المحتوى الرئيسى

حوار| الطبيب أحمد سعيد بعد العفو: تلقيت عروض عمل بمستشفيات أجنبية وأنا بالسجن

11/24 20:57

** رئيس المباحث بالسجن قال لى: إزاى واحد زيك يكون هنا؟"

** لم أرتكب جريمة أستحق عليها السجن.. وهناك الكثير من المظاليم فى "العقرب"

لم يتوقع أن يلقى تكريمًا وحفاوة من ألمانيا على نبوغه الطبى ويعاقب بالسجن لمدة عامين فى وطنه.. نادى كثيرًا بالإفراج عن المعتقلين وإحياء ذكرى الشهداء إيمانًا بحقهم فى تخليد ذكراهم.. لم يمنعه سفره بالخارج للعمل فى كبرى المستشفيات الألمانية من مشاركة زملائه وأصدقائه فى إحياء ذكرى محمد محمود، إنه الدكتور أحمد محمد سعيد، الطبيب المتخصص فى مجال جراحة الأوعية الدموية، الذى صدر له مؤخرًا قرار بالعفو الرئاسى عنه من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسى ضمن 83 اسمًا.

«التحرير» التقت الدكتور أحمد سعيد، للتعرف على موقفه من قرار العفو عنه، وملابسات القبض عليه، وموقفه من السجن لمدة عامين وغيرها من الأمور.. وإلى نص الحوار.

** بداية.. هل كنت متوقعًا صدور قرار بالعفو الرئاسى عنك؟

.. لا على الإطلاق، لم أكن متوقعا قرار العفو، وفوجئت بصدور هذا القرار، لأننى طوال الفترة الماضية كنت أسمع كثيرا عن قضية العفو عنى مع عدد آخر من المتهمين على ذمة قضايا مختلفة، لكننا كنا نتعامل معها داخل السجن على أنها مجرد شائعات فقط تتردد بين الحين والآخر.

** وكيف ترى قرار العفو الرئاسى الصادر عنك؟

للأسف، أرى أننى تمت معاقبتى على شىء لم أقترفه، وتم إصدار حكم ضدى دون وجود أى دليل مادى والمحضر كان متفبرك، ورئيس المباحث وأمن الدولة كانوا يعلمون أنه لا توجد مظاهرة فى هذا المكان فى ذلك التوقيت، الذى ألقى عليه القبض فيه، واخترعوا مظاهرة فى المكان الذى كنت أتواجد فيه، وأكثر ما يدهشنى أننى لو كان صدر حكم فى المظاهرة، التى شاركت فيها كنت خرجت بالبراءة مع من تم القبض عليهم، رغم اعتراضى على قانون التظاهر، لكن للأسف دخلت السجن على جريمة لم أقترفها، وأريد أن أقول إن السجن يضم أطيافًا عديدة من بينها الإخوان والجماعات الإسلامية وأيضًا المظلومين المحكوم عليهم بأحكام كبيرة.

** لكن ألم يكن هناك أية مؤشرات أو دلائل لديك قبل العفو بصدور هذا القرار؟

كانت هناك أخبار متواترة أسمعها كما يسمعها غيرى من المسجونين، أننى سأخرج قريبا وأن اسمى موجود ضمن قوائم العفو الرئاسى، وسبق أن سمعت تلك الأحاديث فى 25 أبريل الماضى، لكننى كنت أتعامل معها بأنها نوع من الامتصاص للغضب الشعبى فقط، وأننى لن أخرج إلا بعد انتهاء فترة سجنى والعقوبة التى أقرتها المحكمة.

** وما ملابسات القبض عليك؟

كنت أشارك فى وقفة صامتة على كوبرى قصر النيل لإحياء ذكرى محمد محمود للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، وبعد انتهاء الوقفة، قررت أنا وصديق لى زيارة والد الشهيد جيكا، وبعد انتهاء المقابلة، جلسنا على أحد المقاهى وكان وقتها يوجد تجمع كبير من رجال المباحث وأفراد الأمن، فأوقفونى وطلبوا منى البطاقة، ولم تكن البطاقة بحوزتى وقتها، فتحفظوا علىّ فى محل صغير، وبدأ الضابط يجرى اتصالاته، وطلبت منه إجراء مكالمة هاتفية بمقربين لى من أجل إيجاد ضامن لى، لكنه رفض وقال لى "اعملها فى القسم أول ماتروح"، وبعدها اقتادنى إلى القسم للكشف علينا، وحينما ذهبت للقسم فوجئت بأنهم يقومون بـ"تقييدى من يدى ووضع شاش على عينى"، وبعدها تم التحقيق معى من قبل رجال مباحث أمن الدولة، ولم أكن وقتها أعرف أين مكانى؟ والقسم كان ينكر باستمرار مكان تواجدى، وفى صباح اليوم التالى تم اقتيادى للنيابة، وكان انتصار بالنسبة لنا أننا نظهر فى النيابة  لأن المقربين منى سيعلمون أخيرًا مكان تواجدى، وفوجئت أن قضيتى تم إصدار حكم فيها بعد أسبوعين فقط من المحاكمة، وصدر حكم بمعاقبتى بالحبس لمدة عامين، وتم إيداعى فى سجن العقرب شديد الحراسة.

** وهل العقوبة التى وقعت عليك كانت تستدعى أن يتم إيداعك فى سجن العقرب شديد الحراسة؟

هذا الأمر كان أكثر ما أدهشنى وجعلنى أستغرب مما يحدث، لأن القضية برمتها كانت جنح، والمفترض أن يتم إيداعى فى أى سجن طبيعى وليس سجن شديد الحراسة، لأن قضايا الجنح لا يكون فيها سجن شديد الحراسة، لكننى فوجئت بمجرد صدور حكم ضدى تم ترحيلى إلى سجن 15 مايو وهو سجن طبيعى، وتم وضعى فى زنزانة تأديب أنا وثلاثة آخرين، وجلسنا بالملابس الملكية لمدة 15 يومًا، وكنت وقتها بدأت الإضراب الجزئى فى القسم وحينما روحت للسجن حولته لإضراب كلى، واستمريت فى الإضراب لمدة 18 يوما، وكان يوميا يمر علينا ضباط المباحث ومعهم دكتور للكشف علينا، وكنت أبلغ يوميا برغبتى فى إجراء محضر، لكن طلبى كان يقابل بالرفض طوال الوقت، ولم يكن هناك أى استجابة، وفوجئت فى يوم أن لواء فى مصلحة السجون جاء إلى وسألنى عن سبب الإضراب، فقولت له: "أنا ماعنديش مشكلة مع إدارة السجن لأنها ليست السبب فى وجودى هنا، ولكن أنا مشكلتى مع النظام والحكم ومستغرب من وجودى هنا، أنا محتاج أروح سجن عادى زى الناس يكون فيه من حقى التريض وغيرها من الأمور"، فرد على "ماتقلقش وتأكد أنه لم يتعد علينا أحد"، وقالى إنه هيتم نقلنا لأحد سجون طرة، وسيحرك ترحيله مخصوص لنقلنا"، لكننى فوجئت بأننا موجودون أمام سجن العقرب شديد الحراسة "2".

** وهل تعرضت لأى نوع من التعذيب أو الإهانة داخل السجن؟

لا أريد الخوض فى هذه القضية، لكن كل ما أريد أن أقوله إن المعاملة فى البداية لم تكن ظريفة على الإطلاق، ولكن بمجرد أن بدأت وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية الحديث عن قضيتى تغير الأمر.

** وهل كان يتم منع الزيارات والأدوية والكتب عنك؟

كان يتم منع الكتب والأوراق عنى، ولكن الزيارات لم تكن ممنوعة وكانت متاحة طوال الوقت، باستثناء مرتين فقط لأسباب داخل السجن، وأريد هنا أن أشير أن إدارة السجن كانت محترمة للغاية، وأدلل على ذلك بأن رئيس المباحث فى السجن كلما رأنى كان يقول لى: "إنت بتعمل إيه فى السجن ومش عارف إزاى إنت جيت هنا وأنا مستغرب إن واحد زيك موجود هنا"، لكن الحمد لله عدت على خير، وإدارة السجن كانت مشفقة على حالتى، وأريد أن أشير أنه كان هناك العديد من الجهات الحقوقية حاولت أن تزورنى داخل السجن، ولكن تم منعهم مثل لجنة الاتحاد الأوروبى والألمانى.

** كُرمت فى ألمانيا خلال فترة عملك.. فما أسباب التكريم؟

كنت أعمل فى مستشفى جامعة فرانكفورت "جوته الجامعى" بألمانيا،  فى قسم جراحة الأوعية الدموية مع أحد أكبر الجراحين فى العالم يدعى "توماس ليكثين"، ورأت إدارة المستشفى أنى أعمل بشكل جيد وإيجابى فقامت بمنحى شهادة تكريم وشكر على جهودى فى المستشفى. 

** وكيف ترى التناقض بين تكريمك فى ألمانيا وسجنك فى مصر؟

للأسف، لدينا فى مصر العديد من النماذج الإيجابية، كما أن الشباب يريدون بالفعل مستقبل أفضل لتلك البلد، لكن ما يحدث يسىء لصورة مصر فى الخارج ويضر بها، وكان من المفترض أن يسعى النظام لتقديم صورة عن استقرار الأوضاع فى الدولة، لكن للأسف ما يحدث يضر بصورتنا، كما أن رد الفعل العالمى سلط الضوء بشكل كبير على تلك القضايا.

** هل ترى أن هناك أزمة ثقة وفجوة بين الشباب والدولة فى الوقت الحالى؟

هناك مشكلة كبيرة بالفعل حاليا فيما يتعلق بالشباب، لأنهم بالفعل يريدون تحسين أحوال البلد، لكن دائما ما ينظر إليهم أنهم يريدون هدم الدولة، والمشكلة الحقيقية أن هناك خطأ إدراكيا من قبل النظام، ويجب أن نتوقف عن اتخاذ ذلك الموقف العدائى من الشباب، وأرى أن الدولة بحاجة ماسة لاستقرار سياسى من أجل جذب الاستثمارات.

** وهل ستعود لألمانيا مرة أخرى بعد الإفراج عنك؟

نعم، أجهز أوراقى حاليا من أجل السفر، ولا أعلم إذا كنت سأعود لعملى مرة أخرى من عدمه، وأريد أن أشير أنه جاءنى العديد من العروض من مستشفيات أجنبية من أجل العمل بها خلال فترة تواجدى فى السجن، وأحاول حاليا استيعاب أننى خرجت وترتيب الأمور وإنهاء أوراقى.

** وما رسالتك للنظام الحالى؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل