المحتوى الرئيسى

حكاية ''زينب الكفيفة''.. ''حاملة القرآن'' تنقل رسالتها للصغار

12/03 12:54

أصوات أطفال عالية، أفواه يعلو صياحها بالقرآن الكريم، وجدران بسيطة تحيط ببوابة منزل تتوسطها سيدة كفيفة تجاوزت الأربعين من عمرها؛ تُعلم الأطفال كتاب الله، وتوقف صياحهم كلما أخطأ أحدهم في أيِ من آياته.

"الشيخة زينب" كما يناديها الصغير والكبير في إحدى القرى التابعة لمحافظة الشرقية، سيدة بسيطة، حرمها الله من نعمة البصر وعوضها بحُسن البصيرة وبركة الإيمان بقضائه وقدرته، وعن ذلك تقول دائمًا "ببركة القرآن الصعب بيتسهل".

"وأنا صغيرة مكنتش كده؛ كنت مولودة بمياه زرقاء على عيني، وعملت عمليات كتير بدون فايدة، لكن ربنا كان مخليني أعرف أشوف وأروح الكُتاب لحد ما حفظت القرآن كله".. بدأت "الشيخة" حديثها لـ"مصراوي" مؤكدةً على أنها حفظت كتاب الله في ثلاث سنوات فقط؛ "بدأت وأنا عندي 6 سنين، وعلى ما تميت التسعة كنت حفظت القرآن كله".

"صاحب أبويا هو اللي وداني عند الشيخ "محمد خليل" في عزبة جنبنا، كنت بروح وآجي كل يوم مشي من هناك لعندنا".. تستطرد الشيخة، مضيفةً "الشيخ رضي يحفظني رغم إن نظري كان ضعيف وقتها، كان متفق مع أبويا وصاحبه على إني أحفظ الجزء بخمسة جنيه خلال شهر، لكن شهر مين؛ أنا الحمد لله كنت بحفظ الربع في لوح على يومين بالكتير، ولما تميت الحفظ الشيخ أخد من صاحب أبويا 10 جنيه حتة واحدة حلاوة ما حفظني".

"كنت بحفظ أسرع من زمايلي في الكُتاب، لدرجة إن أبويا مكنش مصدق إني كنت بسبقهم، كنت بروح الساعة 7 الصبح وأفضل هناك لحد المغرب، وأوقات لبعد العشاء.. كنت بحب القرآن وقتها وأحب الحفظ، وأفتكر إني في يوم سمعت 16 جزء مرة واحدة".. تتابع حديثها: "بعد ما حفظت بقيت أحفظ زمايلي، والشيخ يراجع عليا بعدها ويسمع لهم، ولو لقاهم مش حافظين يضربني 50 زخمة على إيدي".

"أنا متعلمتش أساسًا، لكن روحت معهد قراءات ودرست 5 سنين؛ 3 قراءة وسنتين تجويد، بصراحة كانت أمنتيتي أتعلم في الأزهر لكن والدي رفض وخاف عليا من المواصلات، وقتها الأستاذ سيد جارنا الله يكرمه أخدني على مصر، وساعدني أفتح كُتاب برخصة من الأزهر".

تسرد تفاصيل حصولها على رخصة الكُتاب: "لما رفضوا يمتحنوني في الأزهر، علشان سني صغير، واحد كان واقف قال لهم إني مواليد 1966، لكن لما دخلت قولتلهم على الحقيقة وإني عندي 16 سنة بس ومواليد 1976، والحمد لله ربنا كرمني وقتها ونجحت، وعطوني رخصة الكُتاب لما عرفوا إني حافظة كويس".

وبعيون تخالطها الدموع، تستكمل: "نظري راح لما والدي اتوفى وأنا عندي 16 سنة.. الله يرحمه سابنا 4 بنات، ومات بعد 8 سنين مرض، قطعوا رجله بعد ما جاله سرطان فيها، وبعدها بكام شهر سرطان في الرئة، وفضل في تعب لحد ما مات".

"لما اتوفى أبويا مكناش عارفين هنمشي إزاي، المعاش اللي سابه كان 70 جنيه وقتها، وحتى البهيمتين اللي حيلتنا لحقوا أبويا على الخميس الكبير (بعد أسبوعين من وفاته)، لكن ببركة القرآن كل حاجة اتسهلت؛ أمي جابت جاموسة بالدين وفضلنا نعيش من خيرها جنب المعاش، وأنا ربنا كرمني وقتها واللي كان بيدخل لي من الكُتاب كنت أساعد به أمي وإخواتي على مصاريف العيشة".. تواصل: "أمي فضلت تزرع وتقلع لحد ما جه وقت ووقعت من فوق السطح والحوض بتاعها اتكسر، وبعنا البهيمة وبنينا البيت اللي إحنا فيه دا".

وعن طبيعة الحال وقتها، توضح: "لما فتحت الكُتاب كان شيخ الأزهر هو الشيخ جاد الحق، وكان عامل لنا مكافآت كل 3 شهور 45 جنيه، غير المسابقات، واللي ربنا بيكرمه ويحفظ عدد أجزاء أكتر بياخد جوائز أكتر آخر السنة، وكل واحد حسب شطارته، وفضل الكلام دا لحد ما جه الشيخ سيد طنطاوي الله يرحمه، اللي منع المكافآت كلها مرة واحدة، وقال كفاية الأجر اللي بياخدوه من الولاد".

"سبحان الله، بيقطع من هنا ويوصل من هنا؛ أهالي العيال اللي عندي في الكُتاب، لما عرفوا باللي حصل من الشيخ ططاوي، قالوا مينفعش كده، وخلوا الشهر بعشرة جنيه"؛ يتهلل وجه الشيخة زينب، قائلةً: "ربنا كرمني وحفظت حوالي 17 فرد القرآن الكريم كله، منهم الصغير اللي حفظ وهو في رابعة ابتدائي، غير اللي كانوا في ثانوي وأولى كلية وقت الحفظ".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل