المحتوى الرئيسى

جابت العيد!

12/04 23:14

تبنت إحدى جمعيات وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، العاملة فى مجال دعم الاستقرار الأسرى فى المنطقة الشرقية، حملة إلكترونية تهدف إلى التوعية فى مجال العلاقات الأسرية، فنشرت ضمن حملتها عبارة اعتذارية موجهة من زوجة لزوجها، كانت الزوجة فى العبارة تتحدث عن ذنوبها، وتبدى الندم على ما فعلت، وتستجدى الزوج أن يتجاوز عن عظيم أخطائها، وأن يمن عليها بجميل عفوه، لأن له قلبا واسعا يغفر ويصفح!!

ما هى تلك الذنوب التى فعلتها؟! إنها: التقصير فى تنفيذ (أوامر) الزوج العزيز، والتجاهل (لنواهيه)، و(التكاسل) فى تجهيز حاجاته، و(النسيان) لما يطلب منها قضاءه. وهى كما تبدو لأصحاب الحملة، من أشد الذنوب التى يجب أن تحذر الزوجات من الوقوع فيها، حتى لا يعاقبن بالطلاق.

كانت الجمعية فخورة بعبارتها تلك، فهى بحسن نية تسعى إلى نشر الوئام فى حياة الأسر، وتظن أن نشر مثل تلك العبارات يحقق ذلك. لم تدر أنها (جابت العيد)! تقاذفتها الانتقادات والسخرية والتهكم من كل جانب، فشعرت بصدمة عنيفة وأصابها الإحراج وأحست أنها وقعت فى ورطة حقيقية، فما كان منها إلا أن سحبت تغريدتها وقدمت اعتذارها، وهو تصرف إيجابى يحمد لها.

فى الواقع إن ورطة الجمعية لم تكن فى أن تغريدتها السيئة عرضتها للسخرية والتهكم فحسب، وإنما لأن هذه التغريدات الساذجة وأمثالها، تكشف عن ضعف المستوى المعرفى لدى بعض من يشرفون على برامج التوعية فى بعض الجمعيات.

إن مثل هذه المهمات التوجيهية والتوعوية المهمة والحساسة، تحتاج إلى كفاءة علمية وتأهيل معرفى فى علم النفس والاجتماع، والمهارة فى أساليب التواصل الجيد وطرق الإقناع الذكية، لذلك يجب ألا تسلم لأى عابر سبيل، فتسليمها لغير المؤهلين يجعلها غير مقنعة، ومن ثم لا يكون لها مردود إيحابى، هذا إن لم تتحول بسبب الجهل، إلى (كارثة) توعوية، كما حدث فى التغريدة السابقة، حيث انطبق عليها المثل العامى (جا يكحلها عماها).

جاءت التغريدة بلغة خطاب قديم عفا عليه الدهر، ولم تعد صالحة لمخاطبة نساء هذا الزمان، اللاتى أصبحن يحملن مفهوما مختلفا للزواج، لا يشابه مفهوم الأمهات والجدات، بعد أن صرن يشاركن الرجال فى مستوى الدرجات العلمية، والقدرة على كسب المال والإنفاق على الأسرة.

النساء فى هذا العصر ينظرن إلى الزواج على أنه شركة، يتساوى فيها الشريكان فى الحقوق والواجبات، ويؤمن أن السعادة الزوجية لا تقوم على طاعة أوامر تصدر من الطرف الأعلى إلى الأدنى، وإنما هى تحتاج إلى تسوية وتفاوض وتنازلات من كلا الطرفين.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل