المحتوى الرئيسى

كله من دم المريض

12/01 22:07

من يرحم المصريين؟.. الله تعالى أرحم الراحمين، لكننا نتحدث عن البشر، وتحديداً فيما يتصل بموضوع الدواء. منذ قرار تعويم الجنيه غرق الكثير من المرضى فى بر مصر فى محنة كبرى، أساسها ارتفاع أسعار الأدوية، وشح بعضها الآخر. حدثتك فيما سبق عن الحكومة التى اتخذت قرار التعويم ولم تتحسب لنتائجه على الحياة الصحية للمواطنين، وكأنها تريد التخلص منهم!، فمن يتحلل من التزاماته إزاء من يجب عليه رعايتهم يلقى بهم فى طريق الهلاك، نحِّ الحكومة جانباً وانظر إلى حال أطراف أخرى لا تريد أن ترحم مريضاً، يلزمه الدواء لتخفيف ألمه، أو صون حياته.

انظر إلى حال شركات الأدوية التى تريد رفع سعر الدواء، بالشكل الذى يتناغم مع ارتفاع سعر الدولار، العملة الرئيسية التى يستوردون بها بعض الأدوية، والمادة الخام لصناعة بعض الأدوية الأخرى محلياً. هذه الشركات تتنافس مع بعضها البعض بأعلى درجات الشراسة، شأنها فى ذلك شأن العاملين فى أى صناعة، من أجل ترويج وتسويق ما تنتجه من أدوية، تتنافس هذه الشركات فى النسب التى تمنحها للصيدليات لترويج منتجاتها (وكله من دم المريض)، ويلف مندوبوها آناء الليل وأطراف النهار على الأطباء فى كل حدب وصوب، ليعرضوا عليهم منتجات الشركة، تقدم الهدايا والعطايا والعينات والفيتامينات وخلافه (وكله من دم المريض)، لا.. ليس ذلك وفقط، بل تنظم الرحلات لأعزائها الأطباء، داخل وخارج مصر (وكله من دم المريض)، حتى كاد بعض الأطباء يتحولون إلى رحّالة جوالين لحضور مؤتمرات (طبعاً هذه هى اليافطة) داخل وخارج مصر، ويقابل المنافع والمكاسب والفوائد التى يحصل عليها الطبيب التزام من جانبه بتصدير دواء الشركة التى «ظبطته» إلى الروشتات التى يكتبها لمرضاه (وكله من دم المريض). تخيل ما النسبة التى تُحمّلها شركات الأدوية على سعر علبة الدواء حتى تمول هذه الأنشطة، كى تدفع الأطباء إلى تحريك منتجاتها.

ليس كل الأطباء سواء، مؤكد أن كثيراً منهم يتقون الله فى المريض، ويكتبون له «روشتة موضوعية» يراعون فيها حالته والأنسب له من الأدوية، بغض النظر عن الشركة المنتجة لها. يذهب المريض المسكين بروشتة الطبيب الطيب إلى الأجزخانة ليحصل على ما يلزمه. فيسحب الأجزجى صنفاً ثم الثانى، ثم يعتذر له بعدم وجود الثالث الذى كتبه الطبيب، وأن بإمكانه أن يحدد له بديلاً متوافراً لديه (شوف خدوم أد إيه؟!). ليس شرطاً أن يكون الدواء الذى استبدله لك الصيدلى غير موجود أو «شاحح»، ربما كانت مشكلته فقط أنه رخيص الثمن، وكثير من الصيدليات الآن لا تحب العمل فى الأدوية الرخيصة، لأنها تكسب منها ملاليم، وهى تريد حصد أكبر قدر ممكن من الأرباح (وكله من دم المريض)، حتى ولو لجأ بعض معدومى الضمير منهم إلى بيع الأدوية منتهية الصلاحية. بعضهم يفعل ذلك وهو يظن أنه يقدم خدمة للمريض الفقير، لأنه يبيع له بسعر أرخص!.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل