المحتوى الرئيسى

بكى على رحيلهما كالأطفال.. اثنان صنعا نجومية «توفيق الدقن»

11/26 11:26

"شرير.. لكن ظريف"، هكذا حرص أن يكون الراحل توفيق الدقن في معظم أدوار الشر التي كانت تحاصره من المخرجين؛ حتى لا يكرهه المشاهد من أسلوب الشر الفج، ورغم ذلك عانى الفنان الراحل من تبعات أدوار الشر في سينما الخمسينيات والستينيات، حيث كان يعتقد الناس أنه شرير ولص في الحقيقة كما يظهر في الأفلام، ولم يكونوا قادرين على تمييز التمثيل من الواقع، نظرًا لتأثير السينما البالغ على المشاهدين آنذاك، فكانت تلاحقه نظرات الاحتقار والاشمئزاز من الجمهور في الشارع، لدرجة أن أحد الجزارين صرخ في وجه "الدقن" أثناء شراء اللحمة منه، وقال له: "مش هبيعلك لحمة".

لم يكن التمثيل ضمن حساباته، لكن الصدفة غيرت مسار حياته، من شاب ملتزم يهوى الرياضة، إلى ممثل مسرحي من طراز رفيع، حيث كان عضوًا في جمعية الشبان المسلمين بالمنيا، وكانت تنظم ذات يوم حفلًا فنيًا ومسرحية، إلا أن أحد أبطال العرض تغيب عنه لظروف مرضية، وأثناء بحثهم عن شخص يؤدي الدور، مرّ الدقن من أمام الفنانة "روحية خالد" لتصر على أن يقوم هو بهذا الدور، ومن حينها تعلق بالتمثيل وبدأت رحلته من خشبة المسرح، مرورًا بالسينما والتلفزيون.

التحق توفيق بمعهد التمثيل دون أن يخبر والده، خوفًا منه ولرغبته في أن يصبح رجلَا أزهريًا مثله، إلا أن والدته كانت على علم بدخوله المعهد، وسمحت له باقتحام مجال التمثيل، شرط أن يكون مثل الفنان محمود المليجي، وظلت ترسل الأموال له في أرغفة الخبز، إلى أن تخرج ضمن طلاب الدفعة الثانية في معهد التمثيل، وبدأ العمل كممثل مسرحي، ثم تم تعيينه موظفًا في المسرح القومي.

كان يتمنى الدقن أن تعيش والدته معه سنوات النجاح والنجومية، التي ساهمت هي في صناعتها،  لكن شاء القدر ألا تشهد منها سوى 3 أو 4 سنوات، لترحل فيتأثر الفنان بوفاتها؛ لأنها كانت تلعب دورًا مهمًا في حياته، وهنا يقول نجله "ماضي" في حوار صحفي: "تحكي لي أمي أن عند وفاة جدتي أخذ يجأر بالبكاء في الشوارع غير مصدق".

الغريب أن في يوم وفاتها أصر الدقن على المشاركة في عرض مسرحية "الفرافير"، لشدة إحساسه بالمسؤولية، ورفض إلغاء العرض، حيث دفن جثمان والدته صباحًا ثم توجه إلى المسرح القومي، وأدى دوره بثبات انفعالي لا يتحلى به غير المحترفين، وفي ختام المسرحية، توجهت إدارة المسرح بالشكر والعزاء له، وفي هذه اللحظة بكى بشدة، وكانت هذه المرة من القلائق التي يبكي فيها توفيق الدقن أمام الناس.

كان الفنان محمود المليجي بمثابة القدوة لتوفيق الدقن، حيث حرص الأخير على تنفيذ وصية والدته، التي بموجبها سمحت له باقتحام هذا المجال، وهو أن يكون مثل محمود المليجي، ولعل ذلك ما دفع "الدقن" للارتباك أمام الفنان الكبير في مشهد بفيلم "أموال اليتامى"، وكان ذلك في بداية علاقته بالسينما.

وقف "الدقن" أمام أستاذه لكنه أخذ يتلعثم ويعيد المشهد أكثر من مرة، وحين سأله محمود المليجي عن السبب في غرفته قال: "سبب ارتباكي أمامك هو أنتَ"، متابعًا حديثه له: "يا أستاذ محمود،لازم تعرف إن والدتي هي اللي وقفت جنبي حتى أعمل بالتمثيل، والدي كان عايزني أكون أزهري مثله، لكن والدتي ساعدتني، وكان لها شرط وحيد عشان تدعمني وهو إني أكون زيك"، فرد عليه المليجي ضاحكًا: "يا رجل اعتبر نفسك محمود المليجي نفسه"، ومن يومها نشأت علاقة صداقة بينهما، وكان يتعمد المليجي تحويل أنظار المخرجين له، فحينما يعرض عليه أدوار كان يقول لهم: "روحوا لتوفيق الدقن أنا مش فاضي"، وفق ما ذكره نجله "ماضي" في حوار مع مجلة أكتوبر.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل