المحتوى الرئيسى

انضمّ للإرهاب... فخسر الماضي والحاضر

11/29 18:06

لم يولد أبو مسعود، 63 عاماً، إرهابيا وليس من طبعه الاعتداء على الآخر، لكن الظروف القاسية ساقته “إلى الجحيم ورزمة الذنوب التي ستثقل كاهلي إلى النهاية”، يقول الرجل بعدما عاد إلى الحياة المدنية مستفيدا من قانون العفو ضمن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية بالجزائر.

حياة أبو مسعود بقيت رهينة مرّين: البطالة والإرهاب. والآن كل ما يتمناه “ألا يتكرر مع الشباب ما جرى أيامنا”. ماضي هذا الرجل لم ينفصل عن حاضره، لكنه ما زال يجد صعوبة في الحديث عن الأيام الغابرة حيث “تذكرني أين انساقت رجلي”.

يتنهد ثم يعود ويقول “هم العدو فاحذرهم”، في إشارة إلى الجماعات الإرهابية التي “تدعي النصح للعامة وتعمد لقتل كل من يعترض مقاصدها”.

يروي الرجل لموقع (إرفع صوتك) أنّه ينحدر من إحدى مداشر محافظة البليدة غرب العاصمة الجزائرية، وأنه انضم لصفوف الجيش الإسلامي للإنقاذ، الجناح المسلح لحزب الجبهة الاسلامية للإنقاذ التي حلّها النظام سنة 1992.

كان موظفاً في إحدى الشركات العمومية، يعيل أسرته المكونة من أربعة أطفال وزوجته التي توفيت مؤخرا، قبل أن يفصل إثر إضرابه عن العمل استجابة لنداء جبهة الإنقاذ التي كان ينتمي لها خلال شهر مايو/أيار 1991.

“بعدها بدأت معاناتي”، يقول أبو مسعود عن المرحلة التي أعقبت فصله عن العمل.

خلال الأشهر التي تلت إبعاده، زادت حدّة كراهية الرجل لوطنه والنظام الذي كان قائما فصمم الالتحاق بالجبل رفقة الجماعة المسلحة بداية سنة 1993.

“عشت أياما سوداء بُعيدَ فصلي، لا تقل مرارة عن الأيام التي قضيتها في الجبال إرهابيا وأنا أتخفى وراء حجة الجهاد”، يقولها الرجل ويداه ترتعشان، ثم يضيف “لم يكمل أطفالي الدراسة وبناتي لم يتقدم إليهن أحد لأن الأب إرهابي”.

بعد استفادته من قانون الوئام المدني الذي أقرته السلطات بالبلاد، قرر أبو مسعود العودة إلى حياته الطبيعية، لكنه اصطدم بالبطالة وانعدام فرص العمل نظرا لماضيه.

يقول الرجل إنه كان يأمل فعلا أن يستفيد من صفح المجتمع كما أقرته بنود القوانين لكنه اصطدم بواقع مرير، حيث لم يعد يقدر على توفير القوت لنفسه ناهيك عن أسرته.

“كنت أفضل أن أموت في الجبل على العيش في هكذا وضعية”، يقول ثم يضيف ممسكاً بيد مراسل (إرفع صوتك) في الجزائر “يا ليتها كانت القاضية”، مبدياً تفضيله الموت على حياة البطالة وسداد الأفق.

قرر الرجل الابتعاد عن البليدة، علّه يجد عملا، هاربا من الماضي الذي أضحى مطاردا له رغم توبته، لكن تقدمه في السن لم يخدمه إضافة إلى عدم امتلاكه لشهادة سوابق عدلية  تثبت حسن سيرته، وهو ما زاد وضعه تأزما.

 لم أعد أحظى باحترام أبنائي، لقد انتظروني سنين لأعود فارغ اليدين وملطخ السيرة”، يقولها وهو يذرف دموع الأسى والندم على ما أقدم عليه خلال شبابه.

قرر الرجل “معاودة الجبل” لجني بعض الحشائش التي تستعملها نساء منطقة القبائل في الطهي ليبيعها في السوق كل صباح. “لا بد من فرصة ثانية”.

ويؤكد أبو مسعود أن أغلب زملائه في العمل خرجوا للتقاعد وهم اليوم مرتاحون بين أبنائهم فمنهم من حج بيت الله الحرام ومنهم من اعتمر والكثير منهم زوّج أبناءه “إلا أنا..”، يتحسر الرجل.

يخرج الرجل فجر كل يوم ليصعد جبال جرجرة ببجاية ويعود بما جناه للسوق ليبيعه للمارة. يعرض بضاعته ساكتا مطأطأ الراس مخافة أن يتعرف عليه أحد.

“لا أستطيع الصياح لبيع بضاعتي لأنني لا أتقن الأمازيغية كما أنني أتحاشى النظر للمتسوقين. أخاف أن يعرفني أحد فيضيع الرغيف الذي بيدي”.

ويختم الرجل حديثه بالنصح للشباب العربي بالابتعاد عن التنظيمات المتطرّفة “التي لا تجني من ورائها إلا الضياع”.

*الصورة: “كنت أفضل أن أموت في الجبل على العيش في هكذا وضعية”/وكالة الصخافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

أطلقت حملة “إرفع صوتك” بهدف تشجيع الشباب في الشرق الأوسط على أن يكونوا جزءاً من النقاش الدائر حول مواضيع التطرف والأسباب التي أدت الى ظهور الإرهاب. ففي وقتٍ تستمر وسائلُ إعلامٍ مختلفة بعكس اهتمامات ومصالح سياسية وإثنية معينة، أوجدت فروع شبكة الشرق الأوسط للإرسال (قناة “الحرة” وراديو “سوا” والقسم الرقمي للشبكة) لنفسها مصداقية مهنية مهمة وسط أجواء الانحياز التي تعمل فيها وسائل إعلام مختلفة، وذلك بتقديم الأخبار والمعلومات الدقيقة والموزونة.

بغداد – بقلم دعاء يوسف: لم يكن حيدر كاظم، 23 عاماً ,ويسكن في بغداد، يعتقد ولو...المزيد

صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي: لم تفقد أسرة الشاب اليمني علي سالم أبو بكر حتى الآن الأمل...المزيد

إعداد حسن عبّاس: حققت النساء مكاسب هامة  في الاقتصاد العالمي. فهن اليوم يدرن ثلث الشركات...المزيد

مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف: لديها من الأبناء خمسة (بنت وأربعة أولاد) تخرج منهم ثلاثة...المزيد

بقلم فلاح المشعل: * صفحات من تفاصيل الجريمة. استطاع تنظيم داعش إحداث كارثة كونية لم...المزيد

بغداد – بقلم دعاء يوسف: في ثلاثة مخيمات للنازحين بوسط وأطراف مدينة سامراء، قامت المتطوعة إيمان...المزيد

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل