المحتوى الرئيسى

أخطر 6 قرارات اقتصادية طحنت المصريين خلال عامين.. رفع الدعم الصدمة الأولى.. وتعويم الجنيه وزيادة الجمارك "الضربة القاضية".. وخبراء يحذرون من عواقب "الإصلاح المر"

12/03 22:25

بين إجراءات اقتصادية عدة أضحى ملايين المصريين يرون أنفسهم عالقين بين شقي رحى يتجرعون مرارة القرارات المتتابعة منذ عامين.

قبل عامين ونصف العام، وجد المصريون أنفسهم أمام اختيارين كلاهما مر، إما الاستمرار في سياسات اقتصادية أثبتت فشلها طيلة العقود الماضية، أو المضي قدمًا نحو سياسات إصلاحية قاسية، لكن الانحياز كان نحو الخيار الأخير لم يكن طواعية وانما فرضته الظروف حينها.

فمع صعود الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى سدة الحكم، بعد ثورتين شعبيتين أطاحتا حكم الفرد في 25 يناير 2011 وحكم "جماعة الإخوان" في 30 يونيو 2013، قبل أن يتعهد للشعب المصري بالإنجاز، صارحه بحقيقة الإرث الثقيل من التحديات والمشكلات، وفي المقلب منه التردي الاقتصادي والظلم الاجتماعي وغياب العدالة، التي عانى منها المواطن المصري لسنوات مديدة، متعهدا بالتصدي لتلك المشكلات، واضعًا سقفا زمنيا لحلها خلال عامين من توليه الرئاسة.

وتعهّد بحل معظم المشكلات التي يعانيها الاقتصاد المصري، وبتحسين الأحوال المعيشية للمواطن المصري خلال عامين من توليه الرئاسة، مشيراً إلى أنه سيعمل على ضبط الأسواق وتوفير السلع بأسعار ملائمة لجميع المواطنين حتى لو تطلب الأمر آليات موازية للضبط، وتوفير فرص عمل حقيقية للشباب بأجور مناسبة.

وطالب المواطنين بالتحلي بالصبر "لأن ما تحقق حتى الآن قد لايكون كافياً ولكنه هو المتاح وعلى المصريين أن يعطونا الفرصة ونصبر لنخرج من دائرة العَوَز، لأنه إن لم يصبر المصريون حتى تتحسّن الأمور فمصر لن تقوم".

ومنذ ذلك الحين، اعتمد الرئيس السيسي على تدشين مشروعات وطنية عملاقة للنهوض بالاقتصاد المصري، وجذب استثمارات أجنبية، تبلغ قيمتها تريليون و40 مليار جنيه، كانت قناة السويس الجديدة أول ما تحقق منها بتكلفة بلغت نحو 55 مليار جنيه مصري، كبداية لمشروع تنمية محور قناة السويس المخطط له أن يكون محورا للتجارة العالمية.

كما أطلق الرئيس مشروع الإدارة الجديدة بالقرب من إقليم قناة السويس ومشروعا قوميا للإسكان الاجتماعي ببناء نحو 500 ألف وحدة سكنية سنويا، بالإضافة إلى المشروع القومي لاستصلاح وزراعة المليون ونصف المليون فدان.

وتوازى ذلك مع خطة للعمل السريع والفاعل، أدت لتجاوز الأزمات والمشكلات التي تواجه المصريين في حياتهم اليومية، من انقطاع الكهرباء وعدم توفر الخبز والوقود.

بدأ الرئيس فى بداية فترة حكمه باتخاذ قرار إعادة هيكلة منظومة دعم الكهرباء والمواد البترولية، والتى كانت تكلف مصر كثيرا وتم وضع خطة إعادة الهيكلة خلال 5 سنوات من 2014 لـ2019.

وكانت أولي قرارته في هذا الصدد، القرار الخاص ببدء تنفيذ خطة تخفيض الدعم عن الوقود في عهد حكومة محلي الثانية، حيث بدأت رحلة رفع الدعم عن الوقود لأول مرة منذ عام 2008، وفقًا لقرارات مجلس الوزراء أرقام 1058 و1059 و1060 التي صدرت في يوليو 2014 بشأن زيادة أسعار الوقود الجديدة.

وفي فبراير الماضي، أثار قرار الجمهوري بزيادة الجمارك على أكثر من 500 سلعة مستوردة بنسب تتراوح من 20 إلى 40 % والتي شملت المكسرات بمختلف أنواعها، ومستحضرات التجميل والحلاقة وأدوات الشعر، والبدل، والتكييفات والثلاجات والمجمدات، وأدوات وأجهزة المطبخ، والساعات والأقلام و الوﻻعات، وبعض الفواكه التي لها بديل محلي، وأغذية الحيوانات اﻷليفة وأدوات السراجة والفروسية، أثار العديد من التكهنات حول أسعار تلك السلع بعد الزيادة خلال الأيام القليلة القادمة.

وفي أغسطس الماضي كشفت وزارة الكهرباء النقاب عن الزيادات المطروحة في شرائح استهلاك الكهرباء، وفق خطتها الراميه إلي إلغاء الدعم تدريجيًا عن الكهرباء بداية من فاتورة إستهلاك شهر أغسطس والتي تم تحصيلها في مطلع سبتمبر الماضي، بعد أن قسمت الوزارة في خطتها التي وافق عليها مجلس الوزراء من قبل، شرائح الإستهلاك إلي 7شرائح خاصة بالإستهلاك المنزلي ترواح فيها الزيادات في الأسعار بين 1.75 جنيه للشرائح الدنيا مرورا ب40 جنيه لذوي الإستهلاك الأقل من المتوسط ثم 90 جنيه للإستهلاك المتوسط، وانتهاءًا بـ 240 جنيه في الشرائح الأعلي إستهلاكًا.

أعقب ذلك في مطلع سبتمبر المنصرم، دخلت الضريبة علي القيمة المضافة بدلا من ضريبة المبيعات حيز التنفيذ بعد سلسلة من الشد والجذب الذي تخلل مناقشات النواب مع ممثلي الحكومة، أسفل قبة مجلس النواب، انتهت بموافقة البرلمان.

وجاء موقف النواب بالموافقة بعد التوصل لإتفاق مع وزارة المالية في الجلسة العامة للبرلمان وافقت خلاله الوزارة على تعديل المادة الثالثة من القانون مع تحديد السعر العام للضريبة عند 13% بدلًا من 14%.

كما جاء متماشيا مع إتجاه الحكومة نحو إبرام إتفاقية مع صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض يقيمة 12 مليار دولار مقسمة علي ثلاث شرائح، بين شروطها إعادة هيكلة السياسة النقدية بما تشمله من تحرير سعر صرف العملة المحلية، وخفض الدعم عن الطاقة، وذذلك

وفي الثالث من نوفمبر الماضي، أصدر البنك المركزي قرارًا مباغتًا بتحرير سعر الصرف وتحديده من خلال آلية "الانتربنك" والسماح للبنوك بفتح فروعها حتى الساعة التاسعة مساءً وأيام العطلة الأسبوعية بغرض تنفيذ عمليات شراء وبيع العملة وصرف حوالات المصريين العاملين فى الخارج. مع رفع أسعار الفائدة.

فلم تكد تمض ساعات قليلة علي واحدًا من الأيام الفارقة في عمر حكومة المهندس شريف إسماعيل إتخذ خلاله بالتنسيق مع محافظ البنك المركزي، حتي تبعه قرار آخر بزيادة أسعار البنزين والسولار وغاز السيارات، بين 35% إلي 50% للأنواع الثلاثة.

وعقب ذلك بأيام معدودة، أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية عن قائمة الأسعار الجديدة للمنتجات البترولية السارية بدءا من الجمعة الماضية ، والتي شهدت زيادة 45 قرشا لكل من بنزين 80 والسولار و90 قرشا لبنزين 92 ونصف جنيه لغاز السيارات وتعديل عدد المترات فى الشرائح الثلاثة لغاز المنازل وزيادتها وفقا للشرائح الجديدة.

وأخيرًا، باغت المصريون قرارًا جمهوري برفع تعريفة الجمارك الخاصة بـ 364 سلعة وصفها القرار بغير الأساسية بنسب تراوحت بين 50-500%، وذلك في محاولة للحد من الضغط علي حصيلة النقد الأجنبي عبر خفض حجم الإستيراد من الخارج.

غير أن زيادة معدلات التضخم والبطالة وعجز الميزانية تحول دون التطلع إلى تحقيق طفرات على مستوى الخدمات الأساسية، حيث سجل العجز الكلي للموازنة العامة نحو 339.5 مليار جنيه خلال عام 2015-2016، مقارنة بما يقرب من 279.4 مليار جنيه خلال العام المالي السابق.

وبلغ الدين العام المحلي حوالي 2.48 تريليون جنيه بنهاية يونيو 2016 مقابل نحو 1.98 تريليون جنيه بنهاية يونيو 2015، بنسبة زيادة قدرها نحو 25% وليشكل نسبة 89.5% من الناتج المحلي والإجمالي.

وفيما يخص التطورات النقدية، شهدت فترة المتابعة تراجع ملحوظ في نقود الاحتياط ونمو المعروض النقدي وارتفاع معدل نمو السيولة المحلية بنهاية يونيو 2016، حيث شهد نقود الاحتياط تراجعًا ملحوظًا بمقدار 7.8 مليار جنيه بنسبة 1.6% بنهاية العام المالي 2015-2016، مقارنة بذات الفترة من العام المالي السابق 2014-2015.

وتتصدر أزمة الدولار، الذي وصل سعر صرفه إلى 10.76 للشراء، مقابل 10.86 للبيع، وفي بعض الأوقات تخطى الدولار حاجز الـ 11 جنيها، رغم محاولات البنك المركزي السيطرة على سعر الصرف بتخفيض قيمة الجنيه، وإغلاق بعض شركات الصرافة، لتلاعبها في أسعار العملة.

غير أن مشكلة الدولار ما زالت قائمة، بما لها من انعكاسات سلبية على رفع أسعار الغذاء والسلع المستوردة.

وبالرغم من إنخفاض معدلات التضخم السنوية إلا أن معدلات التضخم الشهرية شهدت ارتفاعًا، حيث ارتفع معدل التضخم ليصل 14.8% في شهر يونيو 2016 مقارنة بمعدل بلغ 12.9% في شهر مايو 2016 بسبب تطورات سوق الصرف الأجنبي وارتفاع اسعار بعض السلع الغذائية مثل الدواجن والأرز واللحوم و الخضروات والتي لها وزن نسبي مرتفع في سلة السله التي يعتمد عليها عند تقدير الرقم القياسي للأسعار.

من سيدفع فاتورة الإصلاح الاقتصادي في مصر الأغنياء أم الفقراء، سؤال بات يطرح نفسه بقوة علي الساحة بين أوساط الخبراء والمتخصصين الذين أجمعوا فيما بينهم علي خطورة الوضع الإقتصادي الراهن.

من جانبه، أكد الدكتور صلاح فهمي استاذ الإقتصاد بجامعة الأزهر، أن القرارات الإقتصادية الإصلاحية الأخيرة خفضت مستوي معيشة الفرد بما يقرب من 50% عما كانت عليه قبل إتخاذ مثل هذه الإجراءات، لاسيما في أعقاب قرار تعويم الجنيه الذي أنخفضت قيمته بنسبة بلغت 48% في مقابل الدولار.

وأشار الخبير الإقتصادي، في تصريح لـ"الدستور"، إلي أن القرارات المتتابعة الأخيرة تعرف بين أوساط الإقتصاديين بالصدمة الكبري والتي حرصت الحكومة علي اتخاذها بشكل متتالي، مع محاولة امتصاص الغضب الشعبي عن طريق حملات إعلامية تصور لهم أن ما حدث ضروري من أجل تحقيق الإصلاح الإقتصادي.

وشدد علي أن السياسات الحكومية صحيح أنها في صالح الإقتصاد والمجتمع قد تجدي نفعًا مع محتمعات أخري لدي شعوبها مدخرات تمكنهم من تخطي تلك الأزمات الإقتصادية، لكنها لا يصلح تنفيذها بتلك الآلية مع الشعب المصري.

وأوضح أن القرارات الصعبة بدأت مع زيادة اسعار الكهرباء والطاقة ثم الدولار وأخيرا الجمارك و كذلك قرارات نوفمبر التي كانت الأصعب علي الإطلاق، مضيفًا أنه كان من الأفضل أن تأتي تلك الصدمات علي فترات متباعدة مراعاة للبعد الإجتماعي.

ولفت إلي أن حديث المسئولين عن الفقراء وبرامج الرعاية الإجتماعية الخاصة بمحدودي الدخل تفتقر الي الرؤية الحقيقة الواضحة لتعريف من هم الفقراء، ولا يعدو تصريحات الوزراء عن حديث للاستهلاك الإعلامي.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل