المحتوى الرئيسى

البرلمان الأوروبي يعاقب تركيا عبثاً: ورقة التين تسقط عن صفقة اللاجئين

11/25 01:17

كشف البرلمان الأوروبي ورقة التوت التي تُغطي الانخراط التركي ـ الأوروبي، لتبدو صفقة اللاجئين بمثابة جريمةٍ كاملة الأركان، مُعلنة الآن، تدوم بتواطؤ بين الجانبين كل منهما لمصالحه. البرلمان كان أطلق انتقادات سابقة، لكنه انتهج ضبط النفس تحت ضغط الحاجة السياسية الماسّة. هذا النهج تمّ خرقه أخيراً أمس، عبر قرار النواب الأوروبيين الدعوة لتجميد مُفاوضات انضمام تركيا إلى التكتّل حتى تتوقّف عن حملتها القمعية الداخلية.

القرار بمثابة دعوة مُوجّهة للحكومات الأوروبية لتتّخذ هذه الخطوة، لكن الأخيرة بعثت برسائلها مسبقاً: لن نقوم بهذه الخطوة، لا يُمكننا ذلك على الرغم من معرفتنا بفداحة الوضع، لأن لا بديل لدينا إذا ردّت تركيا بفتح بوابتها أمام تدفّقات اللاجئين. هكذا يكون القرار بمثابة توصية سياسية، غير مُلزمة، لكن أهميته تأتي في أنه نفى تماماً وجود أي أساس شرعي للاتفاق القائم بين تركيا والأوروبيين حول قضية اللاجئين.

موقف البرلمان جاء عبر قرار اتّخذه بغالبية كبيرة، خلال جلسته المُنعقدة في ستراسبورغ. دعا القرار إلى «تجميد مؤقت» لمفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد، مديناً بشدّة «الاجراءات القمعية المُفرطة» لكونها «تنتهك الحقوق والحريات الأساسية التي يحميها الدستور التركي» بحدّ ذاته. البرلمان تعهّد بمراجعة موقفه هذا، حينما يتمّ رفّ «الاجراءات القمعية» المفروضة في ظلّ حالة الطوارئ، منذ محاولة الانقلاب في تركيا خلال أيلول الماضي.

قرار البرلمان يعبّر عن النبض السياسي في الاتحاد الأوروبي، بما يعني أيضاً مواقف البرلمانات الوطنية في الدول الأوروبية، لكونه جاء مدعوماً من الكتل الرئيسية التي تُمثّل الأحزاب الحاكمة في دول التكتّل. صوّت لصالحه 479 في مُقابل مُعارضة 37 نائباً فقط، مع امتناع 107 نواب عن التصويت.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استبق التصويت، معتبراً، قبل أيام، أن القرار المُرتقب «ليس له أهمية بالنسبة لنا». وزيره للشؤون الأوروبية عمر جيليك سارع أمس لتكرار الرسالة، معتبراً أن القرار «باطل» كما «لا يُمكن أخذه على محمل الجد».

على الرغم من الأهمية الرمزية للقرار، بما يعكسه من مُعارضة داخلية في الدول الأوروبية لمواصلة مُسايرة أنقرة، لا يُمكنه أن يفرض تعليق المفاوضات سواء مؤقتاً أم بشكل كامل. قرار التعليق أو التجميد ممكن عبر توصية من المفوضية الأوروبية، سواء بمبادرتها الذاتية أم بدعوة من ثلث دول الاتحاد الأوروبية، في حال وجود «انتهاك خطير ومستمر» للمبادئ الديموقراطية والحقوق الأساسية.

هذا الانتهاك ثابت، وفق ما قالت غالبية كبيرة لبرلمان الاتحاد، ما يعني أن تركيا لا تشكّل بقعة أمان لمواطنيها. عشرات الآلاف بين الاعتقال والفصل من الوظائف، كما أن الحملة المتواصلة لم توفّر الصحافيين والمؤسسات الاعلامية. ينقض هذا القرار الأساس الذي بُنيت عليه صفقة اللاجئين بين تركيا والأوروبيين، حينما تمّ إجازة إعادة اللاجئين باعتبار أن تركيا تشكل بلداً آمناً ليتمّ ترحيلهم إليه من اليونان.

لكن الدول الأوروبية ليست مُتحمسّة أبداً لأي خطوة عملية ضدّ أنقرة. هولندا وفرنسا والمانيا تنتظر انتخابات حاسمة العام المُقبل، وسط مخاوف كبيرة من تأجّج الدعم لليمين المُتطرّف في حال قرّرت تركيا، أو ردّت، بإعادة فتح بوابتها أمام تدفّقات اللاجئين.

حينما جرى نقاش الوضع في تركيا يوم الثلاثاء، تحت قبة البرلمان، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إن «أفضل طريقة» للتعامل مع أنقرة هي «إبقاء القنوات مفتوحة» معها، معتبرة أنه «إذا انتهت المفاوضات سنكون في وضع الطرفان فيه خاسران». سلّة الخسارات عامرة برأيها: قضية اللاجئين، سوريا ومُستقبلها، مُفاوضات توحيد قبرص المقسّمة بين تركية ويونانية.

لذلك نقلت موغيريني موقفاً واضحاً بأن لا تعليق للمفاوضات، إلا في حالة واحدة هي إعادة تركيا لعقوبة الإعدام. هذا الأمر اعتبره البرلمان الأوروبي أيضاً خطّاً أحمر، حينما قال إن دعوته لتجميد المُفاوضات لا تتناقض مع تشديده على أن تركيا تبقى في مضمار الشراكة «الهامّة» مع أوروبا. تلك القناعة تتحدّاها أنقرة، رغبةً في الإغاظة أو التلويح ببديل، حينما تُعلن قيادتها الرغبة في الالتحاق بـ «منظمة شنغهاي»، التي تقودها الصين وروسيا.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل