المحتوى الرئيسى

العساكر ليسوا عبيدا!

11/25 21:35

ربما يكون من قبيل المصادفة، ان يتزامن الاعلان عن الفيلم الوثائقى «العساكر.. حكايات التجنيد الإجبارى فى مصر»، الذى ستعرضه قناة الجزيرة القطرية، غدا الأحد، وبين ما ذكرته صحيفة السفير اللبنانية، عن ان 18 طيارا مصريا وصلوا بالفعل إلى قاعدة حماة الجوية فى سوريا، وبين الهجوم الارهابى الذى استهدف كمينا للجيش فى سيناء مساء أمس الأول، واسفر عن استشهاد 8 جنود على الأقل.

لكن المؤكد ان هناك رابطا مشتركا بينهم، وهو استهداف واضح وتحرش صريح بالجيش المصرى، الذى ظل باقيا وصامدا رغم العواصف الهائلة التى مرت على المنطقة خلال السنوات الماضية، وأدت بالفعل إلى «كسر شوكة» جيوش عربية مهمة واخراجها نهائيا من الخدمة ومعادلة القوة فى الاقليم، وتحويلها إلى ميليشيات متنافرة تحارب من أجل المذهب.. وتقاتل لصالح الطائفة.

فالفيلم – وفقا لبعض المواقع التى اطلعت على نسخة منه، وهى بالتأكيد مواقع إخوانية ــ يزعم ان المجندين فى الجيش المصرى، يواجهون ظروفا حياتية غير طبيعية ويعانون من المعاملة السيئة والقسوة والاستغلال، ويتعرضون إلى ضغط نفسى رهيب، وبالتالى فان الرسالة التى يريد ايصالها فى النهاية، تتمثل فى تحريض الشباب المصرى على الهروب من اداء الخدمة العسكرية الالزامية، أو غرس بذور الكراهية لهذه المؤسسة الوطنية فى نفوسه قبل انضمامه اليها رسميا.

أما بالنسبة لخبر «السفير» الذى نفته مصادر عسكرية مصرية، فان المقصود منه الايحاء بان القوات المسلحة المصرية قررت التورط فى الحرب الدائرة على الاراضى السورية منذ خمس سنوات دعما للرئيس بشار الأسد، وهو ايحاء يخالف الثوابت والمواقف التى تعلنها القاهرة باستمرار، وأهمها عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية، أو الوقوف مع طرف ضد آخر فى أى صراع داخلى، وتمسكها بالحل السلمى للازمات.

ولو ان الجيش المصرى، من تلك النوعية من الجيوش التى تهوى المغامرات العسكرية، أو تعتبر نفسها «بندقية للايجار»، تمنح خدماتها لمن يدفع اكثر، لكان قد انخرط منذ فترة طويلة فى الحرب التى تشنها السعودية فى اليمن، لكنه رفض الانسياق وراء تلك المغامرة التى خلفت دماء كثيرة ودمارا هائلا، وهو ما ساهم مع غيره من العوامل الأخرى فى حدوث حالة من الفتور والتوتر المكتوم بين القاهرة والرياض.

المحصلة ان هناك حربا شرسة تستهدف الجيش المصرى، سواء فى سيناء حيث تتواجد جماعات الارهاب، أو على جبهة الإعلام ومحاولة استدراجه لمغامرات عسكرية مدمرة.. هذه الحرب الواضحة للعيان لها اسبابها الكثيرة، اهمها انحيازه الواضح لمطلب الشعب فى 30 يونيو، وتدخله المباشر لاسقاط حكم جماعة الإخوان، وبالتالى فان هذا الفيلم الذى تعرضه «الجزيرة»، ليس سوى حلقة جديدة من مسلسل الهجوم الاعلامى المنظم، الذى يستهدف تقويض الثقة فى القوات المسلحة المصرية، وضرب علاقتها بالشعب الذى يعتبر الحاضنة الطبيعية لها.

ومما لاشك فيه، ان الرد على ذلك الفيلم، الذى يعد تجاوزا لكل الخطوط الحمراء، وتدخلا سافرا فى الشئون الداخلية لمصر وتحريضا مباشرا ضد جيشها الوطنى، لا يجب ان يكون بهجوم اعلامى مضاد، تستخدم فيه الشتائم الرخيصة والمبتذلة ضد الشعب القطرى الشقيق، وانما باجراء دبلوماسى واضح ضد الدولة القطرية، يشعرها بالخطأ الجسيم الذى ارتكبته القناة التابعة لها فى حق جيش مصر.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل