المحتوى الرئيسى

الى الشعب المصري.. خذلتم الثورة فعاقبتْكم

11/26 16:24

يُصاب عقلي بشللٍ حاد كلما تذكرت أننا سُيّرنا كالقطيع وسط غوغاء إعلام أسود هدام يؤجج نيران الغضب والشماتة والاحتقان بين أبناء الشعب المصري، ويحرِّض على الدموية، من منطلق تسيير الأمور إلى مُستقر أهدافه؛ لتصب جميع الأحداث في حقبة مصالحه، ونحن لم نتوقف للحظات لُنعطي عقلنا هُنَيْهَةً صغيرة جداً من الوقت ليعيد التفكير، وأنا أثق في قراره أنه سيكون صائباً وسيتراجع على الفور، وينحرف عن هذا الطريق المُظلم، ويعود إلى رشده، ويتذكر ثمانية عشر يوماً سطرت بحروف من ذهب في صحف التاريخ.

أنت غاضبٌ ممن يقودون التيارات الإسلامية، وأنت أيضاً غاضبٌ ممن يقودون

التيارات الليبرالية، وهناك من يسُب علناً وهناك من يشتم، ولكن ما النهاية إذاً؟ أليس مصيركم اليوم واحداً؟!

هل أُغلقت الزنازين على واحد منكم دون الآخر؟ أم أُغلقت عليكما الاثنين معاً؟

يا شعب مصر.. أليس هذا الإعلام الذي يحرضكم على أبناء ثورة يناير/كانون الثاني المجيدة اليوم هو نفسه الإعلام الذي كان يمجدهم عقب ثورة يناير؟ وهؤلاء هم نفس الأبواق الإعلامية التي أطلقت عليهم عبارات مدح مدوية أشهرها "الورد اللي فتَّح في جناين مصر" بالماضي القريب؟ فلماذا لا تسألون أنفسكم لمصلحة مَن كل هذا التلون والتغيير الجذري في المواقف؟ ولماذا ما زلتم تصدقونهم وتسيرون على الطرق التي يرسمونها لكم؟

وللقوى السياسية جميعاً دون استثناء.. لن يكون لكم وجود على أرض وطنكم وسط شعبكم إلا حينما تفعلوا أنتم ما تقولون للناس، أنتم تطالبون بالحرية والتعددية والحوار وترفضون الخضوع بالقوة والفكر الأحادي والسلطة المطلقة، وتمارسونها في نفس الوقت في تناقض فج ومزعج.

أليس كل ما حدث في مصر على مدار ثلاثة أعوام ماضية من ظلم وقهر وقمع واحتكار للسلطة كفيل بأن يجعلكم تتراجعون خطوات قليلة للخلف وتعودون لطاولة الحوار؟

ألا يستحق منكم الشعب الذي وثق بكم ولبَّى نداءكم أكثر من مرة أن تعقدوا جمعية وطنية للقوى السياسية تضم كافة القوى والتوجهات وتخرجوا له بحل من هذه الأزمة؟ ولمَ لا؟! لأنكم مختلفون في الفكر، وما الإشكالية في ذلك؟ فجميع البشر مختلفون في الأفكار والأهداف، ولكن في النهاية لا نختلف أبداً على أننا جميعاً تجمعنا حدود وطن.

أتجمعنا ميادين وعزة وكرامة وحرية وعدالة وتضحية، وتفرقنا مقاعد سلطة ظاهرها حق وباطنها فجوات وخلاف؟ وضعت الجميع في دائرة خلاف صفرية زمنية عادت بنا إلى الحياة البدائية؛ حيث صار أصحاب السلطة في وطننا يدهسون المستضعفين من المحكومين، وخلقت مناخاً سياسياً واقتصادياً ملتهباً، فلا يمكن فصل السياسة عن الاقتصاد، والحديث عن واحدة منهما دون الأخرى فهما حزمة واحدة.

إذا كنتم تريدون الخير لمصر كما تقولون، عودوا لمصر التي نعرفها، مصر التاريخ والحضارة، والفكر والعلم والفن والثقافة، والكرامة والعدل والتنمية والإعمار، فمصر تمثل كل ما سبق وأكثر، ولا يمثلها أحد سوى شعبها، مصر ليست مصر السلطة، وليست مصر الأشخاص، وإنما هي مصر الثورة؛ الثورة التي خذلتموها فعاقبتكم.

عودتكم باتت أمراً حتمياً يحتاج إلى أيادٍ صلبة وعزم على الاعتراف بالأخطاء وتصحيحها، عبر مشروع سياسي محلي منضبط، بمشاركة الجميع، يحتوي على ضمانات حية لحل أي خلافات بينكم حالية ومستقبلية، ويضمن للجميع حق امتلاك القرار وصناعته، وتقسيم جوهر العدالة الانتقالية بالتساوي على الجميع، وكذلك إعلاء فكرة هوية الأخوة في الوطن فوق جميع الأهداف السياسية والحزبية، والتمسك بأرض يناير المجيدة المشتركة كمرجعية ثابتة لأي ميثاق سياسي يتم طرحه للاتفاق عليه دون تلوّن أو التواء، وحصر أهداف يناير في زوايا حزبية ضيقة لا تسع الجميع.

لا عقل ولا منطق أبداً يبرر لكم اختزال أهداف يناير الإنسانية والمستحقة في حزمة أهداف سياسية زائلة، وتشعلون صراعاً على السلطة وتتغاضون عن حلم شعب بالتغيير، وتتعالى أصواتكم بالسب والتخوين، ولا تتعالى بصوت الحق والعدل.

أنسيتم شهداء يناير الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل كرامتكم وحرياتكم؟ هل نسيتم خالد سعيد والشيخ عماد عفت ومينا دانيال وغيرهم الكثيرين ممن ضحوا بدمائهم وأرواحهم ثمناً لتلك الكرامة والحرية؟!

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل