"مصر في مفرمة الضرائب".. الحكومة تعتمد على سياسة "الإتاوات" لتحسين الاقتصاد.. الضريبة التصاعدية تطرق أبواب الأغنياء.. وخبراء يحذرون: المناخ الاستثماري في خطر"
هل يُبنى اقتصاد الدول على عوائد الضرائب؟.. تساؤل تجيب عنه سياسة حكومة المهندس "شريف إسماعيل"، التي لم تجد حلًا للأزمة الاقتصادية الراهنة سوى أموال المواطنين سواء الأغنياء منهم أو الفقراء، فتعمد إلى فرض الضرائب التصاعدية والتنازلية عليهم، بغرض زيادة الحصيلة الضريبية للمساهمة في سد عجز الموازنة العامة للدولة.
وبدا أن قانون فرض الضريبة التصاعدية "ضريبة الدخل"، يدخل حيز التنفيذ إذا أعلن رئيس الورزاء أن نهاية الشهر الجاري ستكون الحكومة انتهت من دراسة الضريبة التصاعدية، ووضعت وزارة المالية تصور نهائي لها ومن ثم إقراراها، نافيًا ما تردد عن رفع الحد الأدنى للأجور.
وتستهدف فلسفة ذلك التعديل التصاعدي، زيادة الضريبة على أصحاب الدخول المرتفعة لتضييق الفجوة بين دخول المواطنين ومراعاة اختلاف طبقات المجتمع، وهي المحاولة الثانية ضمن المحاولات الجادة لتطبيق الضريبة التصاعدية، بعد محاولة النص فى الدستور على تطبيق هذا النظام عام 2014 إلا أنها لم تتفق .
والضريبة التصاعدية هي الضريبة التي تأخذ بعين الاعتبار طبقات المجتمع المختلفة عن طريق فرض ضرائب عالية على أصحاب الدخل المرتفع وضرائب متدنية على أصحاب الدخل المنخفض، ويدل مصطلح تصاعدي إلى طريقة رفع معدلات الضريبة حيث تتغير من منخفضة إلى مرتفعة تبعًا لدخل الفرد.
ويمكن تطبيق الضريبة التصاعدية على الأفراد، أو على النظام الضريبي ككل، على سنة بأكملها أو مدى الحياة، فهي أداة وجدت في محاولة للحد من الضريبة على الأشخاص الذين يواجهون صعوبة في الدفع عن طريق فرض ضرائب أعلى على أصحاب الدخل المرتفع.
وعكس الضريبة التصاعدية هي الضريبة التنازلية التي تملي على أصحاب الدخول المرتفعة دفع ضرائب أدنى من الأشخاص العاديين وذلك بسبب إرتفاع قدرتهم الشرائية، وهناك الكثير من دول العالم التي عمدت إلى فرض الضرائب التصاعدية.
لكن في مصر تبقى الحالة خاصة، لأن الحكومة لا تبحث عن منافذ أخرى لسد عجز الموازنة سوى من خلال فرض الضرائب، فسبق وأقرت وزارة المالية فرض ضريبة القيمة المضافة أكتوبر الماضي عقب موافقة مجلس النواب عليها.
وهي ضريبة غير مباشرة تفرضها الدولة على استهلاك معظم السلع والخدمات، وتقع على كاهل المستهلك النهائي، بينما تؤدي الشركات دور الوسيط بين الدولة والمستهلك في تحصيل هذه الضريبة، من المتوقع أن تدر عائدًا يقدر بنحو 32 مليار جنيه كحصيلة سنوية.
كما فرضت الحكومة خلال يونيو الماضي، ضريبة تقدر بـ5 جنيهات، على جميع الرخص والتصاريح والوثائق والشهادات والمستندات والطلبات التي تصدرها أو تستخرجها وزارة الداخلية والفروع الحكومية الأخرى، تجديد تصاريح العمل لدى جهة أجنبية، وتذاكر مبارايات الرياضة والمسارح.
وفي مطلع العام الحالي، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرار جمهوري برفع ضريبتي الزواج والطلاق إلى 100 جنيه لكل حالة منهما، وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بلغ عدد عقود الزواج لعام 2014، 953 ألف حالة، مما يحقق قيمة ضريبية بنحو 102 مليون جنيه.
وفرضت الحكومة ضريبة على المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، والتي كشف عنها نائب وزير المالية للسياسات الضريبية عمرو المنير، وتلاها فرض ضريبة عقارية على المصانع ، وعلى أرض المصانع والمصنع كوحدة إنتاجية.
وعن مخاطر الضريبة التصاعدية، يقول الدكتور وائل النحاس، خبير أسواق المال، أن اقتصاد البلاد لاسيما النامية مثل مصر، لا يمكن تحسينه من خلال فرض الضرائب، سواء على الفقراء أو الأغنياء، لأن أموال الشعب لن تكفي ملء خزانة الموازنة العامة للدولة، أو تسديد الديون، أو سعد العجز وخفض معدلات التخضم إلى جانب المعيشة وغلاء الأسعار.
ويوضح، أن الضريبة التصاعدية تنسف أي خطة لجلب الاستثمارات الخارجية، لأن المستثمر لن يجد أي مميزات أو إيجابيات تدفعه للاستثمار في الداخل أو بالأسواق المصرية، بل سيجد ضرائب تدريجية تؤدي إلى مزيدًا في الأسعار بشكل كامل.
ويؤكد أن الدول التي تفرض ضرائب تصاعدية لا بد وأن يكون لديها عوامل جانبية تجذب بها الاستثمارات وهو ما لا تملكه مصر حاليًا، مشيرًا إلى أن الضرائب المتصاعدة التي تفرض كل فترة في ظل غلاء الأسعار وأزمات اقتصادية طاحنة تدفع المستثمرين إلى التهرب الضريبي .
ويشير إلى أن الضريبة التصاعدية التي تحدثت عنها الحكومة إذا كانت تخص المفروضة على شرائح الدخل فهي بالفعل مطبقة، أما إذا كانت تخص الضرائب على الأرباح التجارية والرأسمالية فهي تعني مزيد من ارتفاع الأسعار وبالتالي تهرب ضريبي جديد.
Comments