المحتوى الرئيسى

الجدل بين الشعر والرواية يتجدد ..وشمس الدين: الشعر فى عرسه حولوه لخادم !

11/27 22:59

“أننا نعيش فى عالم لا شعر فيه ، أعني أن القيم التى تسود قيم لا شعرية ، والكلمة العليا فيه للمادة لا للروح “بدر شاكر السياب  .

” الشعر هو الحدث الغامض وذلك الحنين الذى لا يفسر  ” محمود درويش  .

بتلك الكلمات بدأ الناقد التونسي د.عبد السلام المسدي حديثه فى ملتقي القاهرة الدولي للشعر العربي ، متسائلا “هل يكون زمن الشعر قد ولى؟ ”  ، هذا السؤال الخفى الذى يطرحه عنوان الملتقي  “ضرورة الشعر”  ، متسائلا من يستطيع أن يقصى الشعر  ؟ ، وكانت الإجابة هى الرواية ،ذلك الجدل الثقافي بين الشعر والرواية ، الذي لعبت فيه جائزة نوبل دورا ،  فرغم أن كان لها الفضل فى الاعتراف العالمي بالإبداع العربي ، ولكنها أربكت المعايير العربية .

وتصاعدت نبرة تزعم بأن الرواية أطاحت بفن العربية الأكبر ” الشعر ”  ، وقال نجيب محفوظ أن القصة هي “شعر الدنيا الحديثة ” ،و أن القصيدة فقدت شاعريتها والتقطت الرواية هذه الشاعرية  ، وظهر مانشيت “ثورة الرواية ضد امبريالية الشعر ” ،  وقال الناقد د. جابر عصفور صاحب مقال “زمن الرواية”  أن الرواية صوت الطبقة الوسطي ،  والشعر صوت الطبقة العليا .

وأشار المسدي إلى أن الشعر العربي يجر أحمال الماضي المثقلة بالمسلمات وعلى رأسها المدح  ، أما الرواية فتنأى بصاحبها عن عتبات السلطان ، ومع تغير المشهد الثقافى وحتمية القيام بمراجعات جذرية فى الإبداع الشعري ، تمت الإطاحة بقوالب الشعر التاريخي لإعلاء الشعر ذاته ، والإجهاز على المدح لتستقر مسلمات جديدة تنفعل مع الوجودية ، ولكن الشاعر يظل متمردا على المسلمات والقناعات الجاهزة ، فإن لم يكن الشاعر متمردا ، انتفت عنه صفة الشعر .

وأكد المسدي أن الأزمة الشعرية لن تحل سوي بالنقد ،  و آليات الفكر النقدي  ، لافتا أن لولا الشعر لكان حقل اللسانيات أول المصابين باليتم المعرفي .

وعلق د. جابر عصفور :  القول أننا نعيش زمن الرواية لا يعنى التقليل من الشعر ، فالشعر هو الحياة وهو باقى وضرورة من ضروريات الحياة .

ورأى عصفور أن الذي يجعل الرواية تتصدر المشهد الأدبي، مجموعة من الظروف السياسة والاقتصادية والاجتماعية، موضحًا أن ازدهار الديمقراطية في أثينا، أدى إلى ازدهار فن المسرح، و في القرن التاسع عشر في أوروبا صاحب نهوض الطبقة البرجوازية ، بزوغ فن الرواية.

وفي مصر بعد الاستقلال، اتسعت المدينة واكتمل تأسيس الطبقة الوسطى المصرية، وكان لابد أن تصنع فنونها ، فبزغ فن الرواية على الساحة آنذاك، فقد قال نجيب محفوظ للعقاد، إننا نعيش في عصر الصناعة، وهذا العصر يلتزم بالحقائق، لذلك هذا الزمن يحتاج إلى شعرية خاصة وكانت هي شعرية القص .

كما أن ما يجعله هذا العصر زمن الرواية ، هو رواجها ، فبرغم أن المبيعات وعدد الطبعات عادة ما تكون “تدليس” من دور النشر لتحقيق الرواج  ، ولكن هناك إحصائيات تقول أن رواية ” شفرة دافينشى ” وصلت مبيعاتها لـ 50 مليون نسخة ، ورواية “ألف درجة من درجات الأزرق ” باعت 30 مليون نسخة  .

فيما قال د. محمد عبد المطلب، إن الدكتور جابر عصفور عندما كتب مقالًا بعنوان “زمن الرواية”، كتب ردًا على مقاله بأن رواج نوع معين من الأدب لا ينفي أو يلغي ألوان الأدب الأخرى، فالرواية تصور لك العالم كله، بوقائعه وأحاديثه، والشعر يجسد الأحاسيس والمشاعر الإنسانية.

وأضاف أن مبيعات  الرواية عادة ما تكون “أكاذيب” من دور النشر لتحقيق الرواج ، لافتاً إلى أن الديوان الواحد الذى كان يصدره الشاعر الراحل نزار قبانى، كان بيبع أكثر من 2 مليون نسخة .

وقال الشاعر اللبناني الكبير محمد على شمس الدين ، أن فى عصر الثلاثى الفلسفى اليونانى أرسطو سقراط افلاطون ، كان هناك نظرة فلسفية للشعر ، وضعت الشعر والرسم فى أسفل السلم ، مؤكدا أن المشكلة ليس في منافسة الرواية للشعر  ، فالرواية فن سردى رائع يحتوى الحياة ، وهذا لا يمس الشعر ، فالتعبير بالرواية يختلف عن التعبير بالشعر الذى يمس النبض الإنساني ، وهذا نلمسه فى مقولة صلاح عبد الصبور  “كيف أجن ؟ كي ألمس نبض الكون المختل” .

Comments

عاجل