المحتوى الرئيسى

وهم إنجازات الطغاة

12/02 16:46

اقرأ أيضا: انحاز الجيش للديمقراطية وعاد لثكناته العلاقة الجدلية بين الصحافة والديمقراطية الشعب "شاور" والرئيس وعد بالتنفيذ تساؤلات حول "القوة السائلة" العربية فقهاء السلطان ....أقدم مهنة فى التاريخ

علي صفحته فى (الفيس بوك)، دون المطرب والملحن الليبي "حميد الشاعري" شهادته بشأن الأحداث الجارية بليبيا ، تطرق فيها لبعض إنجازات "القذافي" التي حققها خلال فترة حكمه التي تجاوزت الاربعين سنة بسنتين،  ومنها " إستهلاك البيوت من الكهرباء والمياه بالمجان، سعر لتر البنزين لم يتجاوز 08, يورو، البنوك لا تعمل بالربا، المواطن لا يدفع أية ضريبة تحت أي مسمى، ليبيا تحتل المرتبة الأخيرة من بين الدول التي عليها ديون، سعر شراء السيارات هو نفس سعر الشراء من المصانع، أي طالب يحصل على شهادة جامعية يصرف له راتب حتى دون عمل، ومن يريد إكمال تعليمه بالخارج تدفع له الحكومة1627 يورو شهرياً، وعند الزواج يحصل على قطعة أرض مجانية أو مسكن ،وكل عائلة ليبية مسجلة تحصل على 300 يورو شهريا".

إذاً الفنان الليبي يريد أن يقول للقارئ: هذه بعض إنجازات "القذافي" ،ويتركه ليقارن أحوال ليبيا المزدهرة بالأمس تحت حكمه،وحالها المتردي اليوم  بعد الخروج عليه وإغتياله ،مما شجع دول الغرب الإستعماري وعملاء الداخل الليبي للترويج لمشروع الفتنة والنهب ،الذي يقسم الدولة الليبية الموحدة لثلاث دويلات صغيرة (واحدة في الغرب وعاصمتها طرابلس والثانية في الشرق وعاصمتها بنغازي والثالثة في الجنوب وعاصمتها فزان).

ولأن الفنان الليبي أغفل- بقصد او بدون- عن إيضاح السبب أو الاسباب التي دفعت الشعب الليبي للخروج على القذافي والمطالبة برحيله عن حكم البلاد والعباد ،برغم كل الإنجازات الغير مسبوقة التي عددها فى تدوينته والسابق بيانها.

لذلك وجب علينا تنشيط ذاكرة الفنان الليبي ومن على شاكلته ،ببعض مآثر الطاغية "القذافي" حين حكم ليبيا مستلهماً (نظرية حكم الطغيان) للفيلسوف اليوناني "أرسطو"- 348- 322 ق.م – بأن حكم البلاد– شأن كل حكامنا العرب حتى لانحسبه وحده -  بالحديد والنار ،وعمل عل إسكات الرأي الأخر ،ونعت المعارضة لنظامه "بالكلاب الضالة" ،وتعقب رموزها في الداخل والمنافي ووراء البحار وقام بتصفيتهم أو تعذيبهم أو إعتقالهم ،ولم يعترف يوماً بالقانون وأحكام الدستور والفصل بين السلطات ،وكانت كراهيته شديدة للديمقراطية وحقوق الإنسان ،متستراً خلف الشرعية الثورية ،وهو الذي حكم البلاد دون سند من الشرعية القانونية والدستورية بعدما إعتلى سدة الحكم بالقوة المسلحة ،وسخر موارد البلاد النفطية لإشباع رغباته وتطلعات أسرته ،وتحقيق طموحاته وإنجازاته الزائفة ،التى ورطت ليبيا بسببها في حروب ومغامرات مكلفة مع دول الجوار،وفي دعم الحركات والمنظمات الإرهابية على إمتداد الكرة الارضية ،ولم يكتفي بذلك بل عمل بدأب على تدمير "روح المواطن" وحوله إلي عبد إستبدل قيم الإخلاص والأمانة والصدق والشجاعة بالكذب والتضليل والتطبيل والتذلل والمداهنة والرياء والنفاق ،حتى يتعود الناس على الخسة والضعة والعيش بدون كرامة ، وأخرس بسيف المعز وذهبه  - حسب الأحوال – كل ا لبارزين من النخبة حتى لا يقارن الشعب بين نبوغهم وجهله وضحالة فكره وثقافته،وأحاط نفسه بطغمة من الفاسدين وأصحاب المصالح الشخصية ،الذين برعوا في مداهنته وتملقه، وتنفيذ رغباته الشريرة من غير نقاش أو معارضة،والتغني بعبقريته ومواهبه المزعومة ،التي لم يكن لها وجود قبل أن يعتلي كرسي الحكم ،وينصب نفسه شخصية غير عادية ،لها من القداسة ما يجعلها بمنأى عن المساءلة والمحاسبة والمراجعة ،وتعالى على شعبه ، وإعتبره مازال قاصراً وفاقداُ الاهليةولا يستطيع أن يحكم نفسه بنفسه ،ومن ثم أعطى لنفسه الحق في أن يوجه الشعب ويعاقبه إذا ما خالف أوامره وتوجيهاته،والأدهى والأمر أن الطاغية المتأله لم يسلم حتى الجيش من شروره ،قام بتفكيكه وحوله إلي كتائب تحمل إسمه ،ليضمن الولاء والإنتماء لشخصه وليس للدولة الوطنية الليبية.

خلاصة القول ….هذه بعض مآثر وسمات حكم (الطغيان الشرقي ) الذي مارسه - وما يزال يمارسه - كل الحكام العرب وبعض  حكام الشرق فى حكم وإستعباد شعوبهم  ،والذى عده الفيلسوف "أرسطو"أسوأ أنواع حكم الطغيان ، لأنه يقتل روح الفرد مما يعد جريمة كبرى تصغر بجانبها أية إنجازات يزعم الطاغية أو أنصاره تحقيقها .

إن الشرق وقد تفرد بحكم الطغيان الشرقى تخلف إقتصادياً وسياسياًعمن سواه من الأمم المتحضرة التي وجدت في الديمقراطية الألية الفعالة – برغم بعض نواقصها -  لحكم الشعوب الحرة ،وأنها تستطيع تصحيح أخطاءها بنفسها ،بالمزيد من الديمقراطية ،لإستحالة وفشل الأخذ بالبديل وهو حكم  الطاغية أو المستبد أو الديكتاتور.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل