهر حال المتعاطين بعد ارتفاع أسعار سجائر الحشيش والبانجو، ولجوئهم لمحال العطارة من أجل البحث عن البديل، موضحًا أن الإقبال على المركبات العطارية الخاصة بعمل سجائر الحشيش زادت في الفترة الأخيرة، وباتت مناطق إمبابة، وميت عقبة، والقليوبية، أولى المناطق ترويجًا لسجائر الحشيش المكونة من الأعشاب العطارية.

وتابع قائلاً: «الكلام عن تجارة الأعشاب الخاصة بالحشيش ممنوع ولو حد من الأمن عرف إن محال العطارة بتاجر في ده هنروح في حديد»، موضحًا أن المركبات الخاصة بعمل سجائر الحشيش ليست مكلفة، والمكونات جميعها أعشاب تزرع في مصر وليس في الخارج.

وعن المكونات العطارية الخاصة بسجارة الحشيش، قال الشيخ مصطفي: «مرمرية، وجوز ماري، وحنة»، ويتم طحنها بشكل جيد، ثم تنشف جيداً، ويتم لفها في ورق البفرة، مشيراً إلي أن أسعار الأعشاب رخيصة، فعلي سبيل المثال، كيلو الحنة 15 جنيهاً، وكيلو المرمرية 20 جنيهاً، وكيل جوز ماري بـ15 جنيهاً.

وأضاف: «الكمية المطلوبة من هذه الأعشاب لعمل سيجارة حشيش، لا يتجاوز الجرام من كل نوع». وبسؤاله عن المكان الذي يتم فيه الطحن وعمل سجائر الحشيش، قال عم مصطفي: «دي بتكون في بيوتهم علشان ما حدش يشوفهم ويبلغ عنهم، ودي مش محتاجة تخصص أي حد يعرف يعملها».

 وتذكر العطار فيلم «الكيف» الذي كان يحكي قصة صناعة المخدرات من الأعشاب، وقال: «اللي حصل في الفيلم ده من طحن المواد المخدرة وتحويلها للحشيش حقيقة، وبتحصل مش خيال درامي».

«العطارة يا بيه دي مدرسة».. بهذه الكلمات يستهل سالم فتحي، عطار من شارع الأزهر، حديثه، مشيراً إلي أن «العطارة لها سلاح ذو حدين، إما أن تكون الطب البديل للمرضي، فيتم صرف تركيبات علاجية لهم بديلاً عن الأدوية، وإما صرف ما يسمي «أوهام الحشيش».

ويشير إلي أن المركبات الخاصة بسجائر الحشيش مجرد أوهام، فلا يستطيع الشاب أن يصل لدرجة الانبساط الذي يكون فيه من الحشيش الأصلي، ولكنه يلجأ لمثل هذه الأنواع من أجل الهروب من غلاء سعر الحشيش الأصلي.

واستكمل الحديث ضاحي رجب، عطار، وقال إن العاملين في محال العطارة ليس من السهل أن يروجوا مثل هذه المركبات العطارية الخاصة بسجائر الحشيش لكل الزبائن، ولكن هناك أفراد بعينهم يقوم الباعة بالبيع لهم، وعن طريقة كلمة سر.

وتابع: «كلمة السر بتتغير مع كل مرة بيجي يشتري فيها، يقوم الشباب بنطق الكلمة، وهي عبارة عن مثل شعبي، ويكمل البائع باقي المثل، وبعد ذلك يقوم بالبيع له».

وعن رقابة الشرطة لمثل هذه المحلات التي تقوم ببيع مركبات الحشيش، قال «رجب»، إن هذه المحال من الصعب معرفتها لأنها تتعامل بحذر شديد مع الشباب المتعاطين، وعادة ما يكونون من أهل المنطقة فحسب، فضلاً عن قيامهم بعمل هذه التركيبات في منازلهم وليس بالمحال.

واستطرد: «الحاجات اللي بتتعمل منها سجائر الحشيش صعب جداً مصادرتها لأنها أعشاب عادية جداً مثل الحنة والمرمرية».

وأردف: «من فترة تم مصادرة بعض أنواع البخور، التي تستخدم في أعمال الدجل والشعوذة، ووصل سعر الكيلو منه إلي 10 آلاف جنيه، أما الأعشاب الخاصة بعمل سيجارة الحشيش فهي عادية جداً ورخيصة».

وكشف أحد الشباب المتعاطين لسجائر الحشيش المكون من أعشاب العطار، والذي رفض ذكر اسمه، قائلاً: واجهنا نسبة غلاء شديدة في أسعار الحشيش، لا تقل عن الـ10٪، الأمر الذي جعلنا نلجأ للعطارين بهدف تسخير الأعشاب لصناعة الحشيش البديل.

أضاف: «الحشيش المكون من الأعشاب مش زي الحقيقة طبعاً بس بنصبر نفسنا بيه يعني نسبة الكيف فيه مش أقل من 60٪».

 وأكد الشاب أنهم يتعاملون مع العطارين بكلمة سر، خاصة إذا كان المرسل للمحل غير مألوف عليهم «عم المزاجنجي بيسلم عليك»، هذه واحدة من العبارات التي كانت تستخدم بيننا وبين العطارين واللي كانت مشهورة في فيلم «الكيف».

وتابع الشاب حديثه: «الحسين وشارع الأزهر، من أشهر الأماكن اللي ممكن تشتري منها الحاجة دي علشان العطارين بيكونوا أصحاب خبرة عالية، وبيعرفوا أصول المهنة والأعشاب المستخدمة في عمل سجائر الحشيش».

ووصف شاب آخر سجائر الحشيش بأنها فشنك المكون من الأعشاب، مشيراً إلي أن الشباب يلجأون إليه كنوع من الوهم من أجل الهرب من أسعار الحشيش الأصلي.

وتابع: سعر السيجارة تختلف من منطقة لمنطقة ومن بائع لآخر وده بيرجع إلي خبرة العطار نفسه، فهناك من يصنع «السجائر العطارية» بصورة أقرب إلي الحشيش الأصلي بنسبة لا تقل عن الـ70٪، وهذا يعود لنسبة المواد المستخدمة هل هي مركزة أم خفيفة.

قالت الدكتورة هبة عيسوي، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس، إن الإدمان يعتمد علي شقين، الأول الإدمان النفسي أو «السيكولوجي»، وهو أن يتعود المدمن علي مكان بعينه وبصحبة عدد من أصدقائه ويقوم فيه بتعاطي نوع المخدر، وهي التي تجعله يصل لمرحلة مزاجية معينة يريدها المدمن، أما العامل الثاني فهو نوع الأعشاب أو المخدر المستخدم والذي يمنحه حالة تسمي بـ«الإيحاء النفسي».

وأضاف «عيسوي» في تصريحات خاصة لـ«الوفد»، أن من ضمن عوامل لجوء الشاب لهذه الأعشاب هو «التأثير الجمعي» أن يقوم أصدقاؤه بإقناعه بأهمية نوع العشب المتعاطي ومدي نجاحه في جعلهم يصلون لمرجة مزاجية بعينها يريدونها.

وأشارت أستاذة الطب النفسي، إلي أن من ضمن أسباب استمرار لجوء الشباب لمثل هذه المخدرات المكونة من الأعشاب هي طبيعة شخصيتهم الاعتمادية، والتي تريد كل شيء بشكل ميسر وسهل، فمع لجوء الشاب لمثل هذه المكيفات يقوم بانفصال ذاته عن العالم الخارجي الملىء بالإحباط والفشل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل