المحتوى الرئيسى

"الوفد" تكشف ألاعيب المأذونين بقسائم "زواج السُنة"

11/24 16:23

"زواج السُنة".. عادة توارثتها الأجيال وأصبح الكثير من الناس يمارسونها بشكل كبير، خصوصًا في القرى والأماكن الفقيرة، الذي يكتفي فيه كبار العائلتين بقراءة الفاتحة، ظنًا من الآباء بأنهم يسعون لصالح أولادهم، وفي حقيقة الأمر أن هذا الزواج ربما يكون نهاية الزوجين، فهو زواج غير موثق بجهات الدولة، فضلًا عن اختلاف علماء الدين حول شرعيته.

ربما لا يعلم الكثيرون تفاصيل حول هذا النوع من الزواج، وعن كم المخاطر التي تواجهها الفتاة، لذلك اقتحمت "بوابة الوفد" هذا العالم لمعرفة لماذا يلجأ العديد من الأهالي بالقرى الفقيرة والأرياف لهذا الزواج، وكيف يقوم الشيوخ والمأذونون بعقد هذا القران، على رغم عدم قانونيته.

في هذا السياق، تقمصت "محررة بوابة الوفد" دور فتاة تبلغ من العمر 17 عامًا تود الزواج بأسرع وقت، وترددت على أكثر من مأذون لمعرفة رأي الشرع، وبدأت الجولة بمنطقة الدقي.

مأذون الدقي: "معنديش مشكلة في العرفي"

اعتقدت أن زواج السنة سائد في القرى والنجوع الفقيرة، ولكن اكتشفت أن الحال لم تقتصر على تلك الأماكن فقط، ففي منطقة الدقي التي تعد من أرقى أحياء الجيزة، وداخل مكتب مأذون، اكتشفت أن هذا النوع من الزواج موجود بالفعل، فاتجهت إليه بعدما قرأت لافتة بوجود مأذون شرعي في أحد الشوارع، كفتاة في سن الـ17 ترغب في الزواج سريعًا من أجل السفر مع خطيبها، فلجأت إليه لمعرفة التفاصيل والأوراق المطلوب لإتمام الزواج.

فبادرته بالحديث "أنا عندي 17 سنة وعايز أتجوز خلال السنة دي، وسمعت أن ينفع أتجوز "سُنة.. إيه المطلوب؟".

ليرد "الجواز ده مشهور في القرى والأرياف، ودايما بيتزوجوا بالشكل ده، لكن أنا مش بكتب لأن الطريقة دي "شمال"، رفض المأذون في بداية الأمر الحديث عن زواج السنة، وبعد إلحاح وتصميم بدأ يبدي رغبته في الموافقة وفتح مجالًا للحديث.

وقال: "الجواز ده شرعي بس المشكلة في السن، وهتقابلك مشاكل بعدين، بس لو والدك عارف ومعندوش مشكلة اتجوزي بالطريقة دي".

واستكملت حديثي معه "يعني حضرتك تقدر تكتب"، ليرد "أنا ممكن أكتبلك من بكره و لو عايزه محامي يكتبلك ويشهر الزواج في المسجد مفيش مشكلة".

غادرت المكتب وأدركت أن الأزمة ليست في تفكير الأهالي فقط وإنما في كل من المأذون ورجال الدين، وفي النهاية الضحية واحدة وهي الفتاة. 

العقد بـ400 جنيه يا "بلاش"

وفي منطقة المهندسين توجهت لأحد المساجد المشهورة لمقابلة مأذون عمومي يعمل إمامًا وخطيبًا، يقوم بعقد هذا النوع من الزواج.

 بدأت حديثي معه "أنا سمعت أن حضرتك بتكتب سُنة، وأنا جايه أسأل عن التفاصيل وعن الفرق بينه وبين الزواج العادي".

 ليجيب: "زواج السنة حلال ولا خلاف عليه، لكن الفرق بينه وبين الزواج العادي هو السن، لأن الدولة لما حددت سن الزواج عمل مشكلة، ومعرفش السبب إيه، ومادام العقد بعلم الأب أو الولي فهو حلال"، وعن المبلغ الذي يحصل عليه قال " أنا باخد في عقد السنة 400 جنيه بس في الأماكن البعيدة وبره بأخد أكتر".

على رغم أن كتابة عقد القران تمثل مصدر رزقه إلا أنه قام بتنبيهي لبعض المخاطر التي سأتلقاها بعد الزواج، فسألته "هل في مشاكل ممكن أواجهها وتعمل لي أزمة".

 ليجيب: كوارث وليست فقط مشاكل تنتج بسبب الزواج بهذه الطريقة، منها عدم حق الزوجة في الميراث حال وفاة الزوج، إضافة إلى عدم حصولها على مستحقاتها بعد الانفصال بسبب عدم وجود طلاق رسمي، لعدم وجود وثيقة زواج من الأساس، يمكن للزوج في أي لحظة أن ينكر زواجه من الفتاة ويتبرأ من العقد والتوقيع، فتدخل الزوجة في قضايا ومتاهات ليست لها آخر؛ لذلك يقوم الأهالي بالأرياف بكتابة وصل أمانة لضمان حقوق الابنة.

استكملت حديثي معه ليفاجأني بما قاله حول حيل المأذونين وألاعبيهم أثناء عقدهم لتلك العلاقة المقدسة: "ممكن مأذون يجيلك ويطلب منك 2000 أو 2.500 عشان يعمل عقد رسمي ويقنعك أنه سليم وهي لسه مكملتش السن القانونية، لكن مش متسجل في السجل المدني، وهيتقبض على المأذون لو راح يسجله في السجل المدنى، وهتحطي نفسك في مشاكل مالهاش آخر".

 ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحد بل من الممكن أن يعقد المأذون زواجًا باطلًا من خلال الاستعانة بوكيل آخر للعروس غير الوالد، فيقول: "في ناس كتير ممكن تعقد وميكنش والد العروس هو الوكيل، فيستعينوا بأقاربها، أو بأي شخص آخر من دون علم الأب، وفي هذه الحالة يكون العقد غير صحيح، وفي نماذج كتير بتعمل كده".

تروي سميحة محمود، إحدى أقارب ضحايا زواج السنة، أن ابنة خالتها تزوجت في سن صغيرة قبل أن تتم السن القانونية بحوالي 3 سنوات، وعندما أنجبت طفلها حدث خلاف بينها وبين زوجها، ورفض توثيق عقد الزواج إلا بعد أن تتنازل له عن حضانة الابن ومستحقاتها الزوجية.

قالت انتصار السعيد، مدير مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون والحقوقية، إن زواج القاصرات، أو كما يطلق عليها الكثيرين "زواج السنة"، هو زواج عرفي يقام على يد مأذون وسط إشهار بين الأهل والأقارب، مضيفة أنها بمثابة جريمة بحق الفتاة قبل الرجل، لأنه لا يمنح الفتاة أي حقوق من نفقة أو مستحقات حال طلاقها، فهو غير موثق بالدولة.

وأشارت السعيد إلى أن الأهل يقومون بكتابة ورقة لمحتويات الشقة بمبلغ باهظ "القايمة"، أو توقيع العريس "شيك على بياض"، لضمان حق الابنة بحسب تفكيرهم، موضحة أن الحق الوحيد التي تكتسبه الفتاة حال طلاقها هو نسب الابن للأب فقط.

عزة هيكل، عميد اللغة والإعلام بالأكاديمية العربية، وعضو المجلس القومي للمرأة سابقًا، أكدت أن مصطلح زواج السنة ما هو إلا تبرير للجريمة التي يرتكبها الأهالي في حق أبنائهم، فالزواج الشرعي الذي يمارسه الجميع هو على سنة الله ورسوله، أما هذا النوع فيجب عدم إطلاق عليه "سنة" فهو ضد الشرع والقانون وليس سنيًا.

واستكملت هيكل، أن زواج الفتاة في سن صغيرة سيسبب لها الكثير من الأمراض؛ لأن نموها لم يكتمل بعد، كما أنه سيضر المجتمع أيضًا، لأنها لن تفيد المجتمع و لا أسرتها بشيء، فهي لا تزال طفلة لا تدرك ما يدور حولها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل