المحتوى الرئيسى

أليكس فيشمان يكتب: الهجوم الإسرائيلى فى سوريا.. اختبار للتفاهمات مع الروس | المصري اليوم

12/03 01:19

كل اللاعبين فى الملعب السورى، بما فيهم إسرائيل، حزب الله وإيران، ينتظرون بفضول بل وحتى بقلق ما سيصدر عن موسكو. فمن الواضح للجميع أن الهجوم المنسوب لإسرائيل هو «حالة اختبار»، على ما يبدو، لحدود حرية العمل الإسرائيلية فى سوريا وفى لبنان. ولكل رد روسى ستكون هناك آثار وتداعيات على توازن القوى الاقليمى.

فى الوقت الحالى يكتفى الروس باقتباس بيان الناطق العسكرى السورى عن هجوم سلاح الجو الإسرائيلى، أمس الأول، فى منطقة دمشق. لا تنديدات، لا تحليلات، لا تسريبات لمسؤولين فى القيادة الروسية. والتمسك بالرواية السورية يدل على أن الروس، من ناحيتهم، يقبلون حقيقة أن إسرائيل مسؤولة عن الهجوم ولا يعتزمون المشاركة فى لعبة «الاستغماية» الإسرائيلية. ومع ذلك، فحقيقة أنهم لم يصدروا بيانا خاصا بهم تدل على أنهم لم يقرروا بعد ما سيفعلونه بهذه المعلومة.

فى أحاديث غير رسمية مع مصادر ترتبط بجهاز الأمن الروسى يسألون: ما الذى تتوقعونه فى واقع الأمر؟ هل تتوقعون ردا روسيا علنيا ومباشرا؟ فإذا قلنا إن إسرائيل نسقت الهجوم معنا، سيتعين علينا أن نقدم الشروحات لحلفائنا فى حزب الله؛ وإذا قلنا إنكم لم تنسقوا، فستكون لدينا مشكلة فى أن نشرح كيف تعمل إسرائيل على الأراضى السورية دون أن تخبرنا أو تحيطنا علما.

الرد الروسى حرج، إذ إن الهجوم المنسوب لإسرائيل هو أول اختبار علنى، على ما يبدو، للتفاهمات التى تحققت بين القيادتين السياسيتين على مستوى بوتين ونتنياهو. ومنذ نشر الروس جيشهم فى سوريا فى 2015 قلت المنشورات عن الهجمات الجوية لسلاح الجو الإسرائيلى فى سوريا، باستثناء الهجمات على طول الحدود فى هضبة الجولان.

حقا إن الواقع هو الذى استدعى استمرار العمليات، إذ إن حزب الله، بمساعدة الجيش السورى، واصل تهريب العتاد العسكرى إلى لبنان، لكن كان يبدو أن إسرائيل اختارت ألا تضع التفاهمات مع روسيا قيد الاختبار.

لا يوجد بين إسرائيل وروسيا اتفاق تعاون فى سوريا. فالروس لا يبلغون الجيش الإسرائيلى بعملياتهم الجوية، وإسرائيل ـ بقدر ما هو معروف، لا يفترض أن تبلغهم عن عملياتها الجوية. ولكن يوجد تفاهم فى أن كل طرف يفهم أين توجد مصالح الطرف الآخر، ويبذل كل جهد كى لا يحتك بها أو يمسها. وبالتالى فإن طائرات الروس تحلق فى مناطق معينة، وسلاح الجو الإسرائيلى يطير فى مناطق أخرى. وصورة الرادار الجوى شفافة للطرفين.

قبل نحو سنة أفادت مصادر أجنبية بأن طائرات روسية انطلقت باتجاه طائرات سلاح الجو الإسرائيلى التى حلقت فى مكان ما فى البحر المتوسط. وأحداث من هذا النوع تحل على مستوى الزعماء، مثل نائب رئيس الأركان الإسرائيلى مقابل نظيره الروسى، ووحدات الارتباط الإسرائيلية والروسية التى تدير حوارا حول الوقائع الاستثنائية فى الطيران لأى من الطرفين. فإذا لاحظ ضابط روسى طائرة إسرائيلية قد تقترب من مصلحة روسية، فمن المنطقى الافتراض أنه سينقل المسألة إلى نظيره الإسرائيلى.

الصواريخ المتطورة المضادة للطائرات، إس 400 وإس 300 التى نصبها الروس لحماية الميناء فى طرطوس ومطار حميميم فى سوريا، لا يفترض أن تشكل تهديدا على سلاح الجو الإسرائيلى، باستثناء أوضاع سوء الفهم التى قد تقع فى كل لحظة ممكنة. لذلك، على ما يبدو، فقد طار اليوم سلاح الجو الإسرائيلى فى الساحة بشكل أكثر تحفظا من الماضى. ويحق لنا الافتراض بأن كل نشاط يتجاوز الحدود يدرس فى إسرائيل بشكل أكثر تدقيقا من أجل توسيع هوامش الأمن.

ومع ذلك، فقد أوضحت إسرائيل طوال الوقت أنها لن تتنازل عن أى حرف فى الخطوط الحمراء التى وضعتها لنفسها فى سوريا ولبنان: فلن تسمح بوجود السلاح الكيميائى فى يد الجيش السورى أو حزب الله، ولن تسمح بالمس بالسيادة الإسرائيلية ولن تسمح بتهريب عتاد تعتبره محظورا إلى لبنان. ولم يتدخل الروس عندما هاجمت إسرائيل فى هضبة الجولان حين أصيبت سيادتها. أما الخط الأحمر الثالث فقد اخترق فى السنة الأخيرة، وفقا لتقارير أجنبية، أكثر من مرة واحدة، ولذلك ـ وفقا لتلك التقاريرـ هاجمت إسرائيل، أمس الأول، هدفا واضحا يسمح لها أيضا باختبار حدود التفاهمات مع الروس. ومن الرد الروسى حتى الآن يمكن أن يؤخذ انطباع بأنها تعترف بحق إسرائيل فى منع تسرب سلاح من نوع معين من سوريا إلى لبنان. وليس مؤكدا أن صورة الوضع ستبقى على هذه الحال طوال الوقت.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل