المحتوى الرئيسى

سد النهضة.. العربى الإثيوبى | المصري اليوم

12/02 22:24

يجب أن نصارح أنفسنا ونعترف ونعلن أن ذلك السد مثار الأزمة مع إثيوبيا، المعروف بسد النهضة، والذى يهدد حصة مصر التاريخية من مياه النيل، هو سد عربى فى المقام الأول يتم تشييده على الأراضى الإثيوبية، السد يقام بتمويل خليجى منذ بداية إنشائه، وتمويل خليجى- عربى لمشروعاته الزراعية التى سوف تقام بعد ذلك، والتى كان آخرها استثمارات مغربية بقيمة 2.4 مليار دولار، لإنشاء أكبر مصنع للأسمدة فى العالم، بهدف دعم الأراضى الزراعية التى يتم استصلاحها على ضفاف السد.

الطرفان المغربى والإثيوبى وقعا اتفاقاً لإقامة مجمع لإنتاج الأسمدة الزراعية فى مدينة ديرى داوا، وهو أكبر استثمار مغربى بالخارج، من شأنه تحقيق الاكتفاء الذاتى لإثيوبيا بحلول عام ٢٠٢٥، وجاء الإعلان عن المشروع بالتزامن مع الزيارة الأولى من نوعها لملك المغرب محمد السادس إلى أديس أبابا، التى تم خلالها أيضاً توقيع عشرة بروتوكولات أخرى فى مجالات: التجارة والاستثمار والضرائب والزراعة والمياه والرى.

عقب أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ التى شهدتها مصر، وفى ظل ذلك الارتخاء والضياع الذى شهدته البلاد فيما بعد، رأتها إثيوبيا فرصة لبدء العمل فى إنشاء السد المسمى هناك سد الألفية، وكل المعلومات التى وردت فى ذلك الحين أكدت التمويل الخليجى والدعم الفنى الإسرائيلى، إلى أن أصبح المشروع على وشك الانتهاء، جاء البيان الرئاسى الإثيوبى الرسمى بداية هذا العام، ٢٠١١، ليوجه الشكر إلى كل من المملكة السعودية ودولة الإمارات، إضافة إلى إسرائيل، على جهودهم ودعمهم فى إنشاء السد، الذى تم بمباركة سودانية، ثم بذلك الدعم الاستثمارى المغربى الكبير، وربما ما خفى كان أعظم.

فى أعقاب زيارة ملك المغرب إلى إثيوبيا مباشرة، قام رئيس الوزراء الإثيوبى هايلى ماريام دسالين بزيارة إلى المملكة السعودية، استُقبل خلالها استقبالاً حافلاً، لم يعلن رسمياً عن تفاصيل نتائجها، إلا أنه يمكننا التكهن بذلك، إذا علمنا أن السعودية هى المستثمر الأكبر فى إثيوبيا من جهة «أكثر من خمسة مليارات دولار» بخلاف استثمارات أخرى فى الطريق، وأن الزيارة جاءت فى أعقاب توتر العلاقات بين القاهرة والرياض من جهة أخرى، بعد تصويت مصر فى مجلس الأمن الدولى لصالح مشروع قرار روسى بشأن سوريا، لم تقبل به المملكة، فى الوقت الذى كانت ترى فيه أن أى تصويت لمصر فى أىٍّ من المحافل يجب أن يكون تابعاً لرغبتها مادامت تحصل على مساعدات مالية وتسهيلات نفطية، وهو ما لم تقبل به مصر بالتأكيد، مما ترتب عليه وقف المساعدات والتسهيلات فى آن واحد، ناهيك عن الأطماع السعودية فى جزيرتى البحر الأحمر «تيران وصنافير».

الغريب فى الأمر هو دخول المملكة المغربية على خط الداعمين للمخطط الإثيوبى بشأن حرمان مصر من مياه النيل، وذلك فى أعقاب دعوة مصر جبهة البوليساريو فى شهر أكتوبر الماضى للمشاركة بشرم الشيخ فى الاحتفال بمرور ١٥٠ عاماً على إنشاء البرلمان المصرى، وهو ما اعتبرته الرباط تنسيقاً مصرياً- جزائرياً بشأن مواطنى الصحراء الساعين للانفصال بـ(جمهورية الصحراء)، ثم تطور الأمر الشهر الماضى خلال القمة العربية- الأفريقية، التى استضافتها غينيا الاستوائية، عندما رفضت مصر الانسحاب تضامناً مع الموقف المغربى، الذى احتج على مشاركة البوليساريو، وهو الموقف الذى تضامنت فيه سبع دول عربية أخرى مع المغرب، وهى: السعودية والإمارات وقطر والبحرين والأردن واليمن والصومال.

لم يعد خافياً أيضاً أن هناك استثمارات قطرية فى إثيوبيا، حتى وإن كان اسم قطر لم يرد فى بيان الشكر الإثيوبى، كما استثمارات أخرى فى السودان لكل هؤلاء مجتمعين، من شأنها التأثير على القرار السودانى، ليس فيما يتعلق بمياه النيل فقط أو بسد النهضة، وإنما بقضية حلايب وشلاتين، الآخذة فى التفاعل طوال الوقت بين كل من القاهرة والخرطوم، ناهيك عن خطوط الاتصال بين كل هذه الأطراف مع الحركات السياسية والمسلحة فى قطاع غزة، وفى مقدمتها حركة فتح، حيث يعيش القيادى المثير للريبة، محمد دحلان بالإمارات، وحركة حماس حيث يعيش قادة الحركة خالد مشعل وموسى أبومرزوق ومحمد نزال فى قطر، فى أعقاب طردهم من الأردن، وحيث يتردد كل هؤلاء بصفة منتظمة على الرياض والخرطوم فى آن واحد.

السؤال الذى يطرح نفسه بقوة: ماذا تريد دول الخليج من مصر، وبخاصة السعودية والإمارات وقطر.. وكيف وصل الأمر إلى مواقف هى فى حقيقتها حربٌ غير مباشرة، على الرغم من مساعدات العصا والجزرة التى استمرت على مدى خمس سنوات.. وهل يعنى ذلك أن هذه هى مواقفهم بالفعل، أم أنها مواقف بالوكالة لحساب أطراف أخرى أكثر نفوذاً وقوة وتهديداً لمصالحهم.. وهل يمكن أن تكون مصر قد استوعبت الدرس متأخرة، وذلك بلجوئها إلى معسكر آخر يبدأ من روسيا وإيران ويمر بالعراق وسوريا وينتهى بلبنان والجزائر، وربما كان ذلك هو سر النقلة النوعية فى الهجوم على مصر مؤخراً، وذلك باستهداف قواتها المسلحة، من خلال ذلك البرنامج التليفزيونى لقناة الجزيرة، والذى أراه إنتاجاً خليجياً مشتركاً من جهة، وبداية لما هو أعنف فى المستقبل من جهة أخرى؟!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل