المحتوى الرئيسى

مرة أخرى، علماء ناسا يعثرون على سحابة غير معقولة على تيتان

12/01 13:10

دفع الظهور المحير لسحابة جليدية تبدو خارجة من العدم بعلماء وكالة ناسا إلى اقتراح وجود عملية مغايرة لما كان يعتقد سابقاً-من الممكن أن تكون مشابهة لتلك التي على قطبي الأرض-قد شكلت السحب على القمر تيتان التابع لزحل.

تتألف الغيمة الواقعة في طبقة الستراتوسفير من مركب من الكربون والنتروجين يعرف بثنائي سيانيد الأسيتيلين، وهو مركب في الكوكتيل الكيميائي يعطي الغلاف الجوي للقمر العملاق الألوان الضبابية والبرتقالي المائل إلى البني، وقد رصدت الأداة العاملة بالأشعة تحت الحمراء في المركبة الفضائية فوياجر 1 Voyager 1 التابعة لناسا سحابة جليدية تشبه هذه تماما على تيتان منذ عقود مضت. ما حير العلماء منذ ذلك الحين هو اكتشافهم أقل من 1 % من كمية غاز ثنائي سيانيد الأسيتيلين اللازم لتكاثف السحابة.

وأسفرت أرصاد قامت بها مركبة كاسيني التابعة لناسا مؤخراً عن نفس النتيجة. وعثر الباحثون على سحابة على ارتفاع عالٍ جداً تتألف من نفس المركبات الكيميائية المتجمدة وذلك باستخدام مطياف الأشعة تحت الحمراء المركب في كاسيني أو (Cassini's composite infrared spectrometer) او اختصاراً (CIRS) والذي يمكنه تحديد البصمات الطيفية لعناصر كيميائية منفردة في مائع الغلاف الجوي، ومع ذلك وكما وجد فوياجر-فيما يتعلق بتشكل البخار من هذه الكيماويات، فقد أورد CIRS أن ستراتوسفير تيتان جاف كصحراء.

تقول كاري أندرسون Carrie Anderson، الباحثة المشاركة في CIRS من مركز غودارد للطيران الفضائي التابع لناسا في غرينبيلت، ميريلاند، والمؤلفة الرئيسية للدراسة: "يخالف مظهر هذه السحابة الجليدية كل ما نعرفه عن طرق تشكل الغيوم على تيتان " تنطوي العملية النموذجية لتشكل الغيوم على التكاثف ونحن على دراية بدورة تبخر وتكاثف المياه على الأرض. تحدث نفس الدورة في طبقة التروبوسفير على تيتان وهي الطبقة التي تشكل الطقس في الغلاف الجوي لتيتان –ولكن هنا لدينا الميثان بدلاً من الماء. 

تحدث عملية تكاثف مختلفة في طبقة الستراتوسفير – وهي المنطقة الواقعة أعلى طبقة التروبوسفير- في قطبي تيتان الشمالي والجنوبي الشتويين. في هذه الحالة تتكاثف طبقات السحب وفق نموذج الدوران الأرضي الذي يجبر الغازات الساخنة على الاتجاه نحو الأسفل عند القطب. بعد ذلك تتكاثف الغازات عندما تغور خلال الطبقات الأبرد فالأبرد في الستراتوسفير القطبي.

بأي من هذه الطرق تتشكل سحابة حين تكون درجة حرارة الهواء وضغطه مناسبين لتكاثف البخار إلى جليد. يصل الجليد والبخار إلى نقطة التوازن-توازن تحدده درجة حرارة الهواء وضغطه إذ بسبب هذا التوازن يتمكن العلماء من حساب كمية البخار حيث يوجد الجليد.

يقول روبرت سميليون Robert Samuelson، العالم الفخري في غودارد ومشارك في تأليف الدراسة: "هذا التوازن إلزامي من أجل تكاثف السحب، كقانون الجاذبية" ولكن الأرقام غير ملائمة لتشكل سحابة من ثنائي سيانيد الأسيتيلين. إذ حدد العلماء كمية البخار اللازمة لتشكيل السحابة الجليدية بمائة ضعف كمية البخار هذه على الأقل حيث رّصد أعلى السحابة بواسطة CIRS التابع لكاسيني.

اقترحت إحدى التفسيرات السابقة وجود محتمل للبخار، ولكن أداة فوياجر لم تكن على حساسية كافية في مجال الأطوال الموجية الحرجة المطلوبة لرصده. ولكن حين لم يعثر CIRS على البخار أيضاً، طرحت أندرسون وزملاؤها في غودارد Goddard وكالتيك Caltech تفسيراً مختلفاً كلياً، فبدلاً من تشكل السحابة عبر التكاثف، اعتقدوا أن C4N2 يتشكل بسبب التفاعلات التي تحدث على أنواع أخرى من الجزيئات المتجمدة. يدعو الباحثون ذلك" بكيمياء الحالة الصلبة" لأن التفاعل يتضمن الجليد أو الشكل الصلب من المادة الكيميائية.

كانت الخطوة الأولى في العملية المقترحة لتشكل جزيئات الجليد مؤلفة من المركب الكيميائي ذو الصلة وهو سيانيد الأسيتيلين (HC3N) وحالما تتحرك هذه القطع الصغيرة من الجليد باتجاه الأسفل عبر الغلاف الجوي لتيتان، فإنها تغلف بسيانيد الهيدروجين (HCN). يصبح لجزيئة الجليد في هذه المرحلة نواة وقشرة مؤلفتان من مادتين كيميائيتين مختلفتين.

يحدث أحياناً أن يتسلل فوتون من الأشعة فوق البنفسجية ليشق نفقاً عبر القشرة المتجمدة ويبدأ سلسلة من التفاعلات الكيميائية في الجليد. يمكن أن تبدأ هذه التفاعلات إما في النواة أو على القشرة. وكلا الطريقين يمكن أن ينتج عنهما ثنائي سيانيد الأسيتيلين الجليدي والهيدروجين.

حصل العلماء على فكرة كيمياء الجسم الصلب من تشكل الغيوم المشاركة في استنزاف طبقة الأوزون في الطبقات العليا فوق قطبي الأرض. على الرغم من أن طبقة الستراتوسفير الأرضية ضئيلة الرطوبة ، فإن غيوماً صدفية ناعمة ( وتدعى أيضا بالسحب الستراتوسفيرية القطبية ) يمكن ان تتشكل في ظل ظروف مناسبة. في هذه الغيوم ذات المواد الكيميائية الحاملة للكلور والتي دخلت الغلاف الجوي كعناصر ملوثة لبلورات الجليد المائي، مما ينتج عنه تفاعلات كيميائية تطلق جزيئات الكلور المدمرة لطبقة الأوزون.

تقول أندرسون: "إنه لمن المثير جداً الاعتقاد بأنه يمكن أن نكون قد عثرنا على أمثلة من عمليات تصنف ضمن كيمياء الحالة الصلبة متماثلة في كل من الأرض وتيتان" ويقترح الباحثون أن التفاعلات تحدث على تيتان بداخل جزيئات الجليد التي عزلت من الغلاف الجوي. في تلك الحالة، لن يكون جليد ثنائي سيانيد الأسيتيلين على تماس مباشر مع الغلاف الجوي، مما يفسر عدم وجود الجليد والبخار المتشكلين عند التوازن المتوقع. 

يقول مايكل فلاسار Michael Flasar، باحث CIRS الرئيسي في غودارد :"لا يختلف تركيب الستراتوسفير القطبي لكل من تيتان والأرض بشكل كبير، وإنه لمن المذهل جداً رؤية مدى نجاح الفيزياء الكامنة لكل من الغلافين الجويين في انتاج كيمياء سحب متماثلة."

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل