المحتوى الرئيسى

ننشر حيثيات حكم «الدستورية العليا» حول المادة 10 بقانون التظاهر: عدم دستورية الفقرة الأولى وسقوط الفقرة الثانية ورفض باقي الطلبات

12/03 14:43

الحيثيات: رفض طلب إخطار وزير الداخلية بالتظاهرة وعدم امتلاكه سلطة منع المظاهرة.. والمشرع سلب حرية اختيار وسيلة التظاهر

أودعت المحكمة الدستورية العليا، اليوم السبت، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، حيثيات حكمها بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة العاشرة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 107 لسنة 2013 بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية، وسقوط نص الفقرة الثانية من هذه المادة ورفض ما عدا ذلك من طلبات ومن ضمنها إخطار وزير الداخلية بالتظاهرة وعدم امتلاكه سلطة منع المظاهرة.

واستندت المحكمة في أسباب حكمها على سند من أن الدستور حرص على أن يفرض على السلطتين التشريعية والتنفيذية من القيود ما ارتآه كفيلًا بصون الحقوق والحريات العامة وفى الصدارة منها الحق في الاجتماع والتظاهر السلمى كي لا تقتحم إحداهما المنطقة التي يحميها الحق أو الحرية أو تتداخل معها بما يحول دون ممارستها بطريقة فعالة وكان تطوير هذه الحقوق والحريات وإنماؤها من خلال الجهود المتواصلة الساعية لإرساء مفاهيمها الدولية بين الأمم المتحضرة مطلبًا أساسيًّا توكيدًا لقيمتها الاجتماعية وتقديرًا لدورها في مجال إشباع المصالح الحيوية المرتبطة بها وعلى ذلك فعلى خلاف الوثائق الدستورية السابقة على دستور 2012 نحى الدستور القائم منحى أكثر تقدمًا وديمقراطية في صونه حق الاجتماع السلمى وما يتفرع عنه من حقوق.

وأضافت الحيثيات أن المشرع سلب الترخيص في اختيار وسيلة ممارسة هذه الحقوق  وأوجب ممارستها بالإخطار دون غيره من الوسائل الأخرى لاستعمال الحق وممارسته كالإذن والترخيص ولما كان الإخطار كوسيلة من وسائل ممارسة الحق، هو أنباء أو إعلام جهة الإدارة بعزم المُخطِر ممارسة الحق المُخطَر به دون أن يتوقف هذا على موافقة جهة الإدارة أو عدم ممانعتها، وكل ما لها في تلك الحالة أن تستوثق من توافر البيانات المتطلبة قانونًا في الإخطار وأن تقديمه تم في الموعد وللجهة المحددين في القانون، فإذا اكتملت للإخطار متطلباته واستوفى شرائطه قانونًا، نشأ للمُخطِر الحق في ممارسة حقه على النحو الوارد في الإخطار ولا يسوغ من بعد لجهة الإدارة إعاقة انسياب آثار الإخطار بمنعها المُخطِر من ممارسة حقه أو تضييق نطاقه، ولو اعتصمت في ذلك بما يخوله لها الضبط الإدارى من مكنات فالضبط الإدارى لا يجوز أن يُتخذ تكئة للعصف بالحقوق الدستورية فإن هي فعلت ومنعت التظاهرة أو ضيقت من نطاقها تكون قد أهدرت أصل الحق وجوهره وهوت بذلك إلى درك المخالفة الدستورية.

بيد أن ما تقدم لا يعنى أن الحق في الاجتماع أو التظاهر السلمى حق مطلق من ربقة كل قيد، ذلك أن هذين الحقين وخاصة حق التظاهر السلمى، يمس استعمالهما في الأغلب الأعم بمقتضيات الأمن بدرجة أو بأخرى وتتعارض ممارستهما مع حقوق وحريات أخرى، بل قد تنحل عدوانًا على بعضها، مثل حق الأفراد في التنقل والسكينة العامة وغيرها وهو إخلال يُغَض الطرف عنه وعدوان يجرى التسامح في شأنه تغليبًا لحقى الاجتماع والتظاهر السلمى بحسبانهما البيئة الأنسب لممارسة حرية التعبير والتي تمثل في ذاتها قيمة عليا لا تنفصل الديموقراطية عنها وتؤسس الدول الديمقراطية على ضوئها مجتمعاتها، صونا لتفاعل مواطنيها معها بما يكفل تطوير بنيانها وتعميق حرياتها، كل ذلك شريطة سلمية الاجتماع والتظاهرات وتوافقها وأحكام الدستور ومقتضيات النظام العام وما دام العدوان على الحقوق والحريات الأخرى لم يبلغ قدرًا من الجسامة يتعذر تدارك آثاره ومن ثم يكون محتمًا التزامًا بالقيم الدستورية التي تعليها الدولة القانونية أن يكون القضاء هو المرجع في كل حالة على حده تلجأ إليه جهة الإدارة حين تروم لأى سبب من الأسباب، ووقف سريان الآثار المترتبة على اكتمال المركز القانونى لمنظم الاجتماع أو التظاهرة الناشئ من تمام الاخطار الصحيح ليقرر حينها القضاء المختص دون غيره ما إذا كانت ثمة مصالح وحقوق وحريات أولى بالرعاية، تجيز منع الاجتماع أو التظاهرة السلمية أو تأجيلهما أو نقلهما أو تعديل مواعيدهما أو تغيير مسار التظاهرة وذلك على ضوء ما تقدمه جهة الإدارة من دلائل وبراهين ومعلومات موثقة تقتضى ذلك وتبرره. إذ كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة العاشرة من القرار بقانون رقم 107 لسنة 2013 بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية قد خالفت هذا النظر فمنحت وزير الداخلية ومدير الأمن المختص حق إصدار قرار بمنع الاجتماع أو التظاهرة المخطر عنها أو إرجائها أو نقلها فإنها تكون بذلك قد مسخت الإخطار إذنًا، مما يوقعها في حمأة مخالفة المواد (1/1، 73/1، 92/2، 94) من الدستور، ومن ثم يتعين القضاء بعدم دستوريتها.

وحيث إنه نظرًا للارتباط الذي لا يقبل الفصل أو التجزئة بين نصى الفقرتين الأولى والثانية من المادة العاشرة من القانون المار ذكره وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى عدم دستورية نص الفقرة الأولى من هذه المادة فمن ثم يترتب على ذلك سقوط الفقرة الثانية منها، وهو ما يتعين القضاء به.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل